خبر عاجل

وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم، إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، لعقد اجتماع رفيع مع عدد من القادة العرب والمسلمين، بهدف مناقشة تطورات الأوضاع في قطاع غزة وسبل التوصل ...

هل تخلت الصين عن فلاديمير بوتين؟

تاريخ النشر: 19 مارس 2022 - 05:32 GMT
هل تخلت الصين عن فلاديمير بوتين؟

اتصال الرئيس الصيني، شي جينبينغ، بنظيره الأميركي، جو بايدن، والذي ناهز الساعتين اليوم الجمعة، أكد براغماتية بكين والمصالح الأكبر بين الطرفين في نظرتيهما للحرب في أوكرانيا وأسلوب التعاطي مع فلاديمير بوتين الذي راهن على دعم العملاق الصيني وقد يخيب ظنه قريبا.

البيان الصيني قبل الأميركي أكد أن النزاعات العسكرية "ليست من مصلحة أحد" وأن الأزمة الأوكرانية "ليست أمرا كنا نود رؤيته"، في أصرح انتقاد علني من القيادة الصينية لغزوة بوتين، ويعكس دهاء بكين في مقاربتها للحرب وأيضا للتوازن السياسي والاقتصادي الدوليين. 

اليوم، الصين هي البديل الوحيد لروسيا لكسر عزلتها الاقتصادية، وهي الشريك الذي حاول بوتين كسب دعمه السياسي والعسكري في الحرب، لكن الصين، وهي العملاق الثاني الاقتصادي في العالم، ليست بالسذاجة والاستهتار السياسي لكي تدعم حربا غير ضرورية وغير استراتيجية وعنوانها الاستنزاف والتهور حتى قبل أن تبدأ.

أساء بوتين في قراءة الصين التي امتنعت عن دعمه في مجلس الأمن، ولم ترد بعد على طلباته العسكرية وأبقت مسافة واضحة من كارثته في أوكرانيا.

صحيفة "بيلد" الألمانية رصدت الخميس أن طائرة وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، كانت متجهة إلى الصين واستدارت في نصف الطريق فوق سيبيريا وعادت إلى موسكو، من دون إعطاء سبب لعدم استكمال الرحلة. 

قبل أسبوع كشفت تقارير روسية أن الصين لم تلب طلب روسيا بيعها قطع طائرات خوفا من العقوبات، وفي ذلك مؤشر آخر لحذر بكين من المرواغة في قضايا الشبكات المالية والاقتصادية.

الصين اليوم هي منافس استراتيجي لأميركا وصديقة لروسيا، لكنها منافس ذكي وليست صديقا طائشا. نظرتها إلى أوكرانيا تحكمها مواقفها التقليدية في الحفاظ على الأمن والشرع الدولية، ومصالحها الاقتصادية، والأهم من ذلك علاقتها مع الأوروبيين والشراكات التي أقامتها مع ألمانيا وفرنسا والنمسا، ضاربة بعرض الحائط تحفظات واشنطن وموسكو. 

من هنا أخطأ بوتين مرتين في غزو أوكرانيا: المرة الأولى في عدم توقع مستنقع دموي، المرة الثانية في الرهان على دعم غير مشروط من الصين يقوى على عصا العقوبات. وكما أخطأ بوتين في قراءة الصين، يخطئ من يراهن على حرب صينية-أميركية في المعترك الدولي. المنافسة الأميركية-الصينية جانبها استثماري وتوسعي وليس عسكريا اليوم، وحين يكون الملف هو حرب عشواء في أوكرانيا، أو اتفاق نووي مع إيران، أو تفاهمات حول التغيير المناخي ومحاربة الوباء فواشنطن هي أقرب لبكين مما هما كليهما لموسكو.

منافسة الصين وأميركا تختلف بالمطلق عن الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفياتي، وهنا الخلل في قراءة بوتين للمشهد الجيوسياسي. فالصين قد تبتلع روسيا اقتصاديا بآليات مصرفية بسبب أخطائها في أوكرانيا، إنما من دون أن تغامر بمواقفها على الساحة الدولية ومن دون أن تتخلى عن شراكتها مع الأوروبيين. 

بالنسبة لدول المنطقة، هناك درس هام في اتصال بايدن-شي وهو أن مصالح الكبار تعتمد على البراغماتية والتلاقي المشترك في صون المنظومة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية وليس كسرها. وحين يتحدث الكبار سواء كان الملف أوكرانيا أو أفغانستان أو إيران أو الانتشار النووي، يضيق هامش نجاح المغامرات العسكرية الهوجاء، والتي تتحول فرصة لإضعاف أطرافها وتقاسم حصصهم. 

جويس كرم - الحره