تعيش الولايات المتحدة تحت وطأة سيناريو كارثي يقوم على تحرك ارهابي معزول او خلية صغيرة لتسديد ضربة مفاجئة على الاراضي الاميركية ويبعث الهلع بين المسؤولين الاميركيين الذين يدركون صعوبة التصدي لمثل هذه المخططات.
وبعد مرور سنتين ونصف السنة على اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 تم خلالها تعزيز الإجراءات الامنية داخل الولايات المتحدة وتشديد المراقبة عند نقاط العبور الحدودية وتكثيف عمليات التنصت على الاتصالات الهاتفية، يبدو من الصعب ان تتعرض الولايات المتحدة لاعتداء يعتمد تنظيما معقدا او وسائل متطورة.
غير ان الخبراء الاميركيين يعتبرون من الممكن وقوع هجوم معزول ينفذه شخص منفرد او مجموعة صغيرة لا ترتبط بالضرورة بشبكة اوسع.
وقبل بضعة ايام على اعتداءات مدريد التي اوقعت 201 قتيلا ونحو 1500 جريح، تحدث مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) جورج تينيت عن تطور المخاطر الارهابية، بدون الدخول في التفاصيل.
وقال متحدثا الى لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ "حتى لو ان القاعدة ضعفت، الا ان مجموعات متطرفة اخرى من التيار ذاته تشكل الآن الموجة المقبلة من المخاطر الارهابية".
وكتب ايفو دالدر الخبير في معهد "بروكينغز انستيتيوشن" ان احد "الكوابيس العديدة" المنبثقة عن اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 يقوم على "احتمال ان يكون المزيد من الارهابيين يختبئون في الولايات المتحدة، على استعداد لشن هجوم في الوقت الذي يختارونه".
واعلن رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) روبرت مولر في نهاية شباط/فبراير في الكونغرس ان تنظيم القاعدة "ادرك الفائدة العملانية من تجنيد مواطنين اميركيين".
وقال ان عناصره كشفوا اميركيين ليسوا بالضرورة من اصل عربي او مسلمين، ضالعين في "التخطيط" لاعتداءات في الولايات المتحدة.
وقال البروفسور مارك سايجمان العميل السابق في السي اي ايه ان "الخطورة تكمن في ان يخضع اشخاص مقيمون منذ وقت قصير في الولايات المتحدة لعملية تحول ويصبحوا خطيرين".
وتابع الخبير في الشبكات الارهابية الذي سيصدر له كتاب حول هذا الموضوع خلال الاسابيع المقبلة، محددا ملامح هؤلاء الاشخاص "انهم متغربون يشعرون بالحنين الى بلادهم، الى عائلتهم، انهم احيانا طلاب، ينتمون الى مسجد ليس بالضرورة للتعبير عن ايمان ديني، بل بدافع الحاجة للاندماج في مجموعة".
وقال "قد يصدف في مثل هذا الاطار ان يلتقوا اشخاصا ليتحولوا بعدها الى ناشطين".
ومن الضروري بالتالي ان تسعى السلطات الاميركية لرصد اشخاص لم ينخرطوا بعد في نشاطات ارهابية عند دخولهم الاراضي الاميركية.
غير ان هذه المهمة اقرب الى المستحيل برأي مارك بورجس الضابط البريطاني السابق الذي قاتل في ايرلندا الشمالية وهو اليوم مدير دائرة مكافحة الارهاب في "مركز الاستخبارات للدفاع"، وهو مجموعة خبراء في واشنطن.
ويرى بورجس ان "حقل الاحتمالات يتدرج من الفرد المسلح المعزول الذي يقرر اعتناق قضية" الحركات الاسلامية "الى المجموعة التي تقرر التحرك بموجب ايديولوجيا مماثلة".
وتحدثت صحيفة واشنطن تايمز المحافظة اخيرا نقلا عن مسؤولين اميركيين واجانب لم تذكر اسماءهم عن وصول حوالي 400 ناشط اسلامي قريبا الى الولايات المتحدة، يخضعون حاليا للتدريب في مخيمات في باكستان وكشمير تحت اشراف منظمة "الحركة" المرتبطة بتنظيم القاعدة.
واوضحت الصحيفة ان هؤلاء العناصر قد ينضمون الى "خلايا هامدة" سيتم تحريكها في الوقت المناسب على الاراضي الاميركية.