سمر مدحت
حجر من الجرانيت على هيئة رجل تبتلع وجهه نظارة شمس، تمسك إحدى يداه كتابًا وتتكئ الأُخرى على عصا، رافعًا رأسه لأعلى فحينما تنظر له تظهر لك الرؤية على أنه تخطى حدود الشمس، تمثالًا مشيدًا تخليدًا لذكرى أمير الرواية العربية، واقف لا يبالي بأحد، تتقلب الحياة جواره على أشكالها، وهو لايبدي رأيه في شيء، فكل ما قاله قديمًا من حكم وأقول يمر أمام عينيه الآن.
نجيب محفوظ، روائي مصري وأول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب، ولد في حي الجمالية بالقاهرة، حيث عاصر العديد من الثورات والكوارث، فقد عاش تاريخ مصر المعاصر مرتين: المرة الأولى مصريًا شغوفًا بالاستقلال الوطني والحرية السياسية، ومرة ثانية روائيًا يرصد ويراقب بعين سياسية.
كان عمر نجيب محفوظ 7 أعوام حين قامت ثورة 1919 التي أثرت فيه وتذكرها فيما بعد، والتحق بجامعة القاهرة، وحصل على ليسانس الفلسفة، وبدأ بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب.
كانت من أشهر أعماله "الثلاثية، وأولاد حارتنا" التي منعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقت قريب، فهو أكثر أديب عربي حولت أعماله إلى السينما والتليفزيون.
انضم إلى السلك الحكومي ليعمل سكرتيرًا برلمانيًا في وزارة الأوقاف، ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة حتى 1954.
وعمل محفوظ بعدها مديرًا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي 1960 عمل مديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون.
كان آخر منصبٍ حكومي شغله الأديب الراحل هو رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، وتقاعد بعدها ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام.
كما اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في روايته "الحرافيش، ليالي ألف ليلة"، حيث تعتبر مؤلفات محفوظ من ناحية بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومع أنه بدأ الكتابة في وقت مبكر، إلا أن نجيب محفوظ لم يلق اهتمامًا حتى قرب نهاية الخمسينيات، فظل متجاهلًا من قبل النقاد لمدة خمسة عشر عامًا قبل أن يبدأ الاهتمام النقدي بأعماله في الظهور والتزايد.
توفي صباح يوم الأربعاء 30 أغسطس 2006، في مستشفى الشرطة بحي العجوزة بوسط القاهرة، عقب دخوله المستشفى؛ بسبب إصابته في الرأس أثر سقوطه على الأرض من فوق السرير وأصيب في رأسه، بالإضافة إلى قصور في الكليتين وصعوبة في التنفس إلى جانب ارتفاع نسبة الأحماض في دمه، وبعد ذلك أدخل لاصابته بمشاكل في الرئة والكليتين؛ أدت إلى وفاته.
من جانبها، أقامت لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة احتفالية بعنوان "نجيب محفوظ حضور متجدد"، بمناسبة مرور الذكرى الثامنة لرحيل أديب مصر الكبير، أدار الندوة الأديب يوسف القعيد، وكان المتحدث باسم الندوة الناقد "جابر عصفور".