وثيقة إماراتية تكشف خطة تعامل أبوظبي مع أزمة تونس

تاريخ النشر: 03 يناير 2018 - 01:16 GMT
 وثيقة إماراتية تكشف خطة تعامل أبوظبي مع أزمة تونس
وثيقة إماراتية تكشف خطة تعامل أبوظبي مع أزمة تونس

حصلت "عربي21" على وثيقة سرية إماراتية تكشف مخطط أبوظبي للتعامل في الأزمة الحادة الأخيرة مع تونس والتي نشبت في أعقاب قرار الامارات منع التونسيات من السفر على متن "طيران الامارات"، كما تتضمن تقديراً للموقف بشأن الأزمة، وتشتمل أيضاً على جملة من التوصيات بشأن التعامل مع الأزمة، وهي توصيات يبدو أن أبوظبي أخذت بها فعلا خلال الأيام الماضية. 

 وتقع الوثيقة التي تنشرها "عربي21" حصريا في أربعة صفحات، وتعود الى يوم السابع والعشرين من كانون أول/ ديسمبر 2017، وهي صادرة عن "إدارة تخطيط السياسات" في وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الامارات، وموجهة بشكل حصري وسري الى خمس مسؤولين كبار فقط على رأسهم وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش. 

 وتتضمن الوثيقة التي تنشر "عربي21" نسخة منها ثمانية توصيات لتعامل الامارات مع الأزمة، لكنَّ أهم وأبرز هذه التوصيات الثمانية أن الوثيقة توصي الخارجية بـ"تحريك جمعيات ومواقع إعلامية داخل تونس لقلب النقاش ضد حركة النهضة بزعم انها المسؤولة عن الأعداد الكبيرة من الداعشيات التونسيات اللواتي أصبحن يُسئن للمرأة التونسية وصورتها التقدمية في الأذهان"، وذلك بحسب النص الذي جاء في الوثيقة.

 وتكشف هذه التوصية كيف تدفع الامارات الأموال لبعض وسائل الاعلام في العالم العربي من أجل الخلط بين قوى الاسلام السياسي الديمقراطي وبين تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يجند الانتحاريين وينفذ العمليات الارهابية في دول عربية وغربية، وهو ما توصي به الوثيقة التي تريد تحويل الغضب الشعبي التونسي تجاه دولة الامارات الى جدل حول حركة النهضة التي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي والتي تمثل ما بات يعرف بالتيار الديمقراطي الاسلامي والذي تلقى أطروحاته رواجا في العالم الاسلامي، بما في ذلك دول الخليج العربي. 

 وانتهت الوثيقة الى تبني ثمانية توصيات، أولها "استبعاد فرضية الاعتذار لتونس كون الاعتذار يُسيء لصورة دولة الامارات، لأن الأمر يتعلق بقرار أمني سيادي يجب التمسك به وعدم الالتفات الى مطالب الاعتذار". 

 أما التوصية الثانية فهي "ضرورة الانتباه الى الطريقة التي يُوظف بها إخوان النهضة هذه الأزمة، وكيف يهاجمون دولة الامارات، فسُمية الغنوشي هاجمت دولة الامارات وربطت القرار السيادي الاماراتي بكونه ضد ما سمته "الربيع العربي"، علما وان الإمارات تتعمد الخلط باستمرار بين النهضة والاخوان وتخوض معركة شرسة ضد التوجهات الديمقراطية في المنطقة.

 وتضيف الوثيقة أن "السبسي وحكومته لا ينتبهون الى أن طلب اعتذار من دولة الامارات يخدم مصلحة حركة النهضة التي ستوظف تصعيد الأزمة لاعادة الانتشار داخلياً قبل الانتخابات المقبلة"، على حد تعبير الورقة. 

 وتشكل هذه التوصية الثانية  حثا على التدخل في الشؤون الداخلية لتونس، وتحريض حزب "نداء تونس" الذي ينتمي له الرئيس السبسي ضد حركة النهضة الاسلامية والايحاء للرئيس السبسي بأن تصعيد الأزمة سوف يخدم منافسيه في الانتخابات القادمة.

 ورأت الوثيقة في التوصية الثالثة أنه "من المهم لوزارة الخارجية الاماراتية أن تربط بين قرارها وفكرة التدخل الأمني الوقائي والاستباقي، وأن تعتبر ان القرار يدخل ضمن الاجراءات الزمنية الاحترازية المؤقتة التي قد تُرفع بعد زوال الخطر، فالأمر يتصادف مع حركة تنقل المقاتلين الارهابيين الأجانب عبر المطارات، كما أنه يتصادف مع المعلومات التي تشير الى أن تنظيم داعش أصدر أوامره بتوظيف النساء في عملياته الارهابية بعد الحصار المضروب على المقاتلين الارهابيين الذكور".

 وتلفت التوصية الرابعة الى ضرورة "الانتباه الى أن الإضرار بموقف حزب نداء تونس سيصب في مصلحة حركة النهضة، ولذلك يوصى بعدم إضعاف موقف الرئيس السبسي وحزبه، ومن هنا ضرورة ابتعاد الخطاب السياسي والاعلامي الاماراتي عن أي تهديد مباشر أو غير مباشر لمصالح التونسيين المقيمين في الامارات الذين يُقدر عددهم بنحو 28 ألفاً". بما يوحي بان الإمارات وضعت على رأس أهدافها مواجهة النهضة وفِي الحد الأدنى محاصرتها وإضعافها. 

 أما التوصية الخامسة في الوثيقة فهي: "الاستمرار في تكرار التوضيح الاماراتي الهادئ بخصوص أن دولة الامارات تقدر عالياً أواصر الصداقة والأخوة مع أشقائها في تونس، وأنها تُكنّ بالغ الاحترام لمكانة المرأة التونسية في بلدها، ودورها الريادي والتقدمي في جميع المجالات، وأنها حريصة على أن تظل تونس بلداً صديقاً لدولة الامارات". 

 وقد بدأ تنفيذ هذه السياسة فعلا من خلال تعليقات لشعراء وشخصيات مقربة من ابو ظبي تثني على تونس ونسائها بهدف امتصاص موجة الغضب. 

ودعت الوثيقة في التوصية السادسة الى "استمرار الترحيب الاماراتي بتصريحات الناطقة باسم الرئاسة التونسية سعيدة قراش التي قالت فيها إن ما يحدث بين تونس والامارات لا يرقى الى حدود الأزمة الدبلوماسية وأن الأمور بينهما لا تُدار بروح عدائية، وكذلك إبراز تصريحات السفير التونسي في الامارات التي قال فيها إن العلاقات الاماراتية التونسية متينة وصلبة وهي أقوى من أي اشكالية ظرفية".

كما دعت الوثيقة في التوصية السابعة الى "الابتعاد الاعلامي عن مهاجمة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى تونس "لأن الحكومة التونسية سترد بأن هذا قرار سيادي"، على حد تعبير الوثيقة.

أما في التوصية الثامنة وهي الاخطر فتقول الوثيقة "من الممكن تحريك جمعيات ومواقع إعلامية داخل تونس لقلب النقاش ضد "النهضة" لكونها المسؤولة عن الأعداد الكبيرة من الداعشيات التونسيات اللواتي أصبحن يسئن للمرأة التونسية وصورتها التقدمية في الاذهان" بما يؤكد فعلا ان الإمارات تراهن على تحريك شبكاتها الإعلامية والسياسية لاستخدام ملف الاٍرهاب ضد النهضة والعمل على تشويه صورتها لدى الرأي العام التونسي والدولي. 

وتشكل هذه الوثيقة التي حصلت عليها "عربي21" حصريا أقوى تعبير عن القلق الاماراتي من الأزمة التي نشبت مؤخراً مع تونس، وذلك عندما فوجئ التونسيون بقرار منع النساء التونسيات من السفر على متن الخطوط الجوية الاماراتية، وهو ما ردت عليه تونس لاحقاً بمنع طائرات "الامارات" من الهبوط في المطارات التونسية، فضلاً عن موجة غضب شعبية غير مسبوقة في تونس ضد الامارات تضمنت العديد من الحملات على شبكات التواصل الاجتماعي.