يبدو أن على المراقبين والمحللين الذي تكهنوا كثيرا بأن تتخذ دول أوبك الآن أي خطوات لاحتواء هبوط أسعار النفط الحالي، أن ينتظروا شهرين حتى موعد الاجتماع القادم لوزراء نفط المنظمة ليروا ما إذا كانت أوبك ستتخذ أي قرار حيال تخفيض إنتاجها أم لا. أما على صعيد الأسعار فلا يبدو أن هناك أي قلق لدى بعض المسؤولين في المنظمة منها رغم انخفاضها مؤخرا.
إذ أكد بالأمس وزير الطاقة في الإمارات سهيل بن محمد المزروعي وهي دولة عضو في المنظمة، أنه من السابق لأوانه أخذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي لأوبك خفض سقف الإنتاج المستهدف عندما تجتمع في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
وأوضح المزروعي للصحافيين على هامش مؤتمر عن صناعة الألمنيوم في أبوظبي أن قرار خفض الإنتاج «ليس قرار شخص واحد» وأن أوبك ليست مهتمة بالأسعار بقدر اهتمامها بإبقاء السوق في حالة توازن، وأن تكون الإمدادات كافية.
وأضاف أنه «لا يزال هناك شهران لمتابعة الموقف وبمجرد أن نجتمع سنعمل على أن تلبي إمداداتنا الطلب». وزادت التكهنات بأن تقوم أوبك بخفض الإنتاج بعد أن نقلت «رويترز» الأسبوع الماضي تصريحات للأمين العام للمنظمة عبد الله البدري قال فيها إنه يتوقع أن تخفض أوبك سقف الإنتاج. وكان البدري يتحدث عقب اجتماع مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بعد نزول سعر برنت عن المستوى المفضل لأوبك وهو 100 دولار للبرميل.
ولكن البدري عاد ليوضح يوم الجمعة في تصريحات أخرى نقلتها نشرة بلاتس المتخصصة أنه لم يكن يقصد الحديث عن سقف الإنتاج بل كان يقصد الحديث عن حجم الطلب على نفط المنظمة خاصة وأنه يرى بأن الأسعار ستكون مدعومة في العام القادم مع الانخفاض في إنتاج أوبك نتيجة الانخفاض في الطلب على نفطها في الوقت الذي يتزايد فيه الإنتاج من خارج المنظمة.
وأدت التصريحات التي أدلى بها البدري الأسبوع الماضي إلى خلق نوع من اللبس خاصة وأنه توقع أن ينخفض الطلب على نفط المنظمة بنحو 500 ألف برميل في العام القادم بينما قالت السكرتارية العامة للمنظمة في تقريرها الشهري أن الطلب سينخفض العام القادم على نفط المنظمة بنحو 800 ألف برميل عن السقف الحالي لها والبالغ 30 مليون برميل يوميا ليصبح 29.2 مليون برميل بدلا من ذلك.
وشابهت توقعات البدري في تصريحه الأسبوع الماضي توقعات وكالة الطاقة الدولية هذا الشهر والتي قالت فيها إن الطلب على نفط أوبك العام القادم سيكون في حدود 29.6 مليون برميل يوميا.
وتوقعت الوكالة التي تلعب دور مستشار لدى الدول المستهلكة للطاقة وتتخذ من باريس مقرا لها، أن يكون الطلب على نفط أوبك في مستوى عال في الربع الرابع من هذا العام قدرته بنحو 30.6 مليون برميل يوميا، أي أكثر بـ600 ألف برميل من السقف الحالي لإنتاج المنظمة.
ولدى المراقبين في السوق توقعات أكثر تحفظا فيما يتعلق بكمية النفط التي يجب على أوبك أن توفرها هذا العام. ففي مذكرة إلى عملائها الأسبوع الماضي قالت شركة «سمنز آند كومباني» أن وكالة الطاقة الدولية متفائلة بخصوص الطلب على النفط في العام القادم أكثر مما ينبغي. وتوقعت «سمنز آند كومباني» أن يكون الطلب على نفط أوبك بنحو 30.2 مليون برميل في الربع الرابع من العام الحالي و29.4 مليون برميل في العام القادم.
وإذا ما استمرت أوبك في الإنتاج بالسقف الحالي فإن ذلك سيؤدي إلى تخمة في المعروض النفط العام القادم وهو ما يستلزم أن تقوم دول المنظمة بتخفيض الإنتاج وبخاصة السعودية بحسب ما يراه المحللون إذ إنها أكبر منتج للنفط داخل أوبك والقائد الفعلي لها.
وعلى صعيد أسعار النفط هون وزير البترول السعودي علي النعيمي أول من أمس من المخاوف بشأن أثر تراجع أسعار النفط الخام على إنتاج أكبر دولة في تصدير النفط في العالم. وسألته «رويترز» خلال وجوده في نيويورك لحضور اجتماع دولي للتغير المناخي إذا كان يشعر بالقلق من تراجع الأسعار في الآونة الأخيرة فرد بقوله «لماذا تقلقون على سوق النفط؟» ورفض أن يعقب بأكثر من هذا.
وارتفعت أسعار خام برنت في جلسات تداول يوم أمس بفضل بيانات إيجابية عن النشاط الصناعي في الصين والأخبار عن الضربة العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة وبعض الحلفاء فجر أمس ضد تنظيم «داعش» في سوريا. وظلت أسعار برنت وهو الخام الذي يتم على أساسه تسعير نصف نفط العالم تتداول حول 97 دولارا للبرميل.
وفي الفجيرة، أعرب مطر النيادي وكيل وزارة الطاقة والإمارات بالأمس في حديثه للصحافيين على هامش مؤتمر عن تجارة النفط عن اعتقاده بأن أسعار النفط الحالية عادلة.
وأضاف أن «ارتفاع إنتاج النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة وأماكن أخرى ساهم في إيجاد أرضية لأسعار النفط العالمية». وقال في كلمة له إن «الغاز الصخري ساهم في ظهور خط أساس ستظل أسعار النفط فوقه». وأضاف أن «خط الأساس يبلغ نحو 90 دولارا للبرميل».
وكان مساعد وزير البترول السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان قد أوضح في كلمة له الأسبوع الماضي أنه يرى أن تشكل تكلفة إنتاج النفط الصخري أرضية للأسعار وهو موقف مشابه للموقف الذي عبر عنه النيادي. وردا على سؤال عما إذا كان يتوقع بقاء إنتاج وصادرات الإمارات دون تغيير حتى نهاية العام قال النيادي «لا أعتقد أن هناك تغييرا».