ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات 2,3% في عام 2016 ترتفع النسبة إلى 2,5% في عام 2017، حسب توقعات صندوق النقد الدولي، والتي جاءت في التقرير الثاني للصندوق حول المشهد الاقتصادي الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان 2016.
وتوقع التقرير الذي تم الكشف عن تفاصيله أمس، خلال مؤتمر صحفي عقدة مركز دبي المالي العالمي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، أن ينخفض معدل تضخم أسعار المستهلكين في الإمارات من 4,1% في عام 2015 إلى 3,6% في عام 2016 ثم إلى 3,1% في عام 2017، مشيراً إلى أن الإمارات جاءت ثانية على مستوى الدول الخليجية من حيث نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنحو 38 ألفاً و650 دولاراً في عام 2015 وتعداد سكان 9,6 مليون نسمة، في حين تصدرت قطر القائمة بنحو 68 ألفاً و940 دولاراً للفرد، نتيجة لأن تعداد السكان فيها لا يتجاوز 2,4 مليون نسمة، أما السعودية فقد جاءت ثالثة بنصيب فرد من الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 20 ألفاً و583 دولاراً وتعداد سكان 31,4 مليون نسمة.
ويتضمن تقرير «المشهد الاقتصادي الإقليمي» مجموعة من التقارير الحصرية التي يعدها صندوق النقد الدولي، وتضم بيانات معتمدة دولياً حول الاتجاهات والتطورات التي تشهدها مناطق جغرافية محددة، بما يسهم في تقديم صورة واضحة عن المشهد الحالي والمستقبلي للنمو والتجارة والاستثمار، كما يناقش التطورات الاقتصادية الأخيرة والفرص والتحديات والآفاق المستقبلية. ويمثل التقرير أداة رئيسية ودعوة للعمل تستهدف الشركات وصانعي القرار على حد سواء.
وبحسب التقرير، فإنه على الرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان قادرة على تحقيق نمو بنسبة 3,5%، حيث لا يزال هبوط أسعار النفط والصراعات المستمرة يشكلان عبئاً على آفاق الاقتصاد في المنطقة، خاصة أن أجواء عدم اليقين الناجمة عن الصراعات في العراق وليبيا وسوريا واليمن تتسبب في ضعف الثقة، بينما يؤثر انخفاض أسعار النفط على الصادرات والنشاط الاقتصادي في البلدان المصدرة للنفط، منوهاً بأن البلدان المستوردة للنفط تستفيد من انخفاض أسعاره، وإن كان تراجُع التحويلات التي تتلقاها من العاملين في البلدان المصدرة للنفط يعادل جانباً من هذا الأثر.
وتوقع التقرير أن يصل معدل نمو الاقتصاد غير النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 3% في العام المقبل، ما يعد معدل نمو أسرع من متوسط معدلات النمو العالمية في ظل تباطؤ وتيرة عمليات الاندماج المالي.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن انخفاض أسعار النفط والصراعات الإقليمية المجاورة تؤثر سلباً على الصادرات والنشاط الاقتصادي، وأنه بإمكان السلطات أن تتخذ خطوات أسرع ما هو متوقع في تنفيذ خطط الإصلاح الهيكلي. بالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير إلى حاجة البلدان إلى تسريع إصلاحاتها الهيكلية من أجل تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط والغاز، وتعزيز دور القطاع الخاص، وخلق فرص العمل للقوى العاملة المتنامية لديها.
وقال الدكتور مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إنه من المتوقع أن تبقى أسعار النفط منخفضة على مدى السنوات المقبلة، رغم الزيادات التي شهدناها مؤخراً.
وأضاف:«صحيح أن الدول المصدرة للنفط تتخذ خطوات واسعة نحو تعديل أوضاعها المالية، لكن لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، مؤكداً أنه في حين شهدت البلدان المستوردة للنفط استقراراً في اقتصادها الكلي بفضل السياسات السليمة وانخفاض أسعار النفط، لكن لا تزال تلك البلدان بحاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاح لكي تتمكن من مواصلة نموها وتوفير فرص العمل.
وأشار أحمد، إلى أنه فيما يخص فرض ضريبة القيمة المضافة في منطقة الخليج، فإن التقرير أوضح أنه من المرجح أن يؤدي فرض ضريبة القيمة المضافة والضرائب العقارية، وإلغاء الإعفاءات، وزيادة الضرائب الانتقائية إلى تأثير أقل ضرراً على النمو مقارنة بالبدائل الأخرى.
وذكر أنه للحفاظ على تدفق الائتمان المصرفي، يمكن أن يخفف صناع السياسات مخاطر المحنة المزدوجة الناجمة عن التشديد المتزامن لسياسيات المالية العامة وتوافر الائتمان عن طريق ضمان توافر سيولة كافية في النظام المالي، مثلاً عن طريق خفض الاحتياطيات الإلزامية وزيادة النسبة المسموح بها للقروض إلى الودائع، حسب مقتضى الحال.
ووفقاً لتقرير«المشهد الاقتصادي الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان 2016»، فإن أسعار النفط لا تزال هي المحرك الرئيسي للآفاق الاقتصادية في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان نظراَ لاعتمادها الكبير على إيرادات موازناتها وصادراتها من الهيدروكربونات.
وقال التقرير: إنه وبعد أن وصل سعر البرميل إلى أدنى مستوى له خلال عشر سنوات وبلغ أقل من 30 دولاراً للبرميل في شهر يناير، تعافت أسعار النفط جزئياً ووصلت إلى سعر يتراوح من 40 – 50 دولاراً للبرميل، يدعمه انخفاض الناتج في الحقول النفطية عالية التكلفة وانقطاع الإمدادات من كندا ونيجيريا، والتي فاق تأثيرها الزيادات الكبيرة في إنتاج إيران والعراق.
وأوضح التقرير أنه على الرغم من هذا الانتعاش، لم يحدث تغير كبير في آفاق سوق النفط منذ أبريل 2016، حيث يفترض أن يبلغ متوسط أسعار النفط 43 دولاراً للبرميل في عام 2016 ونحو 51 دولاراً للبرميل في عام 2017، وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يكون أي تعافٍ آخر في أسعار النفط محدوداً، حيث تشير أسواق العقود المستقبلية إلى أن الأسعار ستظل دون 60 دولاراً للبرميل بحلول عام 2021.
ومن جهته قال عارف أميري، الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، خلال الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، إن تقرير صندوق النقد الدولي الذي يستعرض المشهد الراهن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، أصبح يشكل حدثاً أساسياً على روزنامة المال والأعمال، فمن خلال تحديد الفرص والتحديات في المنطقة، يرسم التقرير ملامح المشهد المستقبلي للنمو والتجارة والاستثمار في الفترة المقبلة، ما يجعله أداة مهمة للشركات وصانعي القرار في المنطقة.
إصلاحات أسعار الطاقة
دعا صندوق النقد الدولي، دول مجلس التعاون الخليجي، لأن تواصل التأكد من نجاح واستمرارية إصلاحاتها لأسعار الطاقة.
وقال إن ارتفاع أسعار الطاقة يساعد على إبطاء النمو السريع في استهلاك الطاقة في المنطقة، وسيدعم تصحيح أوضاع المالية العامة، مشيراً إلى أن استهلاك الفرد من الطاقة في دول «التعاون» ليس مرتفعا فحسب، ولكنه يتزايد بسرعة.
وأكد التقرير أن مستجدات إصلاح أسعار الطاقة في الإمارات (والتي يرحب بها الصندوق) شملت إجراء إصلاح في أغسطس 2015 لسياسة تسعير الوقود عن طريق اعتماد آلية لتعديل أسعار البنزين والديزل شهرياً وفقاً للأسعار الدولية.
الخروج البريطاني
عن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على منطقة الشرق الأوسط، يرى التقرير أن تأثير نتيجة استفتاء المملكة المتحدة في يونيو الماضي، التي أيدت الخروج من الاتحاد الأوروبي ظل حتى الآن محدودا على منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان والقوقاز وآسيا الوسطى حيث تراجعت الأسواق المالية في المنطقتين عقب الإعلان عن نتيجة التصويت مباشرة، تماشياً مع التطورات العالمية. واشتمل ذلك على انخفاض أسعار النفط بنسبة 5%، وسجلت البورصات خسائر تتراوح بين 1% و5%.
وذكر أن تصويت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي أدى إلى زيادة عدم اليقين حول الآفاق الاقتصادية العالمية، ولكن من الصعب تقدير الأثر الاقتصادي الكمي لتصويت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة، مسوغاً ذلك بأسباب عدة ليس أقلها عدم اليقين الكبير المحيط بطابع ترتيبات التجارة في المستقبل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، واحتمال حدوث أي آثار تضاعفية من تصويت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي على مدى رغبة البلدان الأخرى في البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وأشار، إلى أن الزيادة الحادة في تجنب المخاطر عالمياً يمكن أن تؤدي إلى رفع تكاليف التمويل الخارجي لبلدان ومصارف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منوهاً بأنه سيكون لتباطؤ النمو في منطقة اليورو نتيجة تصويت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي تأثير كبير على بلدان منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان والقوقاز وآسيا الوسطى، خاصة التي تربطها علاقات قوية بمنطقة اليورو من خلال التجارة وتحويلات العاملين والاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة لاسيما البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان.
اقرأ أيضاً:
النقد الدولي: سياسة الإمارات الاقتصادية تحميها من تراجع النفط
هل اقتصاد الإمارات بحاجة لفرض ضريبة على الدخل الشخصي؟
الإمارات تحتل المركز 15 عالمياً ضمن أفضل 20 اقتصاداً تنافسياً في العالم