جلست وفود واشنطن وغريمتيها ايران وسوريا وجها لوجهة على مائدة الحوار في مؤتمر بغداد الذي افتتح السبت بهدف وقف العنف الطائفي المتنامي بالعراق.
افتتاح المؤتمر
وفي افتتاح المؤتمر قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنه يتعين الا يصبح العراق ساحة تصفي دول اخرى خلافاتها عليها وتتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
وطالب المالكي في كلمته دول جوار العراق ان تمتنع دول على الصعيدين الاقليمي والدولي عن التدخل في شؤون العراق الداخلية او التأثير عليه من خلال تأييد طائفة او حزب او عرق.
وطالب المالكي في الكلمة المكتوبة الدول الى "اتخاذ موقف قوي وواضح ضد الارهاب في العراق."
وقال "ونتوقع تعاونا في تجفيف منابع الارهاب واصوله."
واضاف " نتطلع الى دعم جيراننا في ايقاف الفتن."
ولم يذكر أي دولة بالاسم.
ودعا العراق الى عقد هذا الاجتماع للحصول على دعم اقليمي لوقف أعمال العنف التي تعصف ببغداد ومناطق اخرى من البلاد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة قبل اربع سنوات وأطاح بصدام حسين .
ويجمع المؤتمر الذي يستمر يوما واحدا مسؤولين من جيران العراق والاعضاء الدائمين بمجلس الامن الدولي وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ودول عربية. وبصفة عامة سيكون هناك 16 مندوبا في الاجتماع.
ولكن من المرجح ان يتركز الاهتمام على جلوس الولايات المتحدة مع سوريا وايران اللتين تتهمهما واشنطن بتأجيج الحرب العراقية من خلال دعم سواء المسلحين السنة او الميليشيات الشيعية. وتنفي ايران وسوريا هذه الاتهامات.
وعلى الرغم من ان المؤتمر يسعى الى سبل توفير الدعم الاقليمي للحكومة العراقية فانه يأتي على خلفية تزايد التوتر بين اميركا وايران بسبب الطموحات النووية الايرانية.
ووصل وفد ايراني الى قاعة المؤتمر وجلس الاعضاء في مقاعدهم دون اجراء أي اتصال مباشر مع المندوبين الاميركيين قبل افتتاح المؤتمر رسميا.
ومع بدء وصول المندوبين ارتفعت اعلام الوفود على المنصة داخل قاعة المؤتمر حيث وضع العلم الاميركي بجوار علم روسيا وعلى مبعدة من العلمين الايراني والسوري.
ويقول البعض ان المؤتمر يمكن اعتباره اجتماع علاقات عامة لاستعراض الوحدة بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وهي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا.
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لرويترز في مقابلة يوم الجمعة ان العراق لا يريد ان يصبح ساحة قتال لتسوية الحسابات للدول الاخرى وان تسوي تلك الدول حساباتها مع الولايات المتحدة على حساب العراق.
وصرح الرئيس الاميركي جورج بوش بان الرسالة الاميركية لدمشق وطهران ستكون واضحة خلال مؤتمر السبت.
واضاف "رسالتنا للسوريين والايرانيين لن تتغير خلال ذلك الاجتماع .. نتوقع منكم (سوريا وايران) مساعدة هذه الديمقراطية الشابة."
ومضى يقول ان الولايات المتحدة "ستدافع عن نفسها وعن شعب العراق من الاسلحة التي يتم نقلها لإيذائهم."
وتتهم الولايات المتحدة ايران وسوريا بالتحريض على العنف في العراق وتقديم الاسلحة والدعم لجماعات المتشددين وهي اتهامات تنفيها الدولتان.
ايران: اختبار لسياسة واشنطن
وفي المقابل ردت طهران على الرئيس الاميركي وعلى لسان رئيس الوفد بقوله إن ايران ترى أن الاجتماع "اختبار" لما اذا كانت الولايات المتحدة جادة في محاولة حل المشاكل العراقية.
ونقلت وكالة الطلبة الايرانية للانباء عن عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون القانونية والدولية قوله قبل مغادرة طهران ان الهدف الرئيسي من الاجتماع هو المساعدة في تحسين الامن وجهود المصالحة في العراق.
وأجاب ردا على سؤال حول حضور مسؤولين أميركيين وايرانيين قائلا "من وجهة نظرنا هذا الاجتماع اختبار... لقياس السياسات الامريكية ومعرفة ما اذا كانت أميركا تحاول بحق حل المشاكل بالرغم من أنها ما زالت تبحث عن المغامرات."
وتتهم واشنطن ايران وسوريا بتأجيج الحرب العراقية بمساندة اما الميليشيات الشيعية أو المسلحين السنة. وتنفي ايران وسوريا هذه الاتهامات.
واشنطن: عصا وجزرة
غير ان الولايات المتحدة المحت في المقابل الى الى استعدادها لاجراء محادثات ثنائية مع ايران قبيل المؤتمر.
وقال السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد الذي يرأس الوفد الاميركي الى المؤتمر ان الولايات المتحدة قد تكون مستعدة لاجراء محادثات ثنائية مع خصمها طهران.
وقال خليل زاد الجمعة لمحطة "سي ان ان" انه "اذا رأينا ان عقد لقاء ثنائي يمكن ان يكون مفيدا فسوف نكون جاهزين ومستعدين للقيام بذلك".
واضاف "نحن نقول اننا مستعدون للجلوس مع ايرانيين والتحدث بشان العراق اذا كان ذلك مفيدا".
وتابع "ولدي هذه الصلاحية منذ نحو العام ولكننا لم نتمكن من القيام بذلك اما بسبب التوقيت او اننا شعرنا ان الاجتماع لن يكون مفيدا او ان الايرانيين لم يكونوا مستعدين للمشاركة".
وستشكل المحادثات التي ستجري اليوم السبت في بغداد فرصة نادرة للقاء مسؤولين من ايران وسوريا مع نظرائهم الاميركيين.
ولا تقيم واشنطن اية علاقات دبلوماسية مع ايران منذ عقود وشهدت علاقاتها مع دمشق توترا شديدا بسبب المزاعم بالتدخل السوري في لبنان.
ورفض الرئيس الاميركي جورج بوش بقوة وثبات التعامل مباشرة مع الدولتين وقال ان اي محاولة اميركية للقيام بذلك ستجعل ايران تسعى الى الحصول على تنازلات في نزاعها مع الغرب بشان برنامجها النووي كما من شانه ان يشجع سوريا على اعادة سيطرتها على لبنان.
ولكن ومع نفاد الخيارات لتجنب اندلاع حرب اهلية واسعة النطاق في العراق وتحت ضغوط الكونغرس الديموقراطي على ادارة بوش لسحب القوات الاميركية من العراق فقد سمح بوش باجراء لقاءات مباشرة مع طهران ودمشق.
وسعى مسؤولون اميركيون جاهدون لتبديد الفكرة بان هذا يمثل تغيرا كبيرا في سياسة ادارة بوش واكدوا على ان مثل هذا الاجتماع سيركز على تحسين الامن في العراق والامكانيات السياسية لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.