التحالف بين البنوك الاسلامية ضروري لتسعير أدواتها

تاريخ النشر: 23 أبريل 2012 - 08:52 GMT
المجال واسع أمام البنوك الاسلامية لتفعيل الكثير من أدواتها المتمثلة في كثير من أنواع البيوع
المجال واسع أمام البنوك الاسلامية لتفعيل الكثير من أدواتها المتمثلة في كثير من أنواع البيوع

قال الاستاذ الدكتور سامر الرجوب عميد كلية الاقتصاد والعلوم الادارية في الجامعة الهاشمية أن السياسات النقدية تلعب دوراً رئيسيا في التأثير على أسعار الفوائد على القروض والودائع من خلال بث اشارات تتعلق بالتأثير على عرض النقد والتحكم في سعر الخصم ومن خلال أدواتها النقدية المتعلقة بسحب أو ضخ السيولة في الأسواق ورفع أو تخفيض اسعار الفوائد وخصوصا في الدول التي تتبع نظاما اقتصاديا حراً يتأثر -بالاضافة الى اشارات السياسة النقدية- بعوامل الطلب لغايات الاستثمار والاستهلاك والعرض المتمثل بالحافز للاستثمار من خلال الودائع. 

ومضى يقول في توضيحه حول الدور الذي يمكن ان تلعبه السياسات النقدية بتحديد الاسعار خارج نطاق العرض والطلب في دعم عناصر الصيرفة الاسلامية انه في الأردن هناك أكثر من غاية لتفعيل السياسة النقدية من خلال أدواتها تتمثل في التحكم بالتضخم وتقليل الضغط على سياسة سعر الصرف وتحفيز الاستثمار وتشجيع الادخار وتتعدى ذلك في استخدام السندات والأذونات الحكومية وغيرها لتمويل العجز المتراكم في الموازنة ومعالجة الكثير من الاختلالات الاقتصادية -بالتعاون مع السياسة المالية- مثل تضخيم الجهاز الحكومي لامتصاص البطالة والأعداد المتزايدة ممن هم في سن العمل، وضمان استمرار فاعلية سياسة تسعير الدينار، بل وتعدت ذلك الى استخدام أدوات الاصدار لتمويل حاجات موازنة الحكومة من الخارج.

وبذلك اذا نظرنا الى حالة الأردن فيما يخص السياسة النقدية والدور الذي يمكن ان تلعبه في تحديد الاسعار خارج نطاق العرض والطلب في دعم عناصر الصيرفة الاسلامية، فباعتقادي أن البنك المركزي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها الأردن بعيد كل البعد عن لعبة الطلب والعرض فهو يحاول كل الجهد اللجوء الى استخدام كل أدواته لضمان استقرار الدينار في كبح جماح التضخم وتغطية عجز الموازنة في ظل تراجع مؤشرات الانتاج التصديري وسياسة الانتظار والسلبية الاقتصادية وغياب رأس المال الجريء التي تمارسها غالبية مؤسسات القطاع المالي الأردني وأصحاب رؤوس الأموال، وعدم تنوع أشكال الاستثمار. 

ويمضي الدكتور الرجوب مفصلا: أما اذا نظرنا الى الموضوع في ظل ظروف اقتصادية غير استثنائية (مثل التي نعيشها الآن) فيما يخص دور السياسة النقدية في دعم عناصر الصيرفة الاسلامية فالاجابة تكون كالآتي؛ النظام الاقتصادي الذي تتبعه البنوك المركزية في معظم دول العالم هو نظام يترك المجال لكافة عناصر السوق في التفاعل لتخلق اسعار مختلفة لنشاطات اقتصادية مختلفة لكن تحت مباركة بنك البنوك؛ البنك المركزي الذي يلعب دور المراقب والوصي على النمو والتنمية الاقتصادية، وأي تدخل مباشر يمكن أن يؤدي الى كوارث اقتصادية كما حدث في حرب العملات أو حرب الصادرات (أو اي تسمية تريدونها) في الولايات المتحدة الأمريكية قبل وبعد عام 2005 (ولن أدخل هنا في تفاصيل ذلك)، فنظام البنوك المركزية في الأنظمة الرأسمالية حينما وضعت قواعده نادى برجوع الحكومات خلف خط الهجوم والاكتفاء بدور الحكم والمراقب، وتعاملت البنوك والمؤسسات المالية والخدمية والانتاجية على هذا الأساس وسعرت مخرجاتها بناء على ذلك، وعليه في الوضع الطبيعي لا تقدر البنوك الاسلامية أن تعمل وفقاً لهذه القواعد لكن تستطيع -كما هو الحال الأن وفي أغلب البلدان- أن تمارس صيرفتها الاسلامية في ظل النظام الاقتصادي الحالي.

واذا رغبت البنوك المركزية في التشارك في التعاون مع البنوك الاسلامية في الحصول على استقلالية في تكوين نظامها الاقتصادي المكتمل الحلقات فيجب على البنوك المركزية وضع نظام خاص مختلف عن ذلك للبنوك التقليدية، يتمثل في تحديد شكل تبعية البنوك الاسلامية له، والطلب منها (على سبيل المثال لا الحصر):

(1) استحداث آليات تسعير مختلفة (وخصوصا في المرابحة والاجارة)، من دون الاعتماد على السعر السائد بين البنوك التقليدية والتبعية المصرفية للبنوك القيادية فيها.

(2) ايجاد طرق لتخفيض حجم السيولة الراكدة المتراكمة (الممنوعة شرعاً) في البنوك الاسلامية.

(3) عدم المماثلة (المحاكاة) في الشكل الخارجي في بعض أدواتها لتلك المنتشرة في البنوك التقليدية، والمبادرة في ايجاد سلع مصرفية غير تقليدية.

(4) عدم الاستمرار في تحويل مخرجات البنوك التقليدية الى مخرجات بنوك اسلامية بعد وضعها ضمن اطارها الشرعي لأن ذلك يمكن أن يشير الى ضعفها في عرض كل ما هو جديد.

(5) السماح للبنوك الاسلامية في الأردن أو كافة الدول التي توجد بها هذه البنوك باستحداث سعر ترجيحي يتم حسابه يوميا وضمن اطار رياضي محدد تتشارك في وضعه جميع البنوك الاسلامية ليشكل الأساس في تسعير الكثير من الأدوات المصرفية الاسلامية بدلاً من اللجوء مثلا الى (LIBOR أو JODIBOR) في تسعير الصكوك، (على سبيل المثال لا الحصر)، وبذلك تشكل مجموعة هذه البنوك الاسلامية نواة لشبه نظام اقتصاد اسلامي يمتلك استقلالية وحرية أكبر في عملياته.

الدكتور الرجوب سبق ونادى في مقال له في «الدستور» لتبني البنوك الاسلامية ادوات جديدة تولد من رحم الاقتصاد الاسلامي ولكن من اين يبدأ تطبيق هذه الادوات وما هي الاجراءات الرسمية الواجب اتباعها؟.. يقول الرجوب ردا على هذا السؤال: 

المجال واسع أمام البنوك الاسلامية لتفعيل الكثير من أدواتها المتمثلة في كثير من أنواع البيوع ومحاولة فهم المبدأ الذي تعتمد عليه هذه البيوع بطريقتين:

الدخول الى الأسواق العالمية لأخذ حصة بنكية فيها تمهيدا للتعريف بمبادئ هذه الصيرفة، مثل الاستفادة من مبدأ السلم في الدخول الى سوق المشتقات والخيارات وادخال ما يسمى «المشتقات الاسلامية».

استحداث وسائل صيرفة وتمويل واستثمار بعيدة كل البعد عن محاكاة الأدوات في البنوك التقليدية.

العمل على ما ذكرته سابقا في العمل على انشاء تحالف بنكي بين البنوك الاسلامية يجعلها قادرة على ايجاد آلية تسعير أدواتها وخاصة في مجال المرابحة والاجارة والصكوك.