وافق القضاء الإسباني على إنشاء أول نقابة لـ"عاملات الجنس" في إسبانيا، مسقطا مسعى حكوميا لإبطال إقامة هذه المنظمة، على ما أعلنت الأربعاء المحكمة العليا الإسبانية، أعلى مرجعية قضائية في البلاد.
وأيدت المحكمة العليا النقابة معتبرة في قرار يفيد بأن "الترخيص المطعون به يتماشى مع القانون" كما أن عاملات الجنس "يتمتعن بالحق الأساسي في الحرية وحق إنشاء نقابة".
وكسرت المحكمة تاليا القرار الصادر في نوفمبر 2018، والذي ألغى ترخيص نقابة "أوتراس" بحجة أن السماح بها يمثل "قبولا بالقوادة (...) وهو نشاط غير قانوني".
ولا ينص القانون الإسباني صراحة على تشريع الدعارة أو حظرها لكنها تُمارَس بحرية وتنتشر بيوت الدعارة على نطاق واسع في البلاد.
جدل امتد لسنوات
تشهد إسبانيا جدلاً مستعراً منذ نهاية آب/ أغسطس الماضي، بشأن تأسيس نقابة لعاملات الجنس، بين مؤيدٍ ومعارض لهذه الخطوة في بلدٍ لم يشرّع حتى الآن هذا النوع من العمل، من دون أن يجرّمه أيضاً
أثير هذا النقاش بعدما نشرت الجريدة الرسمية في إسبانيا، الشهر الماضي، تأسيس نقابة جديدة تدافع عن حقوق عاملات الجنس، الأمر الذي حصل من دون علم وزيرة العمل الإسبانية، ماغدالينا فاليرو. وزارة العمل صدّقت على تأسيس النقابة، حيث أشار قرار الجريدة الرسمية إلى أن الموافقة على «إنشاء النقابة جاء بعد التحقق من استيفائه متطلبات القانون، الأساسي بشأن الحرية النقابية والمرسوم الملكي بشأن إيداع النقابات ومنظمات أرباب العمل». غير أن تصريحات فاليرو بعدم معرفتها بهذا الأمر، دفعت المديرة العامة في وزارة العمل إلى الاستقالة، بعدما أعلنت مسؤوليتها عن هذه المشكلة.
الجدل اشتعل بشكل أساسي بين تيارين، واحدٌ يمثله رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الاشتراكي والمتبني مع وزير العمل، قيم إلغاء العبودية بكل أشكالها. وقد أعلن سانشيز نيته حذف القرار من الجريدة الرسمية. أما التيار الآخر، فيشمل بعض الهيئات والجهات النسوية التي تعتبر أن تنظيم العمل في الجنس، يحمي العاملات في هذا المجال، وبهذه الطريقة لا يمكن للمجتمع البطريركي اتخاذ القرار عنهنّ.
كذلك، يقف الاتحاد العالم للعمل الإسباني على مسافة نقدية من الموضوع، لاعتباره أن تأسيس نقابة لهذا العمل، يخاطر بتطبيع شكلٍ من تجارةٍ يكون فيها جسد الإنسان هو السلعة. أما اللجان العمّالية، فقد دعت إلى التفكير الجماعي بالوضع القانوني والشخصي لآلاف النساء والرجال المعنيين بهذا العمل. فيما دافع القسم الكاتالوني من الاتحاد الكونفدرالي العام للعمل عن تنظيم العمل في الجنس، وذلك بهدف وضع حدٍّ لاستغلال العاملات فيه ولوضع حدٍّ لـ«الاعتداءات الممأسسة».
ويجد هذا النقاش صدىً لدى التيارات النسوية في العالم بين مؤيد ومعارض لتنظيم العمل في الجنس. تنقسم النسويات حول هذه القضية عموماً، لا سيما بين ما يسمى بـ«الموجة الثانية» و«الموجة الثالثة» للنسوية. تنتمي المعارضات لتنظيم العمل في الجنس بمعظمهن إلى «الموجة الثانية»، ويدرجنه في خانة خضوع المرأة للرجل واستغلالها فضلاً عن كون هذا العمل يقع في خانة الإتجار بالبشر وأشكال العبودية التي يجب التخلّص منها، بالإضافة إلى الدعوة للتخلص من صناعة البورنوغرافيا. أما مؤيدات تنظيم هذا العمل، فينتمين بمعظمهن إلى «الموجة الثالثة» التي تدعو إلى حماية حقوق العاملات في الجنس، وإلى تمكينهنّ لتحريرهن من استغلال الرجل وسيطرته في هذا المجال.
نقابة عاملات الجنس في فرنسا
في فرنسا نقابة اسمها نقابة عاملات الجنس وجمعية الشمسية الحمراء .. تطعن بدستورية أي قانون أو قرار أو عقوبة تمس الحرية الجنسية للأناس الراشدين وحرية العمل التجاري ومبدأ الحرية التعاقدية وممارسة الحريات الفردية