نظمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة ندوة بعنوان: "دور المؤسسات الثقافية في التواصل الاجتماعي" في فندق الأوشانيك في خورفكان، افتتحت الندوة بكلمة ألقتها أمل النقبي من قناة الشرقية في كلباء، ورحب محمد السويجي مدير إدارة مكتب الدائرة في المنطقة الشرقية بالمشاركين قائلاً: "تعد الثقافة بمثابة مقياس لمدى الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات . ولا يقتصر مفهوم الثقافة على الأفكار وحسب، بل هي أيضاً تتعدى للسلوك الذي يضمن بموجبها حياةً أكثر رخاءً وسهولة ويسراً" .
قدم محاور الندوة وأدارها د . عمر عبدالعزيز رئيس قسم الدراسات والنشر بالدائرة، وتناولت: "الإعلام ودوره الثقافي" للدكتور خالد الخاجة، "التنوع الثقافي في المشهد المعاصر" للدكتورة مريم بيشك، "البرامج الثقافية والمجتمع المحلي" لصالحة غابش، "المنهجية الأسرية في التغيرات الثقافية" للدكتور علي عبيد الزعابي، "المرأة والتنمية الثقافية في دولة الإمارات العربية المتحدة" للدكتورة فاطمة الصايغ، "والتراث في ميزان الثقافة"، للمهندس أحمد محمود .
الدكتور خالد الخاجة حدد في ورقته مفهوم الثقافة بأنها مجمل ما يقدمه المجتمع لأبنائه من عادات وقيم وأساليب سلوك وتوجهات وعلاقات وأدوار وتقنيات كي يتعلموها ويتكيفوا معها فهي نمط معيشة للجماعة"، وأضاف متحدثاً عن خصائص الثقافة العربية وعراقتها وارتكازها على مجموعة قيم إنسانية وشموليتها ومقدرتها على التعامل مع الثقافات الاخرى وامتلاك اللغة العربية كوسيلة اتصال وتعبير والمقدرة على النمو واستيعاب كل جديد في مجال التقنيات والعلوم، كما تناول د . الخاجة العلاقة بين الثقافة ووسائل الاتصال وفق ما حددتها اليونسكو . متطرقاً إلى أنواع الثقافات بأشكالها الراقية والشعبية والجماهيرية، إضافة إلى تناول العلاقة بين وسائل الإعلام والثقافة الجماهيرية كونها علاقة تفاعليه، محدداً "وظائف الإعلام المتعددة وطبيعة المنتج الثقافي مطالباً الإعلام بترتيب الأولويات، ومنوها بسيطرة الترفية على مضمون الوسائل الإعلامية، كما شدد د .الخاجة على ضرورة تحقيق شراكة بين وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافيه لتكاملية دورها في المجتمع .
وأشارت د .مريم بيشك في ورقتها إلى مفهوم التنوع الثقافي، وهو مصطلح غني بمدلولاته ومفاهيمه العميقة ومجالات تطبيقاته الواسعة . حيث يلعب دوراً مهماً في تعزيز القيم الإنسانية، والتنوع بحد ذاته يحمل بعداً إنسانياً قبل أن يكون ثقافياً أو عالمياً . وكذلك الثقافة فهي ركيزة للنهوض بالعنصر البشري وتنمية قدراته الفطرية لكي يستطيع أن يصنع لنفسه باختياره أسلوب حياة راقية .
وتطرقت د .مريم إلى اللغة العربية كمثال للتنوع الإيجابي، كونها امتزاج ثقافات تمتد من إفريقيا إلى الصين ومن آسيا الوسطى إلى أوروبا، واستعرضت اكتساب الثقافة العربية والإسلامية ومميزاتها المتمثلة في الأخوة والعدل والمساواة والسلام والحرية والتسامح والتكافل واحترام العقل وكرامة الإنسان والتفكير في الكون ورفض الظلم الذي هو تدمير لكل القيم الإنسانية، ومواجهة الكراهية والتحارب، وقالت: "لذلك يكون لزاماً علينا أن نعمل على إعادة إحياء تلك القيم النبيلة التي تجعل من التنوع إغناء للثقافات وتعزيزاً لقدرتها واكتسابها أبعادا إنسانية وإطلاق العنان لآفاقها الإبداعية" .
صالحة غابش بعد تعريفها للثقافة التي تقاطعت مع ما سبق من تعريفات حددت مفهوم الثقافة العفوية لتصل إلى أن المثقف المختلف لم يبق عند حدود العفوية، بل عَمَدَ الى البحث العلمي، والارتقاء في تفكيره . . وتطوير إبداعه . . وهو ما لاغنى عنه في المجتمعات المتحضرة، لأنه يحمل مرآة كبيرة في فكره ولغته وسلوكه تعبر عما وصل إليه مجتمعه في آفاق التطور والتحضر والرقي .
ومع مرور الوقت، ظهر حائط غير مستساغ بين المثقف ومجتمعه، عنوانه: "النخبوية"، حيث استشعر بعض المثقفين ذواتهم مع إظهار المجتمع احترامه لهم ولحضورهم وإنصاته لآرائهم وإعجابه بأسلوب تفكيرهم وقوة لغتهم .
واستعرضت غابش وحدة المثقف النخبوي وانعزاله والغموض الذي رافق المجتمع ونظرته الى المثقفين النخبويين .
وقدم د . علي عبيد الزعابي مفهوماً مختلفاً للثقافة، بعد أن استعرض رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة التي قدمها سموه أثناء آخر دورة لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، وأشار الزعابي إلى أسس وتغيرات الثقافة الإنسانية .
وتوقف د . الزعابي مطولاً أمام المسار الثقافي الذي يوصل للقمة، مؤكداً على دور الثقافة كقوة موجهة لسلوك الفرد والمجتمع، وأهمية التفكير الإيجابي، كما تطرق إلى اقتراح ميثاق ثقافي وفق رؤية انسانية مع الحرص على التجديد والتنويع .
د . فاطمة الصايغ تناولت في مقدمة ورقتها العلاقة الجدلية الملتبسة بين المرأة والثقافة، كونها قضية مهمة تتوجب على المرأة وعيها بحقوقها المدنية والاجتماعية، وأهمية أن يكون للمرأة دور لائق، ووضع مميز في المجتمع حين تمتلك الثقافة لأن علاقة المرأة بالثقافة علاقة تبادلية، وتناولت محاور ورقتها "المؤثرات على ثقافة المرأة في الإمارات"، و"دور المرأة في المجال الثقافي حالياً"، فضلاً عن توصيات للارتقاء بواقع المرأة الثقافي .
واستعرضت الصايغ واقع التعليم والحركة النسائية في الإمارات، مشيرة إلى إحصاءات تبين المواقع المتقدمة التي ارتقت إليها المرأة تعليماً ومشاركة بالعمل، وريادة في مواقع قيادية ومساهمة بارزة في التنمية والدور الإيجابي لقيادة الدولة، .
المهندس أحمد محمود استعرض "دور التراث في ميزان الثقافة"، مشيراً إلى مهام إدارة التراث العمراني، وحدد عناصر سبعة للحفاظ على التراث العمراني وفق رؤية مستقبلية متميزة ومستدامة، لتحقيق الرسالة ممثلة بالريادية وترسيخ أهمية الوعي بالتراث .
وتخلل الندوة عرض لفيلم "الشارقة للثقافة عنوان" من إعداد وإخراج راشد الزعابي .