يلعب أدب الأطفال دورًا كبيرًا في نشر القصص والحكايات التي من خلالها يمكن أن نقرأ واقع المجتمع وثقافته وتطلعاته، الأمر الذي وضعه محط أنظار الجميع من أدباء ونقاد وحتى قراء، لما يمتاز به من قدرة على ربط الطفل في سن مبكرة بواقع المجتمع، وهو ما أكد عليه عدد من الخبراء والأدباء الذين اجتمعوا، في ندوة حملت عنوان "أدب ومجتمع" عقدها مهرجان الشارقة القرائي للطفل، في ملتقى الكتاب بمركز اكسبو الشارقة على هامش فعاليات دورته السابعة التي تنظمها هيئة الشارقة للكتاب، حيث أكدوا فيها أن أدب الطفل يعد وسيطا تربويًا، وأن المكتبة العربية تفتقر إلى قصص الخيال العلمي العربية، وعلى ضرورة أن يكون أدب الطفل نابعًا من واقعه وليس مستوردًا من الخارج ويحاكي بيئته وعالمه الحالي.
"أدب الطفل يعد وسيطًا تربويا يتيح الفرصة للأطفال لمعرفة الإجابات عن العالم المحيط بهم، ويفتح أمامهم أبواب الاستكشاف وينمي فيهم سمات الإبداع وملكة الموهبة"، هذا ما أكدته الكاتبة والإعلامية المصرية منار فتح الباب أثناء مشاركتها في الندوة التي إدارها عبده الزراع، وقالت: "الانتقال من أدب الكبار إلى الكتابة للطفل كان بالنسبة لي نقلة مفاجئة، ولكنها أتاحت لي الفرصة للكتابة في كافة الأشكال الأدبية والفنية الخاصة بالطفل، ولذلك اعتبر من واقع تجربتي أن أدب الطفل هو شكل من أشكال التعبير الفني له قواعده ومناهجه سواء ما يتصل بلغته وتوافقًا مع قاموس الطفل".
وقالت منار "لدينا نوعان من الكتابة للطفل، الأول كتابة عظيمة خالية من الخيال، والثانية كتابة بلغة أنيقة تعتمد على الصور، ولكن الطفل لا يستطيع فهمها لمحدودية مخزونه اللغوي، وبعضها يمكن تحويله إلى أفلام لكي يتمكن الطفل من استيعابها، كما لاحظت أن بعض الكتاب تحولوا إلى أدب الطفل من باب المغامرة فقط". وفي هذا السياق، قالت: "أعتقد أننا بحاجة إلى نقد أدب الطفل لتوجيه الناشرين والعمل التنظيمي، أما القصة نفسها فالناقد الحقيقي هو للطفل، لأن ذلك يشكل نقدًا حقيقيًا بناءً على حاجته".
وأشار هيثم الخواجة من سوريا إلى أن الطفل في هذه الأيام يحتاج إلى الأدب لكونه يعيش في عصر العولمة، يبتعد فيه عن القراءة والكتاب بسبب المخترعات الحديثة. وقال: "ما دام الطفل يحتاج إلى هذا الادب فمن الضروري أن تتجه المؤسسات الثقافية نحو هذا الأدب وأن تهتم فيه" وتابع: "أدب الأطفال وسيلة مهمة من وسائل التربية والتي تبني فكرة وشخصية الطفل، ولذلك فهو يطور الجانب الفكري لديه وينمي التفكير والذاكرة وينهض بالأحاسيس والمشاعر ويخلصهم من الانفعالات الضارة ويرتقي بروح النقد البناء لديه ويهذب سلوكياته ويثري خياله".
وأكد الشاعر والكاتب المصري شوقي حجاب على أهمية عنوان الندوة، قائلًا إن ندوة واحدة لا تكفي لطرق كافة جوانبه، وكان حجاب قد اعتمد في مداخلته على تجربته الشخصية في الكتابة للطفل، وقال: "ما أقدمه ليس مفتعلا أو مصنعا، لانني لا زلت اعتبر نفسي طفلًا". ليثير في المقابل، جملة من الأسئلة والتي تدور حول كيفية صناعة أدب الطفل الجيد، وقال: "الطفل لم يختلف بين الأمس واليوم، وما اختلف هو طبيعة المصطلحات التي يستخدمها فقط، وبتقديري أنه إذا تم إنتاج أدب الأطفال بطريقة جميلة وبدون تسلط، سيكون الناتج جميلًا ومقنعًا للطفل نفسه، خاصة وأن أدب الأطفال صنع عالما كبيرا يمكن لنا أن نلمسه في الدراما والسينما والمسرح".
الكاتبة البريطانية نيكولا مورغن أكدت أن توجهها نحو الكتابة للمراهقين جاء بناء على تجربتها الخاصة، وقالت: "لم تكن المعرفة متوفرة على الشكل الموجود اليوم، عندما مررت أنا بمرحلة المراهقة، وحينها لم يكن هناك كتبًا متوفرة ترضي شغفنا بالقراءة، الأمر الذي أجبرنا على الانتقال مباشرة من قراءة كتب الأطفال نحو كتب البالغين"، مشيرة إلى أنها وجدت من خلال ابحاثها تشابه عام بين المراهقين في كافة دول العالم.

البوابة