عقب أزمة انحدار أسعار النفط منتصف 2014، ركزت دول الخليج على جذب الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات، فضلاً عن توفير مصادر دخل جديدة دون الاعتماد على النفط، أهمها قطاع الاستثمارات المباشرة.
وبعد زيادة ضئيلة لقيمة النفقات الرأسمالية خلال 2014، أظهرت إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “يونكتاد”، أن قيمة الاستثمارات الأجنبية التي استقطبتها دول الخليج بلغت 22.3 مليار دولار نهاية 2015، بتراجع 4.1 مليارات دولار، بينما تعد النفقات الرأسمالية للاستثمارات الأجنبية المباشرة أعلى بـ3 مليارات دولار من أدنى قيمة للاستثمارات الأجنبية التي سجلت في 2013، والبالغة 19.3 مليار دولار.
وعملت البنوك المركزية في دول “مجلس التعاون الخليجي” مؤخراً، على توفير احتياطيات دولية في أصول عالية السيولة، كأذون الخزانة المرتفعة العائد، والسندات الحكومية، والودائع المصرفية، بينما عملت صناديق الاستثمار العامة مثل “هيئة الاستثمار الكويتية”، ومثلها البنوك المركزية، كمؤسسة النقد السعودية “ساما”، كقنوات استثمار طويلة الأجل، تستثمر في أدوات مالية أخرى، معظمها استثمارات محفظة في البلدان المتقدمة.
ومع ارتفاع أسعار النفط 2003، نشأت صناديق الثروة السيادية، وأصبحت شركات مملوكة كلياً أو جزئياً لحكومات أو عائلات خليجية، تقوم بأدوار استثمارية كبيرة، بينما كوّن مستثمرو القطاع الخاص احتياطيات أجنبية كبيرة، ليبرز الاستثمار الأجنبي المباشر كفرصة مهمة، الذي يعود بسببه في تنامي العلاقات الاقتصادية بين بلدان مجلس التعاون، والعديد من دول العالم، وفق موقع “الخليج أون لاين”.
وأكدت تقارير اقتصادية، أن دعم سياسة الانفتاح الاقتصادي في الخليج ستخفف من الضغوط الاقتصادية الناجمة عن هبوط النفط، كما تشجع القطاع الخاص على أداء دور أكبر في التنمية الاقتصادية، تزامناً مع قيام تلك الدول بدعم قطاع الطاقة، وتقديم حزمة من التسهيلات والمزايا للشركات.
ودعا “صندوق النقد الدولي” إلى تبسيط إجراءات ممارسة الأعمال من أجل ضمان قدرتها على المنافسة، واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الطاقة المتجددة والتقليدية.
السعودية
بلغت حصة السعودية من الاستثمار الأجنبي المباشر 43.7% خلال 2015، وذلك بعد افتتاح الرياض سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب العام الماضي، إضافة إلى استثمار رؤوس الأموال الأجنبية بكثافة في قطاعي النفط والغاز السعوديين.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت المملكة عدة قرارات بهدف تطوير جميع القطاعات، حيث بدأت فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وفتح نوافذ جديدة مع تركيا، وفسح المجال أمام الشركات والمستثمرين الأتراك للاستثمار في عموم أرجاء البلاد، إضافة إلى توقيع عدة اتفاقيات شراكة اقتصادية وتجارية مع الحكومات والشركات الغربية والأميركية.
وعلى صعيد الاستثمار العالمي، أعلنت “أرامكو” مطلع 2016، أنها ستطرح أسهم الشركة لإتاحة الفرصة أمام المستثمرين لتملك حصة مناسبة من أصولها مباشرة، أو من خلال طرح حزمة كبيرة من مشاريعها للاكتتاب في عدة قطاعات، خصوصاً قطاع التكرير والكيميائيات، حيث تمتلك الشركة 3104 مشاريع بجميع أنحاء العالم، ونحو 5375 مشروعاً مشتركاً، و2464 إجمالي المشروعات المشتركة المحلية، فيما تمتلك نحو 1905 مشاريع محلية بالكامل.
الإمارات
استقطبت الإمارات خلال 2015 استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة بلغت 10.4 مليار دولار، مقابل 10.1 مليار دولار نهاية 2014، فيما أكد وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري، أن بلاده تستهدف جذب استثمارات أجنبية تترواح بين 10 و15 مليار دولار خلال 2016.
وأضاف “رغم تراجع النفط وأوضاع الاقتصاد العالمي الصعبة، نجحنا في جذب استثمارات أجنبية جيدة خلال العامين الماضيين”، وذلك على هامش “ملتقى الاستثمار السنوي لعام 2016 في دبي”.
لفت الوزير إلى أن قطاع السياحة والتجزئة والطاقة المتجددة، من القطاعات المرشحة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى بلاده خلال العام الجاري، نتيجة للمشروعات الكبري حالياً، وتقودها قطاعات الطاقة المتجددة والتجزئة.
كما نوّه بأن أبوظبي تستهدف الوصول بنسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يعادل 19 مليار دولار بحلول 2021.
قطر
عززت قطر استثماراتها الخارجية خلال 2015، استمراراً لتحقيق أهداف رؤيتها الوطنية لـ2030، وتمكنت من إبرام صفقات ضخمة، شكلت إضافة نوعية إلى أصول قطر الخارجية، وتنوعاً يسهم في توفير دخل إضافي للاقتصاد القطري، بعيداً عن إيرادات النفط والغاز.
ووصلت قيمة الاستثمارات والصفقات الخارجية غلى نحو 27.32 مليار دولار (99.45 مليار ريال)، بحسب الإحصائيات الرسمية، توزعت على 18 دولة عربية وأجنبية، شملت بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وهونغ كونغ، وأستراليا، وسنغافورة، والولايات المتحدة الأمريكية، وسلطنة عمان، والأردن، والمغرب، وسويسرا، واليابان، والنمسا، وكوبا، وتركيا، وأسكتلندا.
الكويت
ذكرت “هيئة تشجيع الاستثمار المباشر” في الكويت، أن الدولة تمكنت من جذب استثمارات مباشرة بقيمة 400 مليون دينار، (1.3 مليار دولار) خلال 2015، حيث تسعى البلاد إلى جلب مزيد من الاستثمارات المباشرة خلال الأعوام القادمة.
وانضمت الكويت إلى المنافسة بجذب الاستثمارات الأجنبية، بعد أن أطلقت لائحة تنفيذية لقانون تشجيع الاستثمار المباشر مطلع 2015، وفي غضون 6 أشهر تلقت الهيئة نحو 150 طلباً لاستثمارات ضخمة في الكويت، للاستفادة من تلك الميزات والتسهيلات.
ومنح قانون الاستثمار الإعفاءات الضريبية التي تصل إلى 10 أعوام، وإعفاءات جمركية كلية وجزئية، والمساعدة في توفير الأراضي، وجلب العمالة، ومنح الشركات الأجنبية الحق في تأسيس شركات مملوكة لها بالكامل داخل الكويت بنسبة 100%، وحق نقل الأموال من الداخل والخارج، ومصادرة أو تأميم أي مشروع استثماري، والحفاظ على سرية المشاريع والدراسات.
بنية تحتية وهيكل تشريعي مرن
وجاء في تقرير “نفط الهلال“، أن دول “مجلس التعاون الخليجي” اتخذت خطوات لتحسين بيئة الاستثمار بهدف تنويع مصادر الدخل القومي، ما يساهم في تخفيف وطأة الضغوط الاقتصادية الناتجة من التقلبات في أسواق النفط العالمية.
لكن نجاح هذه المساعي يتطلب مقومات أساسية، منها تحقيق عنصري الأمن والاستقرار السياسي، وتوافر بنية تحتية متطورة، وهيكل تشريعي وقانوني يتيح أكبر قدر ممكن من الحرية في تنقل رؤوس الأموال، إضافة إلى اعتماد خطط استثمارية قابلة للتطبيق.
ورأى خبير النفط الكويتي، أحمد حسن كرم، أنه على الدول المنتجة للنفط ألا تنتظر نهاية فترة تراجع الأسعار والتكيف مع مدة قد تطول في ظل خام رخيص وعائدات أقل، لذلك بات لزاماً عليها تبني سياسات اقتصادية أكثر انفتاحاً.
وأوضح كرم أن من بين هذه السياسات وأهمها، توفير بيئة ملائمة لجذب استثمارات ذات قيمة مضافة في جميع المجالات، وزيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي مع تراجع عوائد النفط.
يذكر أن دول الخليج أقدمت خلال الأعوام الأخيرة، على إنشاء المناطق الحرة، للمساهمة في زيادة الفرص الاستثمارية الأجنبية حول العالم، لأنها تحد من الإجراءات والقيود أمام المستثمرين الأجانب.
اقرأ أيضاً:
ما مدى تأثر الاستثمارات الأجنبية في دول الخليج بتقلبات السوق؟
بعد انخفاض أسعار النفط.. دول الخليج نحو الاقتصاد الصناعي
أبوظبي استقبلت استثمارات أجنبية بقيمة 88,3 مليار درهم عام 2015