قالت مصادر في الحكومة وقطاع الغذاء إن مصر نقلت المسؤولية عن استيراد الزيوت النباتية من الهيئة العامة للسلع التموينية، التي تديرها الدولة إلى مؤسسة حكومية أخرى هي الشركة القابضة للصناعات الغذائية.
وقال مصدر حكومي طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام إن هذا يأتي في إطار إصلاحات أوسع يتم تطبيقها لكبح الإنفاق على دعم الغذاء، الذي يقدر بمليارات الجنيهات.
وقال المصدر لـ"رويترز": "أصبحت الشركة القابضة للصناعات الغذائية الآن مسؤولة بالكامل عن مناقصات شراء الزيوت النباتية، ويسري ذلك منذ تموز (يوليو)، وهذا أكثر منطقية في إطار نظام الدعم الجديد".
وتورد الشركة القابضة للصناعات الغذائية السلع المدعمة للمتاجر التي تبيعها بدورها للناس، وستظل الهيئة العامة للسلع التموينية مسؤولة عن مناقصات استيراد القمح.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من مسؤولي الهيئة العامة للسلع التموينية ووزارة التموين لكن القرار الذي بدأ تنفيذه في تموز (يوليو) تسبب في تأخير شحنة واحدة على الأقل في ميناء مصري انتظاراً لدفع الثمن بحسب ما ذكره تجار.
وبمقتضى النظام القديم كانت الشركة القابضة للصناعات الغذائية وشركة أخرى لشراء السلع هي "ميدي تريد" تعلنان مناقصات استيراد السلع نيابة عن الهيئة العامة للسلع التموينية، التي تقوم في نهاية المطاف بإصدار خطابات الضمان للموردين.
وعند إرساء أي مناقصة حكومية، فإن الشركة التي تبيع السلعة تطلب خطاب ضمان من أحد البنوك المصرية المملوكة للدولة ثم يتم تأكيد الخطاب من البنك، الذي تتعامل معه الشركة.
ومنذ تموز (يوليو) أصبحت الشركة القابضة للصناعات الغذائية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إصدار خطابات الضمان وطرح مناقصات استيراد الزيوت النباتية.
وقال تجار إن شحنة واحدة على الأقل من الزيوت النباتية تم التعاقد عليها في مناقصة سابقة لميدي تريد وصلت إلى ميناء مصري لتكتشف أن خطاب الضمان الخاص بها لن تصدره الهيئة العامة للسلع التموينية وإنما الشركة القابضة للصناعات الغذائية.
وقال تاجر مقيم في القاهرة لـ"رويترز": "أجّلت السفينة تفريغ الشحنة لهذا السبب، حيث يغيب الوضوح بشأن الجهة، التي ستكون مسؤولة عن إصدار خطابات الضمان".
وأضاف أن شحنتين أخريين تواجهان تأخيراً أيضاً في تسلم خطابات الضمان رغم أن الزيوت لم تصل بعد إلى الموانئ المصرية. وقال تاجر أوروبي: "هناك قدر كبير من الغموض في قطاع الزيوت النباتية المصري".
وظهرت في وقت سابق هذا العام تقارير تحدثت عن تأخر مدفوعات مشتريات شحنات غذاء حكومية مصرية. ويواجه الاقتصاد المصري صعوبات جراء أعوام من الاضطراب السياسي في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011.
وقال تجار ومصرفيون في أيار (مايو) إن انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، إضافة إلى تبني البنك المركزي المصري نهجا أكثر حذراً في تخصيص تلك الأموال تسبب في تباطؤ إجراءات سداد ثمن شحنات الأغذية التي تتعاقد على شرائها جهات حكومية.
وقال التاجر المقيم بالقاهرة: "لم يتضح على الإطلاق ما إذا كانت تلك التأخيرات في قطاع الزيوت (النباتية) حالياً تتعلق فقط بمشكلات سابقة أم أنها بسبب التغييرات الأخيرة."
ويعتمد ملايين الفقراء في مصر على الغذاء المدعم. وأحجمت حكومات متعاقبة تعاني شح السيولة المالية عن التصدي لمشكلات نظام الدعم خشية إثارة غضب شعبي.
وخفضت الحكومة المصرية الجديدة دعم وقود السيارات والغاز الطبيعي ورفعت أسعارها بما يزيد على 70 في المائة في تموز (يوليو) في محاولة لخفض عجز الميزانية إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولم يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب عن خفض كبير مماثل في نظام دعم الغذاء لكن هناك إصلاحات يتم تنفيذها منذ نيسان (أبريل) في طريقة تعامل الحكومة مع نظام الدعم في محاولة لتقليص الهدر ومكافحة الفساد.
وبمقتضى نظام جديد يستخدم المصريون بطاقات إلكترونية ذكية لشراء الخبز ونحو 20 سلعة مدعمة من متاجر البقالة في أنحاء البلاد.
وقال خالد حنفي وزير التموين المصري لـ"رويترز" الشهر الماضي إن البطاقات الذكية تأتي عقب نظام النقاط الذي يمنح حوافز للمصريين الذين يشترون الخبز المدعم على قدر احتياجاتهم فقط، وهو ما يساعد على خفض الإنفاق على القمح بما يصل إلى خمسة مليارات جنيه مصري (699 مليون دولار).
وقال نعماني نعماني نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية سابقاً: "تدخل الحكومة كل تلك التغييرات الجديدة تدريجيا إلى السوق.. ما تسبب في ارتباك فيما يخص الإمدادات ربما كانت طريقة إجراء التغييرات في استيراد الزيوت النباتية، إذ إنها لم تتح للسوق توفيق أوضاعها".