وزير دفاع جورجيا اسرائيلي هوى بعد فشله بمواجهة الاجتياح الروسي

تاريخ النشر: 02 أبريل 2010 - 07:17 GMT

لم يصدق أحد أن بوسع ديفيد كزرشفيلي أن يسقط من علياء كرسيه في الحكومة الجورجية بالسرعة نفسها التي صعد فيها إلى ذلك الكرسي. ولمن لا يعرفه فإن كزرشفيلي كان وزير الدفاع الذي خاضت جورجيا حربها ضد روسيا في عهده.

ورغم أن كزرشفيلي جورجي الأصل والولادة، إلا أنه أيضا كان إسرائيليا. ومن الجائز أن بعض أهم أسباب صعوده في الحياة السياسية الجورجية كان بسبب انتمائه الإسرائيلي.

وتروي صحيفة "معاريف" أن قصة كزرشفيلي لا تصدق تقريبا. فخلال 16 عاما تقريبا هاجر إلى إسرائيل من جورجيا، ثم عاد إليها وتولى مناصب رفيعة فيها، بينها وزارة الدفاع. ثم أقيل من منصبه وعاد إلى إسرائيل. لكن ما يلاحقه في إسرائيل ليس فقط إحباطات الهزيمة في الحرب مع روسيا وإنما كذلك اتهامات بالفساد ورشى لصفقات سلاح بعضها مع إسرائيل.

وبحسب السيرة الذاتية لكزرشفيلي، فإنه ولد في تبليسي في العام 1978، وهاجر الى إسرائيل في الرابعة عشرة من عمره. لكنه ما أن تغير الوضع في الجمهوريات السوفياتية حتى ترك والديه في مدينة حولون قرب تل أبيب، وعاد إلى تبليسي لإتمام دراسته الثانوية والجامعية. وخلال دراسته تعرف إلى ميخائيل ساكشفيلي، وعمل مساعدا له في وزارة العدل، قبل أن يغدو الأخير رئيسا لجورجيا في العام 2003.

واختار الرئيس الجديد الشاب كزرشفيلي ليرأس شرطة الجرائم المالية في نطاق حملته لمكافحة الفساد. ويبدو أن أداء كزرشفيلي أدهش الرئيس المعجب باليهود في أميركا، وبإسرائيل، فعمد إلى تعيينه وزيرا للدفاع في العام 2006، قبل أن يبلغ الثامنة والعشرين من عمره. والأدهى أن كزرشفيلي لم يسبق له أن أدى الخدمة العسكرية، لا في إسرائيل ولا في جورجيا.

لكن ذلك لم يمنع كزرشفيلي، الذي يجيد العبرية، والذي كان من بين ثلاثة وزراء يهود يحملون الجنسية الإسرائيلية في حكومة جورجيا، من العمل لتعزيز العلاقات

العسكرية مع إسرائيل. وأبرمت جورجيا في عهده عقودا لشراء طائرات من دون طيار وأنواع معينة من الأسلحة، والأهم لتدريب القوات الخاصة الجورجية.

ومن المعروف أن من بين أبرز المستشارين للقوات الجورجية العميد غال هيرش، القائد الفاشل لـ"فرقة الجليل" الاسرائيلية التي شنت الحرب على لبنان في تموز العام 2006. وكانت جورجيا مرتعا لتجار السلاح وشركات التدريب الإسرائيلية. وقد خشيت الحكومة الإسرائيلية، جراء الحرب بين جورجيا وروسيا، من عواقب عدم ضبط هذه المسائل. وكانت روسيا قد طلبت رسميا من إسرائيل وقف بيع السلاح والذخائر والخبرات لجورجيا.

وشددت روسيا على وجه الخصوص على صفقات طائرات التجسس والأسلحة ذات الطابع الهجومي. ولعب الجنرال إسرائيل زيف والعميد غال هيرش دورا بارزا في إعادة بناء كتائب سلاح المشاة والوحدات الخاصة وفق الأسلوب الإسرائيلي. لكن جنرالات إسرائيليين آخرين شاركوا أيضاً في تقديم المشورة والخبرات للقوات الجورجية في عهد كزرشفيلي.

وفي صيف 2008، استفزت جورجيا روسيا في عدد من أقاليم الحكم الذاتي مستندة إلى وعود غربية. وكانت صدمة الجورجيين بغزو القوات الروسية مناطق شاسعة من أراضيهم من دون أن يفعل الغرب شيئا تقريبا، ومن دون أن تتمكن القوات المدربة إسرائيليا من الصمود. فقرر رئيس الحكومة الجورجية إقالة وزيري الدفاع والخارجية.

لكن كزرشفيلي سرعان ما انخرط في الأعمال، وأنشأ شركة استشارية وشرع بالوساطة في صفقات مع شركات إسرائيلية. وبدأت الصحف الجورجية في التنقيب عن علاقاته مع إسرائيل، التي صار يزورها بشكل مكثف. بل ان الصحف الجورجية تحدثت عن أنه هرب إلى إسرائيل بعدما فتحت تحقيقات ضده. وأشارت الصحف إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي يحقق أيضا في شبهات بقيام كزرشفيلي بتلقي رشى على صفقات سلاح أبرمها مع شركات أميركية.

وتشير "معاريف" إلى أن كزرشفيلي يوزع وقته حاليا بين جورجيا وإسرائيل حيث يؤكد ارتباطه بالمكانين. ونفى أن يكون قد نقل أعماله لإسرائيل، مشددا على أنه يزور عائلته ويلتقي أصدقاء. ويقول "عندي شقتي ووالداي يعيشان هنا معظم الوقت. وكيهودي، فإن الأمر ليس غريبا".

تجدر الإشارة إلى أن وزيرا يهوديا آخر يحمل لقب "وزير دمج الأقاليم المنشقة"، وهي الأقاليم التي نشبت الحرب مع روسيا بسببها، هو تيمور يعقوبشفيلي. وكان قد اشتهر أثناء الحرب بمقابلاته باللغة العبرية على القنوات ووسائل الإعلام الإسرائيلية. والأمر أيضا ينطبق على وزير آخر وهو لاشا جبانيا، الذي كان وقت الحرب وزيرا للتطوير الاقتصادي، وترك الحكومة في أيلول (سبتمبر) الماضي، وغدا رجل أعمال بشراكة مع إسرائيليين.