توقع مختصون نفطيون أن يشهد الأسبوع الجاري تحسنا نسبيا في مستويات أسعار النفط الخام مدفوعا بأنباء عن قرب عقد اجتماع دولي يضم عشرة منتجين للنفط في آذار (مارس) لبحث أفضل الأساليب للتعامل مع تخمة المعروض الحالية وسبل استعادة التوازن في الأسواق.
واعتبر المختصون أن المؤشرات القوية عن تقلص حاد في الإنتاج الأمريكي نتيجة استمرار توقف الحفارات النفطية قد تبدد المخاوف في السوق من استمرار وفرة المعروض وتدعم في اتجاه تعافى أسعار الخام.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، كلوديو ديسكاليزي مدير شركة "إيني" الإيطالية للطاقة، أن تحرك المنتجين بات خطوة مهمة وعاجلة وقد تأخرت كثيرا ويجب استثمار اجتماع آذار (مارس) المرتقب في تقديم دعم قوى للصناعة ودفع السوق في اتجاه استعادة التوازن.
وأشار ديسكاليزي إلى أن أنشطة الحفر في مجال الموارد التقليدية بالولايات المتحدة تراجعت العام الماضي بنسبة 40 في المائة كما أن الإنفاق على استثمارات المنبع تراجع حول العالم بنسبة 15 في المائة خلال الفترة نفسها.
وأضاف مدير "إيني" أن الانخفاض في الإنفاق الاستثماري سيؤدي دون شك إلى نقص في المعروض النفطي المحتمل في المديين المتوسط والطويل لافتا إلى أن معدلات الإنتاج الحالية تتراجع في الولايات المتحدة وبعض المناطق الأخرى بمعدل يقترب من 5 في المائة سنويا.
وقال ديسكاليزي إن انخفاض أسعار النفط الخام يسهم في تحفيز مستويات الطلب العالمي مشيرا إلى أن الطلب يمكن أن ينمو بمعدل 1 في المائة سنويا وهو ما قد ينجح في تغيير معادلة العرض والطلب في السوق حيث قد يتفوق الطلب على العرض مع الوقت وفي ظل استمرار الظروف الحالية في السوق.
ويعتقد ديسكاليزي أنه من الصعب للغاية التنبؤ بدقة بما سيحدث في السوق المستقبلي أو تحديد فترة يتمكن فيها السوق من استعادة التوازن بشكل كبير، ولكن الأرجح أن سعر النفط سيعود إلى مستوى يراوح بين 80 و90 دولارا للبرميل خلال ثلاث سنوات.
ونبه ديسكاليزي إلى ضرورة أن تمتلك الاستثمارات رؤية مستقبلية للسوق والعمل وفق أجندة تقوم على الثقة بأن تغييرات جوهرية إيجابية ستحدث في سعر النفط والاستعداد لذلك بشكل خاص من خلال تطوير منظومة العمل وتنويع الاستثمارات ورفع الكفاءة وتنمية الابتكار والتكنولوجيا وغيرها من الأدوات اللازمة لاستمرار النجاح والربحية.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، مايك جوردان الرئيس التنفيذي الجديد لشركة "أكسبرو" للخدمات النفطية، إنه تولى منصبه منذ أيام قليلة ويدرك حجم التحديات الواسعة التي تواجه السوق النفطية في هذه المرحلة وسيعمل على تطوير الخدمات النفطية لتكون داعما قويا للاستثمارات في هذه المرحلة الدقيقة.
وأضاف جوردان – الذي انضم إلى أكسبرو في عام 2011 في منصب مدير العمليات – أن تعاون المنتجين في الفترة المقبلة سيكون له مردود جيد على السوق خاصة إذا تم التوافق الكامل على تجميد الإنتاج دعما للأسعار، مشيرا إلى أن توقعات الطلب أيضا جيدة وسيكون أكبر داعم للأسعار في السنوات المقبلة.
وأوضح جوردان أن شركات الخدمات النفطية مطالبة في هذه الفترة أكثر من أي فترة سابقة بالتركيز المستمر على التميز التشغيلي، جنبا إلى جنب مع ضمان السلامة في مراحل الصناعة كافة، مشيرا إلى أن "أكسبرو" حققت عديدا من النتائج الاستثنائية على الرغم من الصعوبات التي واجهت السوق في السنوات الأخيرة حيث ركزت على تنمية الخبرات والمهارات القيادية مع الاهتمام بشكل خاص بالعمل على دفع عجلة العمل بأمان وكفاءة.
ويقول "الاقتصادية"، الفونس كاتر الأستاذ في جامعة هامبورج لتكنولوجيا الطاقة، أن السيطرة على فائض المعروض النفطي أصبحت خطوة حتمية لاستعادة توازن السوق، مشيرا إلى أن تقارب المنتجين في هذه المرحلة يدفع في اتجاه تصحيح الأوضاع في السوق معتبرا أن خفض أو تجميد الإنتاج باتت ضرورة قصوى وقرار لا مفر منه يواجه كل المنتجين دون استثناء.
وشدد كاتر على ضرورة إبعاد الطاقة عن أي خلفيات من الصراعات السياسية في أي منطقة في العالم والدفع في اتجاه التنسيق بين كل المنتجين سواء في "أوبك" أو خارجها والتوقف عن فكرة تبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية من كل طرف على الآخر.
وأشار كاتر أن التباطؤ الاقتصادي في الصين وغيرها من دول الاستهلاك الرئيسية يمثل حجر عثرة أمام نمو الطلب على النفط خاصة أن أغلب اقتصاديات العالم تعانى حاليا تراجع معدلات النمو وهو ما تسبب في ارتفاع مستوى المخزونات واستخدام ناقلات النفط للتخزين أملا في تعافي الأسعار.
وأكد كاتر إلى أن اجتماع المنتجين العشرة في آذار (مارس) والاجتماع الوزاري لـ "أوبك" في حزيران (يونيو) يمكن أن يقدما الكثير في السيطرة على تخمة المعروض ومساعدة السوق على التعافي والتوازن، موضحا أن المرحلة الحالية تتطلب مزيدا من الاهتمام بالتكنولوجيا والكفاءة وتنويع موارد الطاقة والتوسع في الطاقة المتجددة لتجاوز الصعاب الحالية في السوق.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط في ختام تعاملات الأسبوع بفعل مبيعات لجني الأرباح بعد مكاسب قوية على مدى الأسبوع دفعت الخام الأمريكي إلى تسجيل أكبر زيادة أسبوعية في سبع سنوات.
وارتدت الأسعار عن مكاسبها المبكرة وتحولت للانخفاض عقب نشر أحدث بيانات أسبوعية من شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية، التي أظهرت عاشر تراجع أسبوعي على التوالي في عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة وهي بيانات إيجابية للنفط لكن المتعاملين والمستثمرين اختاروا أن يبيعوا لجني الأرباح.
وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 19 سنتا أو ما يعادل 0.54 في المائة لتسجل عند التسوية 35.10 دولار للبرميل بعد أن كانت قفزت في وقت سابق من الجلسة إلى 37 دولارا وهو أعلى مستوى منذ الخامس من كانون الثاني (يناير).
وأنهى برنت الأسبوع المنصرم على مكاسب تزيد على 6 في المائة في حين سجل الخام الأمريكي قفزة 11 في المائة على مدى الأسبوع وهي أكبر زيادة أسبوعية في سبع سنوات.
اقرأ أيضاً:
4 مليارات دولار استثمارات إيني الإيطالية في المرحلة الأولى من حقل “ظُهر” المصري
“إيني” ستبدأ بإنتاج الغاز من حقل “ظُهر” في مصر خلال 2017
إيني الإيطالية تكشف عن 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في مصر