بمناسبة مئة عام على رحيل رئيف خوري، أعادت دار الساقي مؤخرا نشر روايته «ديك الجن»، التي استلهمها عن حياة الشاعر العربي ذي الأصول الفارسية، الذي قتل زوجته وحبيبة عمره ورد، وهام على وجهه يرثيها، بعد مكيدة حاكها له ابن عمه وأحد أصدقائه، رواية تعيد قراءة سيرة الشاعر الملحمية، وتحاكم التاريخ الذي لم ينصفه. يقع الكتاب في 128 صفحة قطع متوسط، وكاتبه رئيف خوري مفكر وأديب وناقد لبناني عاش بين الأعوام (1913-1967)، نشر مقالاته في أكثر من 56 دورية، وصدر له عشرون مؤلفاً، ومن أجواء روايته هذه: عاد ديك الجن إلى بعض هدوئه، وشاعت في نفسه نسمة من السكينة. راح ينظر فوقه إلى النجوم التي أطلعها الصحو تلك الليلة، يستفهمها هل شهدت في منزله سوءا من بكر وورد».
ينحو رئيف خوري (1967-2013)، في رواية «ديك الجن»، باتجاه إعادة تصويب قصص التاريخ روائيا. وينتقي تحديدا قصة الشاعر والمبدع ديك الجن. وتبدو الرواية في العموم، من خلال سردياتها واسلوب العرض والتناول فيها، بمثابة محاكمة للتّاريخ، يؤشر فيها خوري الى ظلم شاعر مبرز كديك الجنّ. ومن ثم يعيد المؤلف رواية سيرته الملحميّة، كما يراها.
ونبحر مع رئيف خوري في هذه العوالم، عبر مكيدةٌ حاكها ابن العمّ وأحد الأصحاب، تدفع ديك الجنّ ليقتل زوجته التي يحبها وغلامه الأقرب إلى قلبه. ولكنه يعرف لاحقا ان ما كان ليس سوى مكيدة، إلا ان الاوان يكون قد فات إذ وقعت الواقعة، وهكذا يقرر ان يشرد في البلاد طولاً وعرضاً، منشدا أشعار رثاء محبوبته. محبوبةٌ قتلها بيده فكان بقتلها كمن انتحر.
سنوات أمضتها جدّته وهي تروي له حكايات النساء لتحميه من مكرهنّ، وتبعده عن طريقهنّ، وتقنعه بأساليب العيش القويمة. لكنّ الشاعر فيه كان أقوى وطفق يعيش حياته كما يحب.