شهدت المشاريع العقارية الكبرى إزدهارا في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي على وجه العموم وفي سلطنة عمان على وجه الخصوص وذلك نتيجة للارتفاع الأخير في أسعار النفط وما تلى ذلك من إرتفاع في معدل السيولة. وتندرج العوامل المؤدية إلى هذا الإزدهار كما يلي:
• بلغ عدد سكان عمان 2.5 مليون نسمة في العام 2005، أي بنسبة زيادة بلغت 3.8 في المائة عن العام 2004، حيث بلغ عدد السكان آنذاك 2.4 مليون نسمة. وتتميز عمان باتساع فئة الشباب إذ أن 66.7 في المائة من مجموع السكان هم ما دون سن الـ 24 عاماً مما يزيد معدل الطلب على الإسكان.
• شهد القطاع العقاري إنتعاشاً ملحوظاً نتيجة للإزدهار الإقتصادي وإرتفاع معدل السيولة. ومع زيادة العائدات، يظل القطاع العقاري واحد من أكثر القطاعات إستقطاباً للإستثمارات في عمان. أخيراً وليس آخراً، إن السيولة المحلية التي تتمتع بها البلاد كانت نتيجة مباشرة للتغيرات الحاصلة على الجبهة النفطية. كما ساهم إرتفاع عائدات النفط ومضاعفة الفائض الإجمالي في ميزان المدفوعات في زيادة السيولة في السوق العمانية.
• أفاد توسع الإقتصاد العماني وتدفق العمال الوافدين القطاعان التجاري والسكني حيث شهد توظيف العمال الأجانب في القطاع الخاص زيادة هائلة. فبلغ عدد هؤلاء العاملين 510,713 عاملاً في العام 2006 مقارنة مع 424,788 عاملاً في العام 2005. كما ازداد الطلب على المساحات التجارية عالية الجودة نتيجة لتحسن الأوضاع الاقتصادية، بينما انخفض الطلب على المكاتب وسجلت الإيجارات التجارية إرتفاعا ملحوظا.
• حتى وقت قريب، كان متاح للمواطنين الخليجيين والكيانات الخليجية فقط (التي يمتلكها مواطنون خليجيون بالكامل) تملك أراضٍ في عمان بموجب القرار 12/2004، ولم يكن بإستطاعة الوافدين من خارج دول مجلس التعاون الخليجي شراء أراضٍ في عمان. إلا أن القرار الملكي 122006 وسع حقوق ملكية الوافدين لتشمل الأجانب من خارج القطر الخليجي أيضا.
• قامت الحكومة بتنشيط قطاع السياحة كعامل مساعد للتنويع الاقتصادي، كما اتخذت العديد من الإجراءات لإنعاش هذا القطاع بداية بتأسيس وزارة السياحة في العام 2004. ويمثل قانون التملك الحر للعقارات والذي يسمح للأجانب بتملك العقارات في المناطق المخصصة للمشروعات السياحية، علامة أخرى تدل على التزام الحكومة بإحياء هذا القطاع. وتقوم أيضا الحكومة بمنح أراضي مدعمة للمستثمرين الكبار من أجل إقامة المشاريع السياحة، وهو ما شجع على إقامة عدد من المشاريع السياحية في عمان مثل مشروع الموج، مشروع بلو سيتي، مشروع ملعب جولف مسقط والنادي الصحي ومدينة يتي.
بلغ رأسمال "مشروع الموج" 800 مليون دولار أمريكي وهو مشروع إستثماري أقيم على واجهة بحرية طولها 7.3 كلم غرب العاصمة مسقط، وهو مشروع مشترك بين إستثمارات الواجهة المائية العمانية التي مثلت الحكومة العمانية، شركة الصناديق الاستثمارية الوطنية وشركة إستثمارات ماجد الفطيم في اللإمارات العربية المتحدة. ومن المقرر إقامة هذا المشروع على مرحلتين تتضمن الأولى إستصلاح الأرض، تأسيس البنى التحتية وتطوير الموقع الذي سيتضمن ملعب غولف بـ 18 ثقب ومرفق مائي. أما المرحلة الثانية سوف تتسم بإقامة الفنادق، الفلل، الأبراج والشقق الفخمة، فضلاً عن المراكز التجارية المفتوحة والمطاعم.
اما مشروع بلو سيتي “Blue City” الذي بلغ رأسماله 10 مليارات دولار أمريكي فسيقام في بركاء، وسيتم العمل به على مراحل متعددة خلال السنوات 10-15 القادمة. ويتألف المشروع من عدد من الفنادق والمراكز السياحية وغيرها من المنشآت التعليمية ،الصحية ،الرياضية والمائية حيث من المنتظر أن تستقطب بلو سيتي Blue City أكثر من 200,000 نسمة.
هذا وتم التوقيع مؤخراً على إتفاقية جمعت الحكومة العمانية وشركة دبي للعقارات الدولية تنص على إقامة مشروع سياحي مشترك في يتي في مسقط. ويعد المشروع بكافة عناصره المتعددة، مشروعاً سياحياً متكاملاً يمتد على اكثر من 2.6 مليون متر مربع ويتضمن فندقاً على الشاطئ، منتجعاً صحياً وآخر في الجبل، ملعب غولف، مرفأ يخوت، فلل سكنية ومرافق سياحية.
ويعد مشروع ملعب جولف مسقط والنادي الصحي “Muscat Golf & Country Club” وجهة سكنية وترفيهية خمس نجوم، تعمل على تأسيسها الشركة العالمية العملاقة للبناء لاينج أورورك (Laing O’Rourke) وهي قائدة المشروع، وستشرف على بناءه بأكمله وعلى كافة التحضيرات الازمة لإتمامه. ويتضمن المشروع الذي حظي بموافقة وزارة السياحة العمانية، شققاً سكنية بغرفتي نوم وبيوت بثلاث غرف نوم وفلل بثلاث، أربع أو خمس غرف نوم، ملعب غولف، نادٍ وفندق خمس نجوم ومراكز إستجمام وتسوق. ويقع المشروع بمحاذاة مطار السيب الدولي مما يسهل على المسافرين الوصول إليه. والجدير بالذكر أنه من المتوقع الإنتهاء من العمل بهذا المشروع في العام 2009.
لا يزال القطاع العقاري في عمان يشهد المزيد من النمو. حيث أشارت آخر البيانات الصادرة عن وزارة الإقتصاد الوطني، إلى ارتفاع عدد العقارات الإجمالي من 35,414 في العام 2004 إلى 71,263 في 2005 أي بزيادة 101 في المائة. قد شكل القطاع السكني الحصة الأكبر بنسبة 83.2 في المائة من إجمالي العقارات للعام 2005 مع الإشار إلى أن 42 في المائة منها يتركز في العاصمة مسقط.
وبالرؤية المستقبلية للسوق العقاري في عمان، تنعم البلاد ببيئة إقتصادية صحية والتقدم المطرد باتجاه التنويع الاقتصادي. كما أن إرتفاع أسعار النفط المدفوعة بارتفاع معدل السيولة ساعدت على تحسن وإنعاش الإقتصاد. بالإضافة إلى أن عمان تعد أكثر دول المنطقة إستقراراً على الصعيد السياسي مما يساعدها على جذب الإستثمارات الأجنبية.
ومن المتوقع أن يدعم القرار الملكي القاضي بالسماح للأجانب بتملك الأراضي في مناطق سياحية، النمو العقاري في البلاد. وبناء على هذا القرار، يبدو مستقبل المشاريع كبرى " كمشروع الموج، مشروع بلو سيتي، مشروع ملعب جولف مسقط والنادي الصحي، ومدينة يتي" مشرقاً في ظل التوقعات المشيرة إلى رفع مستويات الطلب على العقارات.
وبالإضافة إلى ذلك، تبقى سوق عمان من أهم الأسواق المنافسة من جهة الأسعار بالمقارنة مع دول مجلس التعاون الخليج الأخرى حيث أنه على الرغم من إرتفاع أسعار العقارات إلا أن أسعار الأرض في عمان تعد أقل ثمناً من أراضي الدول الخليجية الأخرى. فثمن الأرض في عمان أدنى بنسبة 50 في المائة من الأرض في دبي و35 في المائة من أراضي البحرين، وهذا ما يعطي عمان أفضلية في استقطاب الإستثمارات أكثر من جاراتها من دول مجلس التعاون الخليجي.
كما نتوقع أن يشتعل الطلب على المساحات الصناعية مع الإنفتاح الذي تشهده عمان على الإستثمارات الأجنبية مما سيضاعف الطلب على القطاع الصناعي نتيجة لتدفق الوافدين. وفي هذا الإطار، تسعى الحكومة العمانية إلى تحويل ميناء صحار إلى مركز صناعي إذ يخضع الميناء اليوم لتحولات ضخمة وتطورات في الأنابيب النفطية تقدر كلفتها بمقدار12 مليار دولار أمريكي. ومما لاشك فيه ن الحكومة العمانية تقوم بدعم المشاريع الجديدة إذ منحت عدداً من كبار المقاولين أراضٍ بإجارات سنوية منخفضة بقيمة 0.75 ريال عماني للمتر المربع تسدد على مدى طويل. هذا وتم الإعلان عن خمسة مشاريع رئيسية أهمها مشروع المصفاة في صحار، مشروع الميثانول في صحار، مشروع الأسمدة العماني- الهندي، مشروع الفيرو-كروم ومشروع الأسمدة في صحار. وقد تم البدء بالفعل في مشروعي مصفاة صحار ومشروع الأسمدة العماني– الهندي. هذا ونتوقع متابعة النشاطات في القطاع الصناعي في ظل إلتزام الحكومة العمانية بتحقيق هدفها الطويل الأمد بتنويع الإقتصاد بعيدا عن القطاع النفطي.
وبفضل الإنتعاش الإقتصادي الذي تنعم به عمان، والإجراءات الحكومية السليمة المتعلقة بالإستثمارات الأجنبية، شهدت السوق العقارية تغيراً سريعاً خلال العام، ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة النشاطات العقارية بين المدى القريب والمتوسط. وعلى الرغم من سوء أداء قطاع التجزئة، من المرجح أن تشهد القطاعات العقارية السكنية والتجارية تحسناً بفضل سعة القاعدة السكانية للشباب وإزدهار البيئة التجارية وتدفق الوافدين. وفضلاً عن ذلك، وفي ظل إلتزام الحكومة بسياسة التنويع الإقتصادي، والعمل القائم على إتمام المشاريع السياحية الكبرى، من المرجح أن يسمو قطاعا الصناعة والسياحة من بين الجهات الرابحة ضمن قطاع العقارات العماني.
© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)