لم تستبعد واشنطن الخيار العسكري لانهاء القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه، فيما اعلن الصليب الاحمر ان مسؤولة الشؤون الانسانية الاممية فاليري اموس وقافلة من الهلال الاحمر السوري سمح لهم بدخول حي بابا عمرو بحمص ووجدوا أن أغلبية المدنيين فروا.
وقد دافع وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا يوم الاربعاء عن النهج الحذر الذي تتبناه الولايات المتحدة في محاولتها انهاء أعمال العنف الجارية في سوريا رغم انتقادات لاذعة من مشرعين تساءلوا كم من الناس يجب أن يموتوا قبل أن تستخدم حكومة أوباما القوة.
ورغم تأكيد بانيتا ورئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي على الحاجة الى توافق دولي بشأن سوريا والتحدي المتمثل في أي عمل عسكري الا انهما ابلغا لجنة في مجلس الشيوخ بأن تخطيطا عسكريا أوليا يجري.
وقالا انه بناء على طلب الرئيس الامريكي باراك أوباما درست وزارة الدفاع (البنتاجون) الخيارات العسكرية الامريكية في سوريا وتقييم قضايا مثل المهام المحتملة وتشكيل القوات السورية.
وقال بانيتا ان وزارة الدفاع ناقشت النتائج مع مجلس الامن القومي وتعمل من خلال المزيد من الافكار المتعلقة بتلك الخيارات. لكنه قال ان الوزارة "في انتظار توجيهات الرئيس" قبل البدء في تخطيط طارئ أكثر تفصيلا.
ولم يظهر أوباما اي حماسة في عام الانتخابات لمشاركة أمريكية في مهمة عسكرية للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد. وقال يوم الثلاثاء انه من الخطأ الاعتقاد بأن هناك حلا بسيطا لحملة دامت عاما كاملا على المعارضة السورية أو أن الولايات المتحدة يمكنها العمل من جانب واحد.
وأكد ديمبسي على الطبيعة الاساسية للتخطيط.
وابلغ لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ "تنظر عملية تقدير القائد حقا في ... ما هي المهام المحتملة وما هو ترتيب العدو للمعركة وما هي قدرات العدو ... ما هي القوات المتوفرة ومقدار الوقت. ومن ثم المهمة والعدو والتضاريس والقوات والوقت. هذا هو تقدير القائد."
وابلغ بانيتا وديمبسي اللجنة أن وكالات المخابرات الامريكية تعتقد أن الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد من السلطة أمر حتمي ان اجلا أو عاجلا.
وقال بانيتا "وجهة نظرهم هي أن حالة التمرد هذه عميقة جدا في الوقت الراهن ... في نهاية المطاف سيسقط بشكل أو باخر." لكن بعض أعضاء مجلس الشيوخ تساءلوا هل تستخدم الحكومة هذا التقييم لتبرير ردها البطيء.
وسأل السناتور جون مكين "كم روح اخرى من المدنيين يجب أن تزهق من أجل اقناعكم بأن الاجراءات العسكرية من النوع الذي نقترحه ضرورية لوضع حد للقتل؟ وكان مكين قد دعا الى شن غارات جوية على سوريا. وقال مكين "كم شخص اخر يجب أن يموت؟ عشرة الاف اخرين؟ عشرون ألفا اخرين؟"
وكان أوباما حث الاسد على وقف العنف ضد شعبه والتنحي للسماح بتحول ديمقراطي. غير أن الجهود المبذولة من أجل توافق دولي تجاه سوريا تجد مقاومة.
وعارضت روسيا والصين اي تدخل مثلما حدث في ليبيا العام الماضي واعترضتا بحق النقض (الفيتو) الشهر الماضي على قرار لمجلس الامن التابع للامم المتحدة يؤيد دعوة جامعة الدول العربية الى تحول سياسي بموجبه يتنازل الاسد عن السلطة.
وتشير تقديرات الامم المتحدة الى أن نحو 7500 شخص في سوريا قتلوا منذ اجتاحت الاضطرابات العالم العربي في العام الماضي وبدأ المتظاهرون مطالبة الاسد بالتنحي والسماح باجراء انتخابات حرة. وقالت سوريا في ديسمبر كانون الاول ان معارضي الحكومة قتلوا حوالي 2000 من قوات الامن.
وابلغ بانيتا اللجنة أن الحكومة الامريكية لا تزال تحاول التوصل الى توافق بشأن التصدي للعنف في سوريا.
وقال بانيتا "هذا هو الاكثر عقلانية. لا معنى لاتخاذ اجراءات من جانب واحد في هذه المرحلة."
وقال ارام نركيزيان المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان مسؤولي الدفاع لهم مبررهم في انتهاج سياسة حذرة تجاه سوريا نظرا لقوتها العسكرية وانقساماتها السياسية والطائفية.
وقال نركيزيان "الحقيقة ان سوريا أكبر وأكثر تعقيدا من أن يمكن القفز عليها دون أخذ نبض حقيقي عن اللاعبين وما هي الاحتمالات الحقيقية وكيف يمكن أن يحدث هذا في ارض الواقع."
وضغط بعض المشرعين لاستخدام سلاح الجو الامريكي لضرب الدبابات والمدفعية السورية التي استخدمت لمحاصرة المدن المعارضة. واستخدمت القوة الجوية بشكل مماثل في ليبيا العام الماضي وكذلك في البوسنة وكوسوفو في التسعينات.
لكن ديمبسي حذر من أن الدفاعات الجوية السورية أكثر تقدما بكثير من تلك التي كانت في ليبيا أو البوسنة.
وقال "لديهم أنظمة دفاع جوي تفوق في تطورها تقريبا خمسة أمثال الانظمة التي كانت موجودة في ليبيا وتغطي خمس المساحة... كل دفاعاتهم الجوية تنتشر على الحدود الغربية وهي مركز سكانها."
وعبر ديمبسي عن تردده في أن يناقش علنا مسألة الدول التي تورد الاسلحة الى سوريا. لكنه اقر بأن ايران ترسل اسلحة خفيفة وقذائف صاروخية وأسلحة مضادة للدبابات لقوات الاسد. وقال ان دولا اخرى تربطها اتفاقات مبيعات مع طهران تقدم "اشياء أكبر بما في ذلك الدفاعات الجوية."
وحث أعضاء مجلس الشيوخ حكومة أوباما على اتخاذ اجراء تجاه دمشق ووافقت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الامريكي يوم الاربعاء على مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على قطاع الطاقة في سوريا ويدعو الى احالة الرئيس بشار الاسد الى محكمة دولية لجرائم الحرب.
بابا عمرو
الى ذلك، قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان مسؤولة الشؤون الانسانية بالامم المتحدة فاليري اموس وقافلة من الهلال الاحمر العربي السوري سمح لهم يوم الاربعاء بدخول حي بابا عمرو بمدينة حمص ووجدوا أن أغلبية المدنيين فروا.
وقد بدأت اموس التي لم تسمح السلطات السورية لها بدخول البلاد الاسبوع الماضي مهمة تستمر ثلاثة أيام لمحاولة اقناع السلطات بالسماح لعمال الاغاثة بتقديم المساعدات دون أي عقبات للمدنيين المحتاجين.
وقابلت اموس يوم الاربعاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وعادت اموس الى دمشق مساء الاربعاء ومن المقرر ان تختم زيارتها يوم الجمعة.
وكانت قافلة تابعة للجنة الدولية للصليب الاحمر تقف عاجزة عن الدخول الى بابا عمرو منذ يوم الجمعة. وكان مقاتلو المعارضة انسحبوا اليوم السابق بعد ان تعرضت حمص الى قصف القوات السورية طوال شهر.
وتحدث نشطاء عن اعمال انتقامية من جانب قوات الرئيس السوري حافظ الاسد في بابا عمرو بعد انسحاب مقاتلي المعارضة.
ووجد فريق من موظفي الاغاثة التابعين للهلال الاحمر العربي السوري الذين دخلوا حي بابا عمرو يوم الاربعاء للمرة الاولى منذ عشرة ايام ان معظم السكان فروا.
وقال هشام حسن المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر لرويترز في جنيف "مكث الهلال الاحمر العربي السوري داخل بابا عمرو لمدة 45 دقيقة. وجد (الفريق) ان معظم السكان غادروا بابا عمرو الى مناطق أخرى زارها بالفعل الصليب الاحمر والهلال الاحمر السوري الاسبوع الماضي."
وأضاف ان هذه المناطق الاخرى في حمص وقرية قابل القريبة التي وزع بها عمال الصليب الاحمر والهلال الاحمر مساعدات يوم الاربعاء للمرة الثانية منذ يوم الاحد.
وقال حسن ان فرق الاغاثة قدمت مساعدات الى نحو 450 أسرة في قابل يوم الاربعاء ونحو 2700 شخص معظمهم من حي بابا عمرو. وكان ذلك اضافة الى نحو 2100 شخص تلقوا مساعدات في وقت سابق من الاسبوع الامر الذي يشير الى ان الالاف من الناس فروا من بابا عمرو الى قابل.
وسئل حسن هل عرف مصير معظم المدنيين من بابا عمرو فرد بقوله "لا سبيل لدينا لنعرف ذلك لكننا نريد ان نواصل مساعدة الناس ومنهم من فروا من بابا عمرو."
وفي وقت سابق قالت اليزابيث بايرز المتحدثة باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية أن اموس عقدت مباحثات مع مسؤولي وزارة الخارجية في دمشق وانها في طريقها الى حمص ثالث اكبر المدن السورية.
وأكدت وزارة الخارجية السورية ان اموس عقدت مباحثات مع وزير الخارجية وليد المعلم لكنها لم تذكر تفاصيل اخرى.
وقالت وكالة الانباء السورية ان الوزير شدد على ان القيادة السورية تفعل ما في وسعها لتلبية احتياجات المدنيين على الرغم من الاعباء التي تسببها "العقوبات الجائرة" التي فرضتها بعض الدول العربية والغربية.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اول وكالة دولية يسمح لها بارسال عمال اغاثة الى سوريا. وكانوا يقدمون أغذية ومؤنا طبية منذ بدء الصراع قبل نحو عام.
وقامت فرق الهلال الاحمر باجلاء 30 شخصا يحتاجون الى العناية الطبية من بابا عمرو في زيارتيهم السابقتين وبعضهم مصاب بجراح خطيرة.