صدر للناقد السورى مفيد نجم كتاب بعنوان "أرض الأبدية" عن دار الجمل، وهو دراسة طويلة حول تجربة سيف الرحبى الشعرية.
وفى مقدمة الكتاب، يقول مفيد نجم - كما جاء بجريدة "العرب اللندنية" - : قبل أكثر من ثلاثين عاماً التقيت بالشاعر سيف الرحبى عرضاً أمام مدخل أهم مكان كان يرتاده المثقفون السوريون فى تلك المرحلة، وهو مقهى ومطعم "اللاتيرنا"، وعلى الرغم من إقامة الرحبى فى دمشق آنذاك، إلا أن الفرصة لم تتح لنا أن نلتقى مرة أخرى، إذ كانت تلك المرحلة تمور بالأحداث السياسية المتسارعة، والتحديات، التى تستدعى موقفاً مما يحدث فوق الأرض العربية المضطربة.
فى إحدى زياراتى إلى دار المدى بدمشق حصلت على ديوان "يد فى آخر العالم" للشاعر، وخلال قراءتى لنصوص الديوان اكتشفت أننى أمام نص شعرى يمتلك لغته وجمالياته، وأدواته البلاغية والفنية الخاصة، ويحاول أن يوازى بين حداثة التجربة، والانشغال بمصير الإنسان الأعزل فى هذا العالم.
لقد ساهمت تجربة الشاعر فى هذا الديوان فى تعزيز علاقتى مع تلك التجربة، دون أن أعرفه أو أن يكون بيننا أى اتصال.
إن أول ما يلفت الانتباه فى تجربة سيف، هو العلاقة مع المكان، والحفر فى ذاكرته التاريخية والثقافية، التى هى ذاكرة الإنسان والحياة فى تداخلها الحي، والواسع مع الطبيعة والأشياء.
السمة الأخرى التى ميزت النص الشعرى هى السردية الشعرية، أو استثمار السرد الحكائى فى هذا النص، إلى جانب استخدام نص الومضة، أو الفكرة الذى يقوم على التكثيف والاقتصاد الشديد، فى اللغة والصورة، إضافة إلى محاولة هذا النص من خلال استثماره للسرد الحكائى أن يكتب نصه الطويل بنفس ملحمي، أوقعه فى بعض الأحيان فى النثرية.
فى الدراسة الأولى - وفقا لنفس المصدر - تناولت موضوع العتبات النصيّة، من حيث الشعرية والسياق والوظائف، الدراسة الثانية انشغلت بشعرية المكان والدلالات التى توحى بها، وعلاقة هذه الشعرية بالرؤية التى يقدمها الشاعر إلى العالم، إضافة إلى تجليات هذه الشعرية وعلاقتها بالنص الرعوى الغنائى الرومنتيكي، الذى تنتمى إليه تلك النصوص.
ومن شعر الشاعر العماني سيف الرحبي نذكر:
"عجائز الطرقات
يستجدون بسمة عابر
فى وجوههم مرايانا
وفى حدبة العمر
أيامهم معلقة فى ذكرى
كسنام يواجه فيض الصحراء
فى العربات وعلى المصاطب والممرات
يتجمعون
تتبعهم بروق مخمدة وعواء مسحوق..."