إجراءات لخصخصة الموانئ السورية ومواجهة بين إدارة المرافئ والنقابات

تاريخ النشر: 08 أكتوبر 2006 - 07:32 GMT

بدات الحكومة السورية، باتخاذ خطوات على طريق خصخصة الموانئ السورية، ومرافق تابعة لها،  فقد أقدمت إدارة الشركة العامة لمرفأ اللاذقية مؤخراَ على الإعلان عن إنشاء صومعة جديدة مع رصيف حبوب مواز لها، إضافة إلى إنشاء أرصفة جديدة مع ساحات خلفية لها في المرحلة الثانية من التوسع وفق النموذج الذي أعده المعهد الروسي «سيوز مورني بروجكت» وذلك بموازاة قرار إدارة المرفأ المذكور بعرض هذه المرافق بعد إنجازها للاستثمار الخاص، ما أثار حفيظة النقابات العمالية البحرية، التي اعتقد قادتها : " أنها خطوات لصالح الغيلان الكبار"،  :" أصحاب النفوذ"، و :" تهديدا لعمال الموانئ الذين يهددهم قانون الاستثمار رقم 10 بالتسريح التعسفي وفقا لارادة أرباب العمل"، هذا وكانت نقابة عمال النقل البحري بمحافظة اللاذقية قد أصدرت بيانا أكدت فيه عدم ممانعتها  من مشاركة القطاع الخاص بما يخص العملية الإنشائية، أما ما يخص الاستثمار فإنها ترى بأن الشركة لديها كافة الإمكانات والتجهيزات اللازمة للتشغيل. مقترحة في الوقت ذاته على الشركة ووزارة النقل العمل على ترميم أي نقص بالإمكانات والشواغر البشرية والآلية والخبرات الإدارية والفنية لكي تقوم بتنفيذ هذه الاستثمارات على الوجه الأكمل.
وأضافت النقابة في بيانها: « بأننا لا نرى القطاع الخاص يمتلك إمكانات أكبر من إمكانات القطاع العام الذي مر على بنائه أعوام عديدة، وأثبت جدارته في إدارة جميع الأعمال الموكلة إليه، لكي يستمر، لا لكي يعطي عمله وتجهيزاته وإمكاناته للقطاع الخاص، ليتم الاستفادة من مردود هذه الاستثمارات على نطاق ضيق، متناسين المكاسب التي تتحقق للفرد والمجتمع ومصالح عمالنا». وطالبت النقابة  الإدارة بحل صعوبات العمل التي تقف في طريق العمال، و برفع مستوى الإنتاجية، مؤكدة على أهمية  القيام بإملاء الشواغر وإجراء الدورات التدريبية اللازمة لرفع مستوى العمال والإداريين، كي يتمكنوا من القيام بأي استثمار مطلوب، وعدم اللجوء إلى القطاع الخاص إلا بالحالات التي وجه بها كتاب القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم والذي ينص على عدم  تلزيم أي عمل من أعمال المرفأ للقطاع الخاص، إلا بعد أن يعتذر المرفأ من عمال وآليات وغيرها عن تنفيذ هذه الأعمال. مع الإشارة  إلى أن شركة المرفأ قامت بإجراء مناقصات واستدراج عروض كثيرة لشراء آليات وتحسين أرصفة وساحات، ليتم وضعه في الخطة الاستثمارية للمرفأ وتطوير المرفأ إضافة  إلى الآليات التي قامت الشركة بشرائها في الآونة الأخيرة، مما يسبب خسارة كبيرة للشركة في حال تلزيم القطاع الخاص بهذه الاستثمارات.
وأشارت النقابة إلى تجربة  شركة التوكيلات الملاحية التي كان يديرها القطاع العام والمنعكسات السلبية التي لحقت بالقطاع العام والعمال من جراء تلزيم القطاع الخاص بها، حيث تم تسريح عدد كبير من عمال الكتبة ،وانعكس مردوده بشكل سلبي على الشركة والعاملين والدولة. حيث كانت واردات شركة التوريدات الملاحية قبل تلزيمها للقطاع الخاص 750 مليون ليرة سورية، هذا المبلغ الذي يذهب حالياً إلى جيوب عدد قليل جداً  من الوكلاء البحريين، إضافة إلى ظهور بطالة مقنعة في شركة التوكيلات بسبب قلة العمل.

من جهة ثانية كانت وزارة النقل قد قامت منذ سنتين يذكر أنه منذ أكثر من سنتين بطرح مشاريع استثمارية لمرفأ طرطوس، وجميعها تصب باتجاه خصخصة أعمال هامة وأساسية فيه، مثل محاولتها خصخصة أعمال التفريغ والشحن وصيانة الآليات، وطرحت إضافة لذلك بعض المشاريع للاستثمار وفق نظام BOT التي أدت لمواجهة مابين ادارة المرفأ والنقابات العملية أسقطتها نقابات العمال على مدار السنتين، لكن وزارة النقل وإدارة المرفأ بضغط من رؤوس كبيرة (حسب نقابة عمال المرفأ في طرطوس) قامت مؤخراً بالإعلان رسمياً عن استدراج عروض أسعار خارجي للشركة العامة لمرفأ طرطوس، بغرض إقامة محطة حاويات وفق دفتر الشروط المالية والحقوقية والفنية والمعد من خبير لدى بنك الاستثمار الأوروبي، وهو الأمر الذي أثار احتجاجات واسعة لدى العاملين في المرفأ، لأن ذلك يعني رفعاَ ليد الدولة عن هذا القطاع، كما سيؤدي استثمار محطة الحاويات من القطاع الخاص إلى إخراج 300 دونما من مساحة المرفأ، علماً بأن المرفأ يضيق بالبضائع الواردة إليه، وأماكن التخزين فيه مليئة ولا توجد مساحات معطلة بالمرافئ، وبالتالي  فإعطاء القطاع الخاص هذه المساحة الكبيرة سيكون على حساب القدرة التخزينية والاستيعابية للمرفأ، و سيؤدي إلى تأخير تفريغ السفن الواردة وما يترتب على ذلك من غرامات تأخير كبيرة سوف تدفعها الدولة بالقطع الأجنبي خاصة وأن هناك الآن أكثر من أربعين باخرة في عرض البحر تنتظر إفراغ حمولتها.
كما أن 300 دونما التي ستخرج من المرفأ لحساب القطاع الخاص هي من أفضل أرصفة المرفأ وأجودها صلاحية، وتقع على أفضل الأعماق الصالحة لاستقبال كافة الحمولات، وبالتالي انعدام إمكانية المرفأ عن استقبال البواخر التي تحتاج إلى مثل هذه الأرصفة والأعمال، كل ذلك حسب النقابات ، سيؤدي إلى خسارة كبيرة لشركة المرفأ بسبب عزوف البواخر عن الورود إليه، كما أنه سيخلق فائضا بالعمال القائمين في أماكن الإيداع لأن مؤسسات القطاع العام المتعاملة مع المرفأ تقوم باستيراد وتصدير بضائعها مع إعفاء البعض منها عن طريق مرفأ الدولة، في حين أن القطاع الخاص لن يقبل بذلك إلا بأجور عالية، مع العلم بأن التعرفة المرفئية جاءت وسطية لكل أنواع البضائع بما فيها الحاويات، وإذا تم الاستثمار فإن أعمال المشولات الصعبة والتعرفة الوسطية الحالية ستكون غير مناسبة لظروف عملها،بالإضافة إلى ما يمكن أن ينجم عن ذلك من تعدد للإدارات داخل المرفأ بشكل يؤدي إلى عرقلة العمل وتضارب في الخطط، نظراً لامتلاء الساحات بالبضائع، وصعوبة حركة الآليات عند دخولها وخروجها من المرفأ وإليه، وسيأتي وجود ساحة للحاويات ليزيد من صعوبة هذه المشاكل وتعقيدها، إضافة إلى توجه بقية القطاعات المتعاقدة مع المرفأ للعمل مع القطاع الخاص مما سيؤثر على دخل الشركة وخسارتها بسبب حرمانها من مصادر دخلها الأساسي.

نقابة عمال النقل البحري في طرطوس وصفت هذا الإجراء بأنه «نوع من الخصخصة ودعم للقطاع الخاص على حساب القطاع العام كما حدث أثناء تجربة شركة التوكيلات الملاحية»، وكانت وجهة نظر النقابة أن يتم إنشاء محطة حاويات بخبرات مرفئية محلية أو عالمية شرط أن تبقى الإدارة والإشراف للشركة العامة، لأن طرح الموضوع للاستثمار سيؤدي إلى تعدد الإدارة بالشركة (مرفأ ضمن مرفأ) وسيفتح الباب لطرح أماكن إيداع أخرى على الاستثمار من القطاع الخاص وبالتالي انعدام إمكانية تأمين الرواتب للعمال.
وأضافت النقابة: بأن «الوضع العام للاقتصاد الوطني بني على أساس الاقتصاد الاشتراكي وأن ما نشاهده هو البدء بأسلوب اقتصادي معاكس (اقتصاد السوق الحر)» معتبرة بأنه ليس هناك من ضرورة لهذه الإجراءات، فالشركة رابحة وتنجز أعمالها بنسبة تزيد عن 100% مطالبة في الوقت نفسه «بدعم المرفأ بالآليات والعناصر الخبيرة وإملاء الشواغر وفتح الملاك لتعيين الخبرات اللازمة أو السماح بإجراء عقود ومسابقات أو عن طريق الشؤون لأخذ حاجة المرفأ من المرشدين والربابنة والبحارة والعمال وغيرهم من أجل إمكانية المنافسة مع المرافئ الجديدة».
وإلى جانب ذلك أصدر اتحاد عمال محافظة طرطوس مذكرة أوضح فيها قلق العمال من المحاولات المتواصلة التي تقوم بها وزارة النقل وإدارة المرفأ لإبعادهم عن العمل وإعطاء الأعمال التي يقومون بها والتي تشكل مصدر عيشهم للقطاع الخاص، مؤكدة في الوقت نفسه تصميم العمال على الدفاع عن مصالحهم والتمسك بها من خلال الإبقاء على شركة المرفأ دون إعطاء أي جزء منها للقطاع الخاص. وأضافت المذكرة: «إن وجود مثل هذا الاستثمار في مثل هذه الظروف سيخلق أضراراً كبيرة للشركة والعاملين فيها، وسوف يقلص دور هذه الشركة في الدخل الوطني باعتبارها شركة رابحة وترفد الخزينة بدخل يتزايد باستمرار، جراء ما يبذله العاملون فيها رغم كل العقبات» وطلبت مذكرة اتحاد عمال طرطوس من الاتحاد العام لنقابات العمال التدخل لدى رئاسة مجلس الوزراء لإلغاء هذا الإعلان وصرف النظر عن هذا المشروع وأي مشروع آخر داخل المرفأ، مؤكدة بأنها «ليست ضد استثمارات القطاع الخاص ولكن خارج المنشآت العامة.

دمشق: البوابة

© 2006 تقرير مينا(www.menareport.com)