الدين الأمريكي يقترب من مستويات الحرب العالمية

تاريخ النشر: 08 مايو 2023 - 07:26 GMT
الدين الأمريكي
تمثال الحرية وورقة بالدولار ورسم بياني هابط. الأزمة الاقتصادية في أمريكا. تراجع الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة. تدهور المؤشرات الاقتصادية الأمريكية. - المصدر: Shutterstock
أبرز العناوين
الدين الأمريكي وصل الى 98٪ وصل من الناتج المحلي الإجمالي
قد يكلف التخلف عن السداد لمدة أسبوع 500 ألف شخص وظائفهم
قد يؤدي تفويت الموعد النهائي إلى إضافة ما يصل إلى 130 ألف دولار لكل قرض عقاري

موعد السداد النهائي 1 يونيو وأعضاء مجلس الشيوخ يسعون لعرقلة التصويت على رفع سقف الدين الامريكي

البوابة – أعلن أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة أنهم قد يعرقلون أي مشروع قانون يهدف إلى رفع سقف الدين الأمريكي دون معالجة "أولويات" أخرى، كما أوردت رويترز.

صرّحت كتلة من 43 جمهوريًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، في رسالة إلى زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر أنهم يعارضون التصويت على أي اقتراح من هذا القبيل.

وفي البيان الذي نقلته رويترز ، أشارت كتلة الشيوخ الجمهورية إلى كون الاقتصاد "في حالة سقوط حر" وسلطت الضوء على أهمية "إصلاحات جوهرية في الإنفاق والموازنة".

كما وذكر البيان أن هذه الإصلاحات يجب أن تكون "نقطة البداية" لأي مفاوضات أو مناقشات في المضي قدمًا.

في وقت سابق، أقر مجلس النواب مشروع قانون لرفع سقف الديون، حسب ما أوردته رويترز، لكن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يعتقدون أن مشروع القانون يجب ألا يعالج مسألة سقف الديون وحدها. علما أن الحكومة الأمريكية وصلت الى سقف الاقتراض في يناير من هذا العام عند 31.4 تريليون دولار.

وفي وقت سابق، أقر مجلس النواب مشروع قانون لرفع سقف الديون، حسبما أفادت رويترز، مع التنويه الى أن المجلس يقوده الحزب الجمهوري.

ويتضمن المشروع الذي أقره مجلس النواب في أبريل خفض الحوافز الضريبية للطاقة الشمسية وخفض الإنفاق بنسبة 22٪ - أو 4.5 تريليون دولار، وهذه بعض الأولويات التي يدفع بها أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون.

مقابل ذلك، سيسمح مشروع القانون الذي مرره النواب بزيادة مقدارها 1.5 تريليون دولار على سقف الدين الأمريكي.

لكن مشروع قانون لا يعالج هذه "الأولويات" لن يسمح الجمهوريون بأن يتم التصويت عليه في مجلس الشيوخ، وفقًا لكتلة أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين.

حتى الآن، لا يبدو أن المبالغ مستحقة الدفع في 1 يونيو قد تم الإعلان عنها.

لكن هذه ليست أول مرة تدخل الولايات المتحدة في صراع حول سقف الدين الامريكي أو يخيم عليها القلق من عدم القدرة على الوفاء بديونها. فقد تم رفع سقف الدين أو تمديده أو تعديله 78 مرة منذ عام 1960، آخرها كان في عام 2011.

تداعيات سقف الدين الأمريكي الحالي

وفقًا لوزيرة الخزانة جانيت يلين ، فإن الفشل في رفع أو تعليق سقف الديون سيؤدي إلى "كارثة اقتصادية ومالية".

فدون ذلك، لن تكون الولايات المتحدة قادرة على دفع فواتيرها.

الدين الأمريكي
وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين اجتماع لوزراء مالية مجموعة اليورو، في المجلس الأوروبي في بروكسل ، بلجيكا ، 12 يوليو 2021. - المصدر: Shutterstock

وأفادت شبكة سي إن بي سي نيوز أن التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة تواجه بالفعل ارتفاعا بالتضخم وزيادة في أسعار الفائدة وعدم إستقرار في القطاع المصرفي.

علاوة على ذلك، فقد سلط كل من مكتب الميزانية في الكونجرس ووزارة الخزانة الضوء على ضرورة سداد مدفوعات الديون في الوقت المحدد للولايات المتحدة.

فإذا لم تدفع الحكومة الأمريكية فواتيرها، ولو لمدة أسبوع فقط، فإن 500 ألف أمريكي سيفقدون وظائفهم، بينما ينكمش الإقتصاد الأمريكية بنسبة 0.6 في المائة، حسب توقعات مكتب الميزانية والخزانة في 3 مايو.

وقدّرت سي إن بي سي أن إستمرار أي سيناريو كهذا لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر من شأنه أن يؤدي إلى "ركود عظيم" من شأنه أن يكلف حوالي 8.3 مليون شخص وظائفهم.

في كل الحالات، سيتم اختراق سقف الدين بحلول الأول من يونيو، مع أو بدون تعديل سقف الديون الذي يقاتل البيت الأبيض من أجله.

الفرق هو أنه في حالة تعديل سقف الدين أو تعليقه، فإن الحكومة الأمريكية ستكون قادرة على اقتراض الأموال التي تحتاجها لتسديد الدفعات اللازمة، المقرر إجراؤها في الأول من يونيو.

أما في حال لم تستطع الحكومة تعديل السقف، فإنه لن يكون بمقدورها إقتراض الأموال المطلوبة لدفع الفواتير المستحقة لصالح آلاف الشركات الأمريكية والمتعهدين والمستفيدين وغيرهم، بما في ذلك الدائنين.

بالنتيجة، سيفقد مئات الآلاف من العمال في الولايات المتحدة وظائفهم وسيعاني الاقتصاد من ضربة قاسية.

كلفة التخلف عن السداد

علاوة على ذلك، فستنخفض سوق الأوراق المالية بنحو 45 في المائة، مما سيؤدي إلى محق مدخرات التقاعد.

وفي أعقاب مثل هذا الانهيار، سوف تتأزم أوضاع الموظفين في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وسترتفع الفائدة على القروض العقارية، بعد أن زادت أكثر من 3 في المائة حتى اليوم.

ففي ديسمبر 2021، بلغت معدلات فائدة الرهن العقاري 3٪ في الولايات المتحدة. لكنها سرعان ما ارتفعت منذ ذلك الحين إلى 6.4٪ في مايو 2023.

إضافة إلى ذلك، فقد توقعت وكالة موديز خسارة 12 تريليون دولار في ثروة الأفراد.

وفقًا لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إذا فشلت الولايات المتحدة في الوفاء بالموعد النهائي المحدد في 1 يونيو، فإن الاقتصاد بأكمله - وصناع السياسة على حد سواء - سيكون "في مناطق مجهولة".

قال كبير صانعي السياسة الاقتصادية في أمريكا في 4 مايو: "ستكون هنالك عواقب مجهولة إلى حد كبير على الاقتصاد الأمريكي".

فالفشل في دفع الفواتير سيؤدي إلى تآكل الثقة في ديون الحكومة الأمريكية، التي يُنظر إليها على أنها حديثة إلى حد كبير "خالية من المخاطر" نظرًا لسجل الدولة المتمثل في سداد ديونها في الوقت المحدد وبالكامل ، في نظر الاقتصاديين.

توضح سي إن بي سي أن التخلف عن السداد قد يؤدي أيضًا إلى انخفاض كبير في قيمة سندات الحكومة الأمريكية.

وحسب "الطريق الثالث" (Third Way)، وهي مركز أبحاث للسياسة العامة مقره واشنطن العاصمة، تأسس في 2005، فإنه التخلف عن السداد، مثلما هو متوق أن تخفق الحكومة بالالتزام بالموعد النهائي في 1 يونيو، يمكن أن يضيف 130 ألف دولار إلى متوسط تكلفة الرهن العقاري على مدة 30 عامًا.

الدين الأمريكي
ساعة الديون الأمريكية اعتبارًا من 8 مايو 2023 7:39 صباحًا بتوقيت جرينتش - المصدر: www.usdebtclock.org

في الواقع، فإن مجرد التخوف من تفويت الولايات المتحدة موعدها النهائي يمكن أن يؤذي الاقتصاد.

في عام 2011، خفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندارد آند بور(S&P) التصنيف الائتماني للولايات المتحدة ، من AAA إلى AA +.

هذا، في حد ذاته، ناهيك عن أي إضطرابات، رَفع تكاليف الاقتراض على الحكومة الأمريكية بمقدار 1.3 مليار دولار، وفقًا لسي إن بي سي.

وحسب تقرير "الميزانية والتوقعات الاقتصادية: 2023 إلى 2033" الصادر عن مكتب الميزانية بالكونجرس، والذي نُشر في فبراير 2023، فإنه من المتوقع أن تصل نسبة الدين الامريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة إلى 195٪ في عام 2053. بينما تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حاليا في أمريكا 98٪.

والأجدر بالتنويه أنها وصلت الى 104% في عام 1945 آبان الحرب العالمية الثانية.

كيف وصل الأمر الى ذلك وماذا بعد؟

يوضح تقرير مؤسسة بيتر جي بيترسون (Peter G. Peterson) أن العديد من القضايا ربما تكون قد ساهمت في وضع الدون الامريكي الحالي في الولايات المتحدة. من بين أهم هذه العوامل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات الشيخوخة، وعدم كفاية نظام الضرائب والإيرادات العامة، حسبما وضحته المؤسسة.

وفقًا لبيانات الميزانية التاريخية لمكتب الميزانية، فقد جبت الدولة ما مقداره 4.89 تريليون دولار من مختلف المصادر والايرادات وأنفقت 6.27 تريليون دولار في عام 2022، علما أن الرعاية الصحية تربعت على عرش تكاليف الخزينة الأمريكية.

لذا، يسعى الجمهوريون الى معالجة جزء من هذه التشوهات في الميزانية العامة لتحسين ميزان المدفوعات الأمريكي وتعزيز مصادر الدخل في الولايات المتحدة، وفقا لمصادر الاعلام الأمريكية.

"لا ينبغي لأحد أن يفترض أن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه حماية الاقتصاد والنظام المالي وسمعتنا من الضرر الذي قد يلحقه مثل هذا الحدث [مثل التخلف عن السداد]"، قال باول.

فقد حذر الاقتصاديون في معهد بروكينغز، وهو مؤسسة فكرية في واشنطن، في تقرير صدر حديثا من أنه حتى تورط الولايات المتحدة الأمريكية في مأزق كهذا، مهما كان قصير الأمد، قد يؤدي إلى "ضرر مستدام - بالامكان تجنبه تمامًا -" ، حسب صحيفة الأخبار المالية العالمية "فاينانشيال تايمز".

وصرح الخبيران الاقتصاديان في معهد بروكينغز، ويندي إيدلبيرغ ولويز شاينر، للصحيفة أن حجم الضرر المتوقع يعتمد كثيرا على الطريقة التي تقوم من خلالها الحكومة بتحديد أولويات مدفوعاتها.