هناك سردية تقول أن الجماعات الجهادية كداعش في سوريا والعراق وأنصار الشريعة في ليبيا والقاعدة في اليمن تمارس أفعالا أدت إلى وأد الثورات وتخريب مشروع الانتقال الديمقراطي، ومن أبرز ما يتم التركيز عليه أن جماعة أنصار الشريعة الليبية كانت سببا لحدوث المحاولة الانقلابية للجنرال حفتر أحد مساعدي القذافي السابقين، السردية تقول أيضا أن هذه الجماعات تريد تطبيق نظام ديني متطرف تفرضه على الناس بالقوة مما يجعل الناس ينفرون منه ولا تكون قضية الحرية أولوية بالنسبة لديهم، بل يكون الأمن القاسي مقبولا في سبيل تخليصهم من هذه الجماعات، وهذا الأمن القاسي يتمثل في النظام القديم والثورة المضادة غالبا.
حسنا هذه السردية مكرورة لكن لنختبرها بشكل آخر، اختبارنا لهذه السردية هي في الحالة المصرية فلم تكن هناك جماعات جهادية ظاهرة ولا حالات إرهاب في عهد الرئيس المنتخب مرسي، ورغم ذلك فالغرب وقف موقف المتفرج أمام الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال السيسي بل الغرب كان موقفه المتفرج أقرب ما يكون للدعم بشكل أو بآخر حتى أن أوباما في آخر تصريح له بعد الانتخابات الرئاسية المهزلة التي جرت مؤخرا في مصر يقول: إن الاولوية في مصر هي الأمن ثم تأتي الحرية والديمقراطية، إذن الثورة المضادة في مصر قفزت وسمح الغرب لها أن تقفز وتمر ولم يبال بمبادئ الديمقراطية التي يفخر فيها في دولته، الغرب فكر بلغة المصالح بشكل كامل ونشهد الله أن الجماعات المتطرفة من القاعدة مرورا بداعش وغيرها لم يكن لديها أي علاقة في الانقلاب المصري ولا يمكن أن تلام أنها فتحت الطريق لذلك أو مهدت الطريق.
في ليبيا الآن هناك جماعة متطرفة اسمها أنصار الشريعه، حيث تقول التايمز في تقرير لها أن قوات أميركية وفرنسية وجزائرية تتوجه إلى جنوب ليبيا لمساعدة حركة الانقلاب التي يقودها اللواء حفتر، ويقول التقرير أن هذه القوات ستطارد القاعدة في بلاد المغرب ومجموعات متطرفة من أنصار الشريعة الليبية. ورغم نفي أميركا لهذا الخبر بعد نشر تقرير التايمز إلا أن غض الطرف عن حفتر يبدو ظاهرا على الأقل، كما تم غض الطرف عن السيسي.
بكل صراحة إذا كنا نبحث عن الحريات والديمقراطية ونجالد لأجلها سلميا ونرفض العنف والتطرف وينجح أحد النماذج كالنموذج المصري بلا إرهاب ولا تطرف ثم يتفرج عليه الغرب والثورة المضادة تنقلب عليه عسكريا، فلن نبالي كثيرا فيما لو أن جماعات متطرفة أخافت الغرب في بلدان ربيع عربي آخر، ذلك أن الغرب في الحالتين لن ينصر الديمقراطية سواءا بوجود الإرهاب أو غيابه، والغرب تجاهل تحذيرات العاقلين أن غياب الديمقراطية والحريات سبب للإرهاب، فليناصر العم سام الدكتاتوريات مرة أخرى لكنه سيشرب من نفس كأس سبتمبر، وعليه أن يفهم أن الدكتاتوريات تعني الإرهاب.
اقرأ أيضاً:
خديعة الفكر"الجهادي": ازدواجية الجهاديين وعلاقاتهم بوكالات الاستخبارات