قال خبراء اقتصاديون وماليون ان اعادة التصنيف الائتماني من قبل وكالات التصنيف العالمية للمملكة سواء للاعلى او الادنى يعتمد بالدرجة الاولى على مدى تطبيق الاصلاحات السياسية والتي تترافق مع الاصلاح الاقتصادي . وبينوا في احاديث لـ « الرأي» ان السير بمنهج اقتصادي واضح المعالم وقابل للاستمرار وتبني خطة اقتصادية طويلة الامد تسهم في اعادة وكالات التصنيف الائتماني العالمية النظر في تصنيفاتها للمملكة والتوقف عن اية توقعات سلبية حول مستقبل المملكة الاقتصادي.
وتضمن تقرير صادر عن وكالة «ستاندرد آند بورز» الخميس سيناريوهين لوضع الأردن الاقتصادي، مشيرا الى إن النظرة السلبية ستنجم عن تدهور البيئة السياسية في البلاد إلى جانب عدم تحسن الأداء المالي، أو ملاحظة الوكالة لأي تأخير في تنفيذ الإصلاحات وإنعاش الاقتصاد الوطني. ورغم وجود دفعة جيدة من المنح الخارجية للأردن، إلا أن الوكالة أشارت إلى أن انخفاض المنح الأجنبية عن ما تتوقعه، سيعزز ما أسمته النظرة السلبية للاقتصاد الأردني. وكذلك، إذا ضعف موقف الأردن الخارجي، فإن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى خفض التصنيف الائتماني، وفق «ستاندرد آند بورز».
و بحسب التقرير، فإن النظرة الأخرى للاقتصاد الأردني ستكون مستقرة، في حال نجحت الحكومة الجديدة، في تنفيذ إصلاحات تحقق بيئة سياسية أكثر ثباتاً، وتوفر الدعم للمالية العامة، مثل الحد من الإنفاق الجاري دون الإضرار بالنمو، إلى جانب تعزيز هذه الإصلاحات ثقة المستثمر الخارجي بالاقتصاد المحلي. قالت الوكالة يمكننا أيضاً مراجعة التوقعات للأردن في حال، تم مأسسة علاقة الأردن بدول مجلس التعاون الخليجي، ضمن أطر رسمية تشجع التنبؤ بتوفير الدعم المالي للأردن وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل ان الدول كالافراد هي التي تحدد مصيرها من خلال السياسات الاقتصادية التي تتبعها.
واشار عقل الى ان اعادة التصنيف الائتماني من قبل وكالات التصنيف سواء للاعلى او الادنى يعتمد بالدرجة الاولى على سياسة البلد المعنى ومدى نجاح هذه السياسة في المستقبل . واشار عقل الى ان الدول التي تستطيع وضع سياسة شاملة لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية المتعلقة بالعجز المالي والمديونية لابد لها من وضع خطة اقتصادية . ولفت الى اننا في الاردن لنا وضع اقتصادي خاص يتصف بشح الموارد ولكن يتم تعويض هذا الشح بحوالات الاردنين العاملين في الخارج والدخل السياحي لنصل الى المعادلة السليمة لمعالجة المديونية والعجز موضحا انه يجب البدأ بخطة طويلة الاجل تهدف لمعالجة هذين الامرين معا. وبين الى انه يجب ان نعترف باننا سنواجه صعوبات ومشاكل اجتماعية علينا تحملها لانها الثمن الواجب دفعه لمواجهة التحديات الاقتصادية . واوضح ان السير بمنهج اقتصادي واضحة المعالم والهدف يتصف تطبيقه بالاستمرارية لاشك ان وكالات التصنيف الائتماني ستعيد النظر في تصنيفاتها في المملكة وتتوقف عن اية توقعات سلبية . ولقت الى ان المشهد السياسي في المنطقة له تأثير على التعامل الاقتصادي مع الدول الخارجية مبينا ان المشهد السياسي الداخلي في المملكة مستقر حيث ان هناك ثقة في الاردن والاصلاحات السياسة التي تقدمها. وبين عقل ان علاقات الاردن السياسية مع كل اطراف الربيع العربي من تونس , ليبيا ومصر وحتى سوريا هي علاقات جيدة موضحا ان الاردن يبدي حرصا على تبني علاقات جيدة مع جميع الدول.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة النور للاستثمارات المالية وجدي مخامرة انه اذا حصلت المملكة على دعم مباشر للموازنة العامة لمعالجة مشكلة العجز سيساعدنا الخروج من الازمة التي تعاني منها المملكة .ولفت الى وجوب تبني خطة اقتصادية طويلة الامد من خلال تكليف فريق اقتصادي لايتغير بتغير الحكومات يعمل على علاج الاختلالات الهيكلية التي ساهمت بارتفاع مستويات العجز في الموازنة العامة . واشار الى ان الاصلاح السياسي هو هام للاصلاح الاقتصادي لافتا الى ضرورة تبني اصلاحات سياسية تخدم العملية الاقتصادية والتشديد على دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية ودعم الموازنة.
وقال استاذ علم الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري انه وبلا شك ان الاصلاح السياسي الفعلي يعد مقدمة للاصلاح الاقتصادي ، ووجود قانون انتخاب عادل يؤدي ايضا الى ووجود الاصلاح السياسي ، بالاضافة الى ردم الفجوة بين الشعب والحكومة «. واضاف انه لابد من وجود تعاون مع دول مجلس التعون الخليجي خاصة على المدى القصير ، اما فيما يخص المدى الطويل والمتوسط لابد من العمل على تشجيع الصناعات التعدينية ومحاربة الفساد «. ومن جانبه خالف الخبير الاقتصادي سامر الرجوب ان تكون النقاط المذكورة في التقرير هي فقط القادرة على تحقق الاستقرار بجميع جوانبه. واشار الى ان الاستقرار لا يأتي الا بتوفير الدعم للمالية العامة عن طريق زيادة الضرائب واشراك الحكومة مع القطاع الخاص ، وان جميع الاصلاحات التي ذكرها التقرير من الممكن ان تحقق استقرارا على المدى الطويل ، بما يعادل خمس سنوات فأكثر . واضاف :» ولكن عند زيادة الضرائب لابد للحكومة مراعاة قدرة هذه الزيادة على التأثير قوة الطلب ، الذي سيؤثر بدوره على الاقتصاد، و انه من الممكن للاردن اتباع هذه الاصلاحات بالاضافة الى امور اخرى تطبق على المدى القصير «. وبين ان الاصلاح يأتي عن طريق زيادة الانتاج اما في الصناعات الوليدة او التحويلية ، ومن الممكن التعاون مع الدول الخارجية في هذا الشأن. واوضح انه يجب وجود استعداد لدى دول الخليج للاستفادة من موارد الاردن ، حيث يعتبر الاردن الاهم في توريد رأس المال البشري ومن القاعدة التشريعية والخدمات المقدمة، مشيرا الى ضرورة ان تبدأ دول الخليج بالمبادرة . واقترح الرجوب ان تقوم الجهات المختصة بتشكيل هيئة او لجنة ترسم سياسة لكل وزارة ، وتضع فترة زمنية للعمل على هذه السياسة ضمن اطار زمني محدد، وان لا يتم الحياد عنها ، حتى يصبح لدينا اصلاح اقتصادي.
وبدوره قال استاذ علم المحاسبة في جامعة البلقاء الدكتور معتز السعيد :» في ضوء تقرير ستاندرد اند بورز حول الاصلاح الاقتصادي في الاردن وامكانيات تحسنه في ظل الازمات فهناك نقاط قوة ونقاط ضعف .واضاف :» ان من نقاط القوة التي يتمتع بها الاردن وجود الاستقرار الامني والسياسي، و وجود كفاءات اردنية قادرة على حمل الاصلاحات في الاتجاه الصحيح ، ووجود بعض الموارد الطبيعية ، ووجود سيولة عالية لدى البنوك «. وبين ان نقاط الضعف تتبلور في ارتفاع المديونية وارتفاع العجز التجاري وزيادة نسبة العجز للموازنة ، بالاضافة الى التوتر الموجود في الدول المحيطة . ولفت السعيد انه من الممكن تحليل التقرير بحيث تكون الاصلاحات مناسبة وفعالة ، ان تساعد على وجود نمو اقتصادي استراتيجي يتعلق بالانظمة والتعليمات وبعض القوانين ، ووجود رؤية ييعلق بتحسن البنية التحتية ، كالتغلب على الفقروالبطالة وزيادة معدلات الانتاجية الوجب ربطه مع مشاريع استثمارية رأسمالية كبرى تحسن من السوية الاقتصادية . واشار الى ضرورة حث البنوك على التوسع في منح القروض ، بشروط ميسرة للمستثمرين المتوقعين ، والعمل على جذب مستثمرين خارجيين الى مشاريع تنعكس اعمالها على ارض الواقع ، ولابد من وجود التحفيز والتوجيه ، وبذل الجهد الكافي لتحسين الاستمرار في عملية الاصلاح.
سيف الجنيني وفرح العلان