للمرة الأولى في شهر... خام الحديد يتخطى 60 دولارا

تاريخ النشر: 21 أبريل 2016 - 07:39 GMT
سوق خام الحديد لا تزال أمامها فرصة طيبة للانتعاش
سوق خام الحديد لا تزال أمامها فرصة طيبة للانتعاش

ارتفعت أسعار خام الحديد المكون الرئيسي لصناعة الحديد بنسبة 3.2 في المائة، ليتجاوز سعر الطن المتري حاجز الـ 60 دولارا للمرة الأولى منذ شهر، ليصل إلى 61.80 دولار للطن في الأسواق العالمية.

يأتي الارتفاع بعد أن عانى الخام بشدة خلال العام الماضي، حيث انخفضت الأسعار لأقل من 40 دولارا للطن جراء وفرة المعروض، لكن المنتجين أفلحوا في استعادة جزء كبير من خسائرهم مع ارتفاع سعر الخام بنحو 44 في المائة منذ بداية العام نتيجة زيادة الطلب الصيني.

لكن التساؤل المطروح: إلى أي مدى سيتمكن الخام من الحفاظ على أسعاره الراهنة؟ وهل سيشهد المستقبل مزيدا من الارتفاع أم أن التغيرات الراهنة في السوق ستدفع حتما إلى انخفاض الطلب على خام الحديد ومن ثم انخفاض الأسعار؟

ودفعت الوفرة الشديدة في الإنتاج العالمي من الحديد، بوزراء 30 دولة إلى عقد اجتماع عاجل في بروكسل لدراسة الوضع، وتعهدت الصين أكبر منتج للحديد في العالم خلال الاجتماع بخفض الإنتاج.

ورغم ذلك فإن بعض المختصين لا يزالون عند قناعتهم بأن الارتفاع الراهن في أسعار الخام مؤقت، وأن الأشهر الأخيرة من النصف الثاني من العام الجاري، ستشهد تراجعا سعريا ولن يتجاوز طن خام الحديد سقف الـ 45 دولارا للطن.

في المقابل، يدافع آخرون عن الاتجاه التصاعدي للخام من منطلق قيام المنتجين باتخاذ خطوات استباقية لخفض الإنتاج وتعزيز الأسعار، ويقول لـ "الاقتصادية"، سايمون جنكينز كبير المحللين الماليين في بورصة لندن، "إن التطورات المستقبلية إيجابية بالنسبة إلى الخام، فالأسعار ستواصل ارتفاعاتها خلال هذا العام والعام المقبل، والإنتاج العالمي يتراجع وشركة "بي إتش بي" ثالث أكبر منتج لخام الحديد في العالم والمدرجة ضمن بورصة لندن خفضت إنتاجها الأسبوع الماضي بنحو عشرة ملايين طن، وتلك هي المرة الثانية التي تقوم فيها الشركة بخفض الإنتاج خلال ثلاثة أشهر، وبذلك لن يتجاوز إنتاجها هذا العام 260 مليون طن".

وأضاف جنكينز أن "شركة ريو ثاني أكبر منتج لخام الحديد خفضت أيضا توقعاتها بشأن الإنتاج في عام 2017 من 350 مليون طن إلى 330 أو 340 مليون طن كحد أقصى، وقد أسهم ذلك في ارتفاع قيمة سهم الشركتين في بورصة لندن بـ 2.7 في المائة لشركة "بي إتش بي" و3.4 في المائة لـ "ريو تينتو".

ويعكس ذلك التطور في نظر البعض تغيرات استراتيجية من قبل المنتجين، حيث تعمل على أساس توجيه الأسواق بدلا من التفاعل معها في سلسلة متتالية من ردات الفعل، على أمل أن يسهم ذلك في تعزيز المنحنى التصاعدي للأسعار، ومواجهة أي تغيرات مستقبلية في سوق الحديد نتيجة تعهد الصين بخفض معدلات إنتاجها.

لكن عددا من المختصين يشير إلى أن التقليص الراهن في إنتاج الخام على المستوى العالمي غير كاف، والشكوك تحيط بإمكانية الأسواق في الحفاظ على الأسعار الحالية، وأوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور ستيورت كولسون أستاذ التجارة الدولية في مدرسة لندن للاقتصاد، أن الارتفاع الراهن في الأسعار وفقا لكبار اللاعبين لن يستمر طويلا، فقد توقع "جولدمان ساش" الشهر الماضي أن تنخفض أسعار خام الحديد إلى 38 دولارا للطن في المتوسط هذا العام، بينما تقييم "بلومبرج" يشير إلى 45 دولارا للطن، وحتى تقييم "ستي جروب" يشير إلى أن ارتفاع الأسعار سيكون حتى منتصف العام فقط، و"بنك الاستثمار" يتوقع أن تكون الأسعار بين 45 دولارا للطن و39 دولارا و38 دولارا خلال الأعوام 2016 و2017 و2018 على التوالي.

ولكن ما العوامل التي ستؤدي إلى انخفاض الأسعار خاصة أن المعروض في إطار التراجع، يجيب الدكتور ستيورت قائلا، "إن هناك تخمة عالمية في إنتاج الحديد، ومن ثم سينخفض الطلب على الخام، حتى عندما تخفض الصين إنتاجها من الحديد، فإن الطلب على الخام لن يرتفع، والانخفاض الحالي في الإنتاج لا يعود إلى عوامل اقتصادية إنما نتيجة تغيرات في الطقس في أستراليا ما أدى إلى تراجع الإنتاج". وفي الواقع، فإن سوق خام الحديد تشهد مجموعة من العوامل المتضاربة التي تؤثر في التوجهات السعرية للخام، ففي الوقت الذي تواصل فيه الصين زيادة إنتاجها، فإن احتياجاتها في تزايد أيضا، نظرا لتدني نوعية الخام المنتج من مناجمها، ولذلك فهي في حاجة إلى زيادة إنتاجها المحلي للحصول على ذات الكمية السابقة من الحديد، وتغطية العجز عبر الاستيراد.

ونظرا إلى أن أكبر ثلاث شركات منتجة للخام في العالم "آر آي أو، وفالي، وبي إتش بي" وجميعها تمتلك مناجم في أستراليا يجعلها المورد الأساسي للصين لانخفاض تكلفة النقل، فإن أسهم الشركات الثلاث تتحسن في بورصة لندن.

ويعتقد البعض أن سوق خام الحديد لا تزال أمامها فرصة طيبة للانتعاش، إذا نجحت الخطة الحكومية الصينية في تحفيز الاقتصاد الوطني، عبر إنعاش قطاع الإنشاء والتشييد وهو من القطاعات المستهلكة للمعادن بكثافة خاصة الحديد، ما يرفع بدوره الطلب على الخام.

مع ذلك، يرجح إدورد ديدز رئيس قسم المعاملات الدولية في شركة "إل. جي. دي" لتجارة المعادن أن تشهد أسعار الخام انخفاضا حتى مع نجاح خطة الإنقاذ الحكومي الصيني، ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "الأمر لا يرتبط فقط بفائض الإنتاج العالمي الراهن من الحديد".

وأشار إدورد ديدز إلى أن التوقعات المستقبلية بشأن الطلب الصيني من الحديد تراجعت من 1.1 مليار طن الى ما يراوح بين

935-985 مليون طن، بينما إنتاج الصين لا يزيد على 800 مليون طن، إلا أنها وبدلا من تعويض الفائض بالاستيراد من الخارج، تقوم بإعادة تدوير الحديد الخردة المستخدم في صناعة السيارات أو الشاحنات وإنقاض المباني، ولذلك فإن متوسط نصيب الفرد من الحديد في الصين خمسة أطنان، بينما لا يجب أن يتجاوز 2.9 طن، كما أن الحديد الخردة يمثل حاليا 10 في المائة من إجمالي الحديد المستخدم في الصين.

وذكر إدورد ديدز أن المشكلة التي تواجه الشركات المنتجة للحديد الخام تتمثل في ضخامة الاستثمارات التي تمت في هذا المجال على أساس أن الطلب العالمي سيواصل الارتفاع، فقد قفزت استثمارات شركات التعدين من 35 مليار دولا عام 2000 إلى 200 مليار دولار عام 2012، ومن ثم فإن تراجع أسعار خام الحديد سيمثل ضربة مؤلمة للغاية لشركات التعدين، وربما تدفعها تلك المخاوف إلى التنسيق بشكل مشترك أكبر للحفاظ على الأسعار عبر مزيد من خفض الإنتاج.

اقرأ أيضاً: 

أسعار حديد التسليح العالمية تهوي 23 % خلال 4 أشهر

السعودية تخفض سعر حديد التسليح 200 ريال للطن

أسعار خام الحديد العالمية تهبط لأدنى مستوى منذ 10 سنوات

30 دولة في العالم تواجه الإنتاج المفرط للحديد

الإمارات تثبت أسعار الحديد خلال أبريل

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن