33 قتيلا في ميدان التحرير: استقالة وزير الثقافة وموسكو تدعو للحوار

تاريخ النشر: 21 نوفمبر 2011 - 01:00 GMT
ارشيف
ارشيف

قالت مصادر طبية يوم الاثنين ان مشرحة زينهم في القاهرة تسلمت 33 جثة جراء الاشتباكات بين المحتجين وقوات الامن المصرية.

وأضافت المصادر التي طلبت عدم نشر اسمائها أن المشرحة هي المكان الرئيسي الذي تنقل اليه الجثث.

وكانت وزارة الصحة أعلنت من قبل أن 22 شخصا قتلوا بينهم اثنان يوم السبت أحدهما قتل في الاسكندرية والباقون قتلوا في أعمال العنف المندلعة منذ الاحد.

المواجهات مستمرة

اكتسبوا جرأة واشتدوا بأسا حين نجحوا في الاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك منذ عدة اشهر فشجع المحتجون المصريون الذين يتمتعون بالخبرة بعضهم البعض يوم الاحد على التمسك بميدان التحرير بوسط القاهرة فيما أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع الواحدة تلو الاخرى.

صاح أحد المحتجين في اخرين فروا من وابل من القنابل "لا تركضوا... هذا يستفزهم لاطلاق المزيد."

وهتفت مجموعة حاصرها الدخان الخانق "ارحل ارحل يا مشير خلي مصر تشوف النور" موجهين غضبهم الى المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع في عهد مبارك لعقدين والذي يرأس الان المجلس الاعلى للقوات المسلحة.

بدا الوضع وكأنه مشهد متكرر من الثورة التي أسقطت حكم مبارك الذي دام 30 عاما فيما أقام محتجون حواجز في أنحاء الميدان. وحين تقدمت الشرطة دق نشطاء على أسطح معدنية كاشارة تحذير للدفع بعناصر الى الخطوط الامامية للدفاع عن الميدان.

لكن هذه المرة أصبح الجيش وقادته الذين يديرون مصر الان على خط النار. وكان أشيد بهم حين تسلموا المسؤولية الامنية بعد أن فقدت الشرطة السيطرة على الشوارع في عهد مبارك والان يخشى نشطاء من أن الجيش يرغب في التشبث بالحكم.

وقالت اميرة خليل وهي عائدة الى التحرير "الجيش متوحش. أنا خائفة. مرعوبة. لم أشعر بهذا القدر من الخوف منذ بداية (الثورة). ولكن فات أوان الانسحاب. فات أوان التنازل. سأذهب مجددا."

بدأت الاحتجاجات يوم الجمعة بقيادة التيارات الاسلامية التي شعرت بالغضب من طرح الحكومة المدعومة من الجيش وثيقة مباديء حاكمة للدستور الجديد تعفي الجيش من الرقابة عليه.

واعتبر ساسة هذه محاولة مستترة للتمسك بزمام الحكم حتى بعد الانتقال الى حكم مدني. وقالوا ان هذا سيقوض البرلمان الذي ستبدأ انتخاباته يوم 28 تشرين الثاني /نوفمبر. ومن المتوقع أن يحقق الاسلاميون نتائج جيدة في الانتخابات.

وقال محمود ياسين وهو سائق في التحرير "منذ تنحى مبارك خدعنا. اعطينا شرعية لمن لا يتمتعون بها وتمسكوا بالسلطة."

وفيما امتدت الاحتجاجات على مدى يومي السبت والاحد تغيرت أطياف المحتجين ايضا. تراجع الاسلاميون ليفسحوا الطريق للنشطاء الشبان الذين أطلقوا شرارة المظاهرات في 25 كانون الثاني /يناير ضد مبارك.

وقال محمد جمال (24 عاما) وهو مدرس مساعد بجامعة القاهرة "نفس الاجواء. لا انتماءات سياسية. الاختلاف هو أن الجيش انضم للشرطة في ضربنا. حتى بيانات الحكومة وتجاهل الجيش.. نفس ما كان يفعله مبارك."

ولجأت قوات الامن لنفس الاساليب. حاولت الشرطة استعادة السيطرة على الميدان للمرة الاولى يوم السبت لكنها لم تحتفظ بنجاحها طويلا. اشتعلت معارك في الشوارع على مدار الليل. وأصبحت وزارة الداخلية القريبة مرة أخرى هدفا للمحتجين.

وبحلول صباح الاحد ساد هدوء نسبي في الميدان وقدم الباعة الشاي للمحتجين المنهكين الذين بدا الارهاق على عيونهم وكانوا يتثاءبون في طقس بارد. اشتعلت الحرائق في وسط الميدان الذي خلا الان من السيارات.

وبدأت لعبة القط والفأر مرة أخرى حين حاولت الشرطة ابعاد المحتجين عن وزارة الداخلية.

على مسافة قريبة تذمر بعض المصريين من الاحتجاجات. لقد ضاق كثيرون ذرعا بالاضطرابات التي ألحقت اضرارا بالاقتصاد.

وقال علاء مصطفى وهو يعمل بمتجر للاجهزة الالكترونية قرب الميدان "لا أدري من على حق ومن على باطل. أريد أن تعود الامور الى طبيعتها... الشرطة تركت الميدان. لماذا يتجهون الى الوزارة.. انهم يثيرون المشاكل."

في مساء الاحد تحركت ناقلات جند مدرعة تابعة للجيش حول الوزارة وفي نفس الوقت أطلقت الشرطة المدعومة بقوات الجيش الغاز المسيل للدموع على الميدان.

وقال المخرج سمير عشرة الذي كان يصور في مستشفى ميداني بالتحرير ان الجيش والشرطة ألقوا الغاز داخله. وحاول الاطباء والمصابون الهرب من السنة اللهب.

وأضاف "ما رأيته اليوم لا يوصف سوى بانه جريمة حرب... لا أصدق أن جيشا حتى ولو كان يهاجم عدوا يمكن أن يتعمد استهداف منشأة طبية او مستشفى مثل ما حدث اليوم."

ونقلت وكالة الانباء المصرية الرسمية عن وزارة الداخلية أن عدد القتلى منذ تفجر أعمال العنف يوم السبت وصل الى 12 قتيلا. وذكرت مصادر طبية أخرى أن عدد القتلى تجاوز 11 يوم الاحد وحده.

وأظهر تسجيل بالفيديو نشر على موقع يوتيوب ولم يتسن التحقق من صحته الشرطة وهي تجر ما بدا كجثة على الارض وتلقيها الى جانب كومة من القمامة في ميدان التحرير.

ونشرت جريدة المصري اليوم المستقلة على موقعها الالكتروني تسجيل فيديو لم يتسن التحقق من صحته لمحتجين يجرهم رجال أمن من شعورهم ويضربونهم بالهراوات.

وبحلول ليل الاحد استعاد المحتجون السيطرة على الميدان واستؤنف هتاف "يسقط يسقط حكم العسكر."

استقالة وزير الثقافة

قدم وزير الثقافة المصري عماد الدين أبو غازي استقالته بسبب اعتراضه "على معالجة الحكومة للأحداث الأخيرة" في ميدان التحرير، كما أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الاثنين.

وقال أبو غازي انه قدم استقالته "بسبب الاعتراض على معالجة الحكومة للأحداث الأخيرة في التحرير" ، وذلك اثر المواجهات الدامية بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بإنهاء الحكم العسكري. 

موسكو تدعو للحوار

أعربت روسيا عن قلقها ازاء الوضع في مصر، ودعت اطراف النزاع الى ضبط النفس والحوار.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان صدر يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني إن "الاحداث الجارية في جمهورية مصر الصديقة تثير القلق. ونرى ان المخرج من الوضع القائم يكون بالامتناع عن العنف وضبط النفس من قبل جميع الاطراف، وان حلول المشاكل والتناقضات، الطبيعية في مرحلة التحولات الديمقراطية الجوهرية، تأتي عن طريق الحوار وبعيدا عن اساليب القوة".

واشار البيان الى أن روسيا "واثقة من أن هذا سيؤمن الهدوء والاستقرار واستمرار عملية الاصلاحات الاجتماعية ـ الاقتصادية التي بدأت في مصر بما يصب في مصلحة الشعب بأكلمه".

كما لفت البيان الى أن وزارة الخارجية الروسية تؤكد توصياتها للمواطنين الروس المتواجدين في مصر بالابتعاد عن المناطق التي تشهد احتجاجات ومظاهرات، وللأشخاص الذين قدموا الى مصر بهدف السياحة بعدم التجول خارج اماكن الاستجمام.

في سياق متصل قال البيان أن ميخائيل بغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي التقى علاء الحديدي، السفير المصري لدى روسيا يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث اعرب المسؤول الروسي عن قلقه حيال الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في القاهرة وعدد من المدن المصرية.

وقال بغدانوف "لقد اعربنا عن أملنا ان تأمين الاستقرار والنظام في هذا البلد الصديق سيعودان بالمصلحة على عملية الاصلاحات الاجتماعية والسياسية التي يتطلع اليها الشعب".