ذكر تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي المتخصص في صناعة النفط، أن التوازن في سوق النفط أصبح يتوقف على عاملين رئيسيين، وهما حجم الإنتاج من النفط الصخري الزيتي الأمريكي وسياسات وقرارات الإنتاج في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك".
وقال التقرير إن النفط الصخري الأمريكي الضيق يتفاعل بشكل أقوى وأسرع مع تغيرات الأسعار، مقارنة بمنتجي النفط التقليدي الذين لديهم قدرات أكبر على تحمل تقلبات الأسعار، مشيرا إلى أن الإنتاج الأمريكي يتذبذب ولكنه لن ينتهي.
وأشار إلى أن إنتاج الآبار الجديدة لكل وحدة حفر ازداد بنسبة 40 في المائة سنويا في عامي 2015 و2016، مؤكدا أن ظهور النفط الأمريكي الضيق يمكن أن يفهم على أنه تحول هيكلي طويل الأجل في سوق الطاقة.
وأضاف التقرير أن هذا يفسر سبب عدم خفض أوبك لإنتاجها بسرعة في عام 2014 حينما بدأ النفط الضيق في إحداث تأثير حقيقي في علاقة العرض والطلب وتسبب في حدوث الفجوة الحالية، لكن أوبك اختارت التدخل في الوقت الذي رأته مناسبا في عام 2016.
واعتبر التقرير أن العائق الأكبر أمام استعادة الاستقرار في السوق حاليا يتعلق بمستويات المخزونات المرتفع، مشيرا إلى أنه حتى الآن وخلال هذا العام بلغ متوسط الأسعار 53 دولارا، ويرجع ذلك جزئيا إلى إجراءات خفض الإنتاج الذي قادتها منظمة "أوبك".
وأفاد التقرير بأن استهلاك النفط والغاز الطبيعي والفحم شهد نموا بشكل أسرع من الإنتاج في عام 2016، كما شهد نفس العام زيادة الطلب على النفط الخام بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا.
ونوه إلى أن المخزونات من النفط الخام تسجل حاليا 300 مليون برميل فوق المتوسط في خمس السنوات، مشيرا إلى أن النفط الخام ما زال يكتسب حصصا متنامية في السوق على حساب موارد الطاقة الأخرى، موضحا أن متوسط سعر خام برنت بلغ 44 دولارا للبرميل في عام 2016، بعد أن كان 52 دولارا في عام 2015 وهو أدنى متوسط سنوي منذ عام 2004.
وفى سياق متصل، استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل ارتفاعات سعرية جيدة مدعومة من قوة الطلب في مصافي الصين، وتوقعات تباطؤ نمو الإنتاج الأمريكي في العام المقبل إلى جانب نمو الحفارات النفطية بوتيرة أقل من المتوقع.
وصعدت الأسعار لليوم الثالث على التوالي وسجلت أعلى مستوى في أسبوعين، فيما سجلت الحفارات النفطية الأمريكية أدنى مستوى في شهرين.
ويترقب السوق نتائج اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بمراقبة خفض الإنتاج التي ستعقد في مدينة بطرسبورج الروسية يوم الإثنين المقبل ويراهن كثير على اتخاذها توصيات تفعل جهود خفض الإنتاج، مع ضعف احتمال إجراء أي تخفيضات جديدة على مستوى الخفض الحالي الذي يقدر بـ 1.8 مليون برميل يوميا.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" يوهان جرفنبا؛ مدير شركة "ايلينا" للطاقة في فنلندا، إن نمو الطلب الصيني لتلبية احتياجات المصافي أسهم على نحو جيد في عودة الأسعار إلى الارتفاع، وتغلب هذا الأمر في تأثيره على الزيادات الواسعة لإنتاج كل من ليبيا ونيجيرياالمعفيتين من اتفاق خفض الإنتاج، إضافة إلى تأثيرات الإنتاج الأمريكي الذي بدأ يتباطأ نسبيا وهو ما صب في صالح تعافي الأسعار مجددا.
وأشار إلى أن منظمة أوبك لم تحدد موقفها النهائي من إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا بعدما حققا طفرة إنتاجية واسعة في يونيو الماضي، وذلك على الرغم من دعوتهما إلى اجتماع بطرسبورج الأسبوع المقبل، منوها إلى أن أوبك تتفهم الوضع السياسي الحرج في البلدين، حتى إن تم مطالبتهما بالحد من الإنتاج واستجابتهما لذلك فليس هناك ما يؤكد أن ذلك سيكون له مردود سريع وملحوظ على توازن سوق النفط.
ونوه إلى أن بعض المراقبين للسوق يرون - في المقابل - أن الحد من إنتاج الدولتين -حتى إن كانت إسهاماتهما في المعروض النفطي الدولي محدودة - فإن ذلك سيمثل خطوة على طريق تصحيح الخلل واستعادة التوازن والاستقرار في السوق.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية" الدكتور أبهيشك ديشباند كبير الباحثين في شركة ناتيكس للطاقة، أن عملية خفض الإنتاج ستظل مهمة رئيسية ومتواصلة لمنظمة أوبك، لحين ضبط الإيقاع في السوق والحفاظ على علاقة متوازنة ومستدامة بين العرض والطلب.
ووصف مستوى المخزونات بالتحدي الأكبر الذي يواجه المنتجين، لكنه أشار إلى أنه بدأت بالفعل مؤشرات على تراجع في هذا المستوى، ما يؤكد سلامة سياسات وقرارات أوبك في التعامل مع السوق وإن كانت الوتيرة جاءت أبطأ نوعا ما من المتوقع سابقا.
ونوه إلى أن أوبك تحرص على إرسال رسائل إيجابية في السوق، تعزز مستويات الثقة باتفاق خفض الإنتاج الذي ما زال أمامه الكثير ليحققه في الشهور المقبلة، متوقعا أن يسهم الاتفاق - بفضل المتابعة والتطوير المستمر - في إعادة السوق إلى المسار الصحيح، ودعم نمو الأسعار إلى المستويات الملائمة للاستثمار.
من ناحيتها، أشار لـ"الاقتصادية" شيكاكو أشيجورو؛ عضو فريق الأبحاث في شركة "أوساكا" للغاز، إلى أن اتفاق خفض الإنتاج تحملت السعودية، وما زالت تتحمل، العبء الأكبر بإجراء تخفيضات أعمق وبأكبر حصة بين المنتجين، مشيرة إلى أن التخفيض الروسي كان أبطأ في الوتيرة واستغرق بعض الوقت مقارنة ببقية المنتجين.
وقالت إن النفط الصخري أثبت أنه أكثر مرونة، وأداؤه بعد خفض الإنتاج كان مفاجأة لكثير من المعنيين في السوق، وعلى الرغم من الديون الواسعة التي يتحملها المنتجون الأمريكيون للجهاز المصرفي، إلا أنهم أثبتوا قدرة على الصمود وعلى التواؤم من متغيرات السوق.
ونوهت إلى أن البعض يرى أن تخفيضات الإنتاج في أوبك يجري تعويضها بسهولة من قبل المنافسين خارج الاتفاق، وأنه قد يكون الأفضل لأوبك العودة مرة أخرى إلى الإنتاج بأقصى طاقة ممكنة، ما يضعف الأسعار ويضغط على الإنتاج الأمريكي ويعيده إلى حالة الجمود السابقة ولكن دول أوبك – رغم قدراتها الواسعة على تحمل الأسعار المنخفضة – إلا أن الدول المنتجة بها قد لا تتحمل اقتصادياتها العودة إلى أوضاع 2014 مرة أخرى.
من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس مدعومة بتباطؤ نمو عدد حفارات التنقيب عن الخام في الولايات المتحدة وبفضل قوة طلب مصافي التكرير في الصين.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 11 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة عن إغلاقها السابق لتصل إلى 49.02 دولار للبرميل، فيما سجلت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 46.64 دولار للبرميل مرتفعة بذلك عشر سنتات أو 0.2 في المائة، وتأتي الزيادات الطفيفة عقب مكاسب قوية الأسبوع الماضي.
وكانت بيكر هيوز قد قالت يوم الجمعة، إن الشركات الأمريكية أضافت حفارتي نفط على مدى الأسبوع المنتهي في 14 يوليو ليصل الإجمالي إلى 765 حفارة، ويعتبر ذلك أعلى مستوى منذ أبريل 2015 لكن وتيرة الزيادات تباطأت، وبلغ متوسط الحفارات الجديدة في الأسابيع الأربعة الأخيرة خمسة حفارات وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر 2016.
وفي الصين تشير أنشطة المصافي إلى طلب قوي، حيث زاد استهلاك مجمعات التكرير من الخام في يونيو إلى ثاني أعلى مستوى على الإطلاق مسجلا 46.08 مليون طن أو 11.21 مليون برميل يوميا بزيادة 2.3 في المائة على أساس سنوي ومقارنة بـ10.98 مليون برميل يوميا في مايو، حسبما أظهرت أرقام المكتب الوطني للإحصاءات يوم الإثنين.
وارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، لتواصل صعودها لليوم الثالث على التوالي، مسجلة أعلى مستوى في أسبوعين، استنادا إلى آفاق الطلب في الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط بالعالم، بالتزامن مع تباطؤ نمو وتيرة أنشطة الحفر في الولايات المتحدة الأمريكية في نحو شهرين.
وارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 46.70 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 46.65 دولار، وسجل أعلى مستوى 46.85 دولار الأعلى منذ 5 تموز (يوليو)، وأدنى مستوى 46.49 دولار، فيما صعد خام برنت إلى مستوى 49.10 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 49.00 دولار، وسجل أعلى مستوى 49.24 دولار، وأدنى مستوى 48.88 دولار.
وأنهى النفط الخام الأمريكي تعاملات الجمعة مرتفعا بنسبة 1.2 في المائة، وصعدت عقود برنت بنسبة 1.3 في المائة، في ثاني مكسب يومي على التوالي، بفعل اتساع واردات الصين من النفط خلال النصف الأول من هذا العام.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، حققت أسعار النفط ارتفاعا بنسبة 5.3 في المائة، في ثاني مكسب أسبوعي خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، بفعل تسارع وتيرة انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة.
وفي الصين زادت معامل التكرير إنتاجها في يونيو إلى ثاني أعلى مستوياتها على الإطلاق، إذ بلغ حجم الإنتاج نحو 11.21 مليون برميل يوميا، بزيادة 2.3 في المائة على أساس سنوي، وسجل الإنتاج 10.98 مليون برميل يوميا في مايو.
وفى الولايات المتحدة أعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة ارتفاع منصات الحفر في البلاد بمقدار2 منصة، في ثاني زيادة أسبوعية على التوالي، وبأقل وتيرة نمو منذ أواخر مايو الماضي، ليسجل إجمالي المنصات 765 منصة، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2015.
وكانت الحكومة الأمريكية قد خفضت هذا الشهر، توقعات الإنتاج خلال العام المقبل إلى 9.9 مليون برميل يوميا من 10.01 مليون برميل متوسط توقعات الشهر السابق، في أول خفض منذ أن بدأت الحكومة بوضع التوقعات في يناير الماضي.
من ناحية أخرى، قال مندوب الكويت الدائم لدى منظمة أوبك، إن المخزونات العالمية ستنخفض بوتيرة أسرع خلال النصف الثاني من هذا العام مع ارتفاع الطلب، وأشار إلى أن منتجي أوبك يمتثلون بصورة أفضل لاتفاق خفض الإنتاج.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 46.40 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 45.66 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك الاثنين أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وأن السلة كسبت أكثر من دولار، مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع السابق الذي سجلت فيه 45.11 دولار للبرميل.
اقرأ أيضًا:
إنتاج نفط «أوبك» يهبط للشهر الرابع
أوبك: التوازن في سوق النفط يشهد تقدماً مع توافق المنتجين
أوبك: سوق النفط قد لايتحمل عام آخر من انكماش الاستثمارات