ضيَّفَ اتحاد ادباء وكتاب ذي قار الباحثين سعد سلوم وعلاء حميد في أمسية ثقافية للحديث عن التنوع العرقي والأثني في العراق.
الأمسية ادارها الكاتب احمد ثامر جهاد الذي افتتحها بتناول تراجع العراق في مستويات التعليم حسب تقرير اليونسيف الصادر مؤخراً، مروراً بمنحة الأقليات في العراق وما تعانيه من إجحاف وتهميش لدورها في المجتمع، واثر التحولات بعد 2003 عليها.
فيما اشار الباحث سعد سلوم مدير مؤسسة "مسارات" الى جهود مؤسسته في دراسة وضع الاقليات في العراق، مؤكداً أن دراسة التنوع الثقافي والاثني والعرقي في العراق مهمة وطنية لانها تسهم في الحفاظ على الهوية العراقية من خطر التفكك، مشيراً أيضاً الى أهمية ايجاد بيئة تشريعية ضامنة لحقوق الاقليات في البلاد، وضمان عدم تهميشها، ورأى سلوم ان ان الاقليات هي الصمام الحقيقي لوحدة البلاد، وحين تفقد البلاد تنوعها ستتجه للتقسيم كما حصل في نينوى مؤخراً.
فيما القى الباحث علاء حميد محاضرة موجزة تعرض فيها الى نقد المدونات الفقهية الاسلامية التي وصفها بأنها تعيش اشكالية الآخر دون التجرؤ على نقد هذه الادبيات التكفيرية والتي تزدري الأخر المختلف. بعدها فتح باب المناقشة مع الحاضرين الذي طرحوا وجهات نظر متباينة حول الموضوع.
هذا وشهدت الأمسية حضور عضو مجلس النواب العراقي احمد طه الشيخ علي وعضو مجلس محافظة رئيس لجنة الثقافة والاعلام حسن الوائلي.
• تفجير الصراع عبر الأقليات
وعلى هامش الأمسية كانت لديَّ مداخلة بسيطة، أثر ما طرحه الباحث حول تهميش وتهجير الأقليات في العراق، هذا الامر لا يخفى على أحد ابداً، فالأقليات تعاني من محنة التهجير والتشريد ليس على مستوى العراق فحسب، بل على مستوى الشرق الأوسط برمتهِ، وهذا لا يمكن ان يُنكر، ولكني طرحتُ في مداخلتي هذه سؤالاً حول ما اذا كان هذا الاضطهاد ممنهجاً بطريقة قانونية، على الأقل في العراق، أم ان هذه الممارسات تقوم بها جماعات عنفية تستهدف الجميع بالدرجة بالأساس، ويظهر الاستهداف للأقليات مضخماً لسببين في رأيي اولهما أنها اقلية واي ممارسة عنفية ضدها تؤثر، وثانياً المشروع الغربي خصوصاً عبر وسائل الاعلام الغريبة التي تقود مخططاً واضحاً لافراغ الشرق الاوسط من مسيحيه وطوائفه المتعددة، وما ترحيب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الأخير بهجرة المسيحين العراقيين الا دليل بسيط من ادلة متعددة، ليس أقلها افتتاح عدة وكالات تعمل على الترويج للهجرة بين صفوف الأقليات في الشرق الاوسط.
سؤالي كان عن وجود ممارسة عرقية او طائفية او قومية بغطاء قانوني ام لا ؟، وهنا ابدى الباحث امتعاضاً من السؤال، راداً عليّ بأتهام بسيط جداً، وهو مقبول، ولكني اكتشفتُ ان صديقي الباحث، لا يميز بين حالتي التمييز التي تتم بغطاء قانوني وتلك التي تتم بغطاء سياسي، والفرق شاسع جداً بين الحالتين، فالممارسة القانونية منهجية تسند الى نصوص، فيما الممارسة التمييزية السياسية تبقى منزوعة الشرعية، ولعله غالط نفسه حين ضرب مثلاً بقيام رئاسة البرلمان السابقة بعزل موظف مسيحي من منصبه على اسس دينية، ولكنه عاد ليقول ان هذا الموظف اشتكى لدى المحكمة الاتحادية التي حكمت لصالحه!
فهل هذا تمييز قانوني ام ممارسة سياسية اقصائية، يمكن يتعرض لها اي شخص، وهي مشكلة، ولكنها كانت ستكون كارثة لو أنها غُطيت بتشريع قانوني.
نعرف كما يعرف سعد سلوم أن الاقليات تعاني من اضطهاد اجتماعي – ديني، ولكننا نراهن على ازالة هذا الاضطهاد والممارسات الخاطئة، ما دامت غير قانونية اولاً، وما دام العنف تجاه الأقليات من خارج الدولة، أما المعالجات التي يطرحها البعض عبر تشريع قوانين لهذه الأقليات الدينية فهي مقدمة لتفجير المزيد من الصراعات والانقسامات على اسس اثنية وقومية ودينية، الامر الذي يعمق من المشكلة بدلاً من حلها.