مهيار الباهلي هو أحد الشخصيات المحورية في العمل الروائي الذي أثار ضجة ولغطا قبل بضعة أعوام والذي يحمل عنوان " وليمة لأعشاب البحر" للروائي السوري حيدر حيدر . و الباهلي ،كما هو حال أغلب الشخصيات المحورية في تلك الرواية حسب صحيفة القدس العربي، شخصية واقعية وكاتب وسياسي عراقي معروف هو الزميل عبد الأمير الركابي . الجديد الذي حفلت به الساحة الإبداعية العراقية مؤخرا هو صدور عمل روائي تحت عنوان " كما نحب ونشتهي " عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بقلم عبد الأمير الركابي أي مهيار الباهلي ذاته .
أهمية هذا العمل تتأتي من جملة دواع وأسباب لعل من أهمها جدة الموضوع الذي تقاربه هذه الرواية والمتعلق بحيثية علمية تقول بإمكانية استغلال علم الجينات والعلوم الحديثة المتفرعة عنه أو المحايثة له وصولا إلي درجة تتمكن بها السلطة المسيطرة والمديرة للمجتمع من التصرف والتعامل مع الذاكرة الإنسانية بغرض الحذف والتعديل والخزن والزرع في أجساد جديدة وصولا إلي مرحلة ينتفي فيها الموت كنهاية حتمية للأحياء .
هذا الإمكان يسميه الراوي عملية "التحول" ويعني به إمكانية إعادة إطلاق الذات الإنسانية بذاكرتها في جسد وعالم جديد لتكون تحت الرقابة والسيطرة للمؤسسة الحكومية .
إن الكاتب لا يشتغل علي هذه النواة مباشرة بما يجعل عمله ضمن إطار رواية الخيال العلمي مباشرة بل هو يقاربها أو يستلهمها استلهاما لتقديم عمل ذي انشغالات إنسانية وجمالية بعيدة تماما عن موضوع الخيال العلمي ،وثانيا ، وهذا هو مبعث هذه البسطة التعريفية والنقدية ، تطرق الرواية إلي الموضوع المركزي لرواية " وليمة لأعشاب البحر " وإن لماما ولكن بشكل جوهري يتيح لنا استشراف ملامح التجربة التي قاربتها الروايتان والبيئة الجغرافية المجتمعية التي جاءتا منهما وانبنيا عليها .
في الفصل العاشر تحديدا من الرواية نتابع محسن أبو النايات وحسن الحلاق وابن الماء وحسين شاوي والقائم مقام وهم في طريقهم إلي حانة " كاردينا " علي ضفاف دجلة " كورنيش أبي نؤاس " ببغداد وقبل وصولهم بقليل يشاهدون علي إحدي مصاطب حديقة عامة "مهيار الباهلي" ومعه "أمين الخيون" وهما يخططان لعملية إيصال الباهلي إلي الجنوب تحضيرا للانتفاضة المسلحة التي سيقوم بها الجناح الثوري في الحركة الشيوعية العراقية ضد دكتاتورية الرئيس عارف الثاني وستقمع الانتفاضة تماما في بداية حكم البعث الذي عاد إلي الحكم عبر انقلاب عسكري .و "الخيون " شخصية حقيقية سيعتقل ويقتل علي أيدي مخابرات النظام العراقي فيما بعد ، وهنا يخبر ابن الماء صحبه بأن مهيار الباهلي سيكتب ( قصة أخري عن الحروب المطعونة في الزمن الرمادي ، وعندها ستوضع في موضعها تلك القصة العرضية التي اشتهرت كثيرا والمسماة " وليمة لعشاب البحر " . الأشياء التي تكتب بدلا من ضائع لا يجب أن تنسي ، حتي ولو كانت أقل دراية بمعني الخبايا التي جعل أهل التجربة يقررون القيام ما عليهم القيام به بعد أكثر من ثلاثين سنة .)