اتهم الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الجمعة السعودية بـ"احتجاز" رئيس الحكومة سعد الحريري وعدم السماح له بالعودة إلى البلاد بعدما "أجبرته" قبل أيام على الاستقالة.
وفي واشنطن، حذر وزير الخارجية الاميركي ريكس تيليرسون الجمعة من استخدام لبنان لخوض "نزاعات بالوكالة"، مشدداً على ان واشنطن تعتبر الحريري "شريكاً قوياً" لها.
وصعد نصرالله خطابه إزاء السعودية، وصولا الى حد اتهامها بتحريض اسرائيل على شن حرب ضد لبنان.
ومنذ استقالة الحريري المفاجئة السبت التي اعلنها من الرياض، يتم التداول بشائعات وسيناريوهات متعددة حول وجوده في "الاقامة الجبرية" أو توقيفه، ما دفع اطرافا خارجية الى التعبير عن القلق. ودعا وزير الخارجية الاميركي الجمعة الى عدم جر لبنان إلى "نزاع بالوكالة".
وطالما شكل لبنان مسرحاً لصراعات في المنطقة، ويجمع محللون على ان التطورات الاخيرة فيه تعكس تصاعد التوتر الايراني السعودي.
وقال نصرالله في خطاب تم بثه عبر شاشات التلفزة في مناسبة حزبية، "الرجل محتجز في السعودية وممنوع من العودة الى لبنان، هذا الامر يجب ان يقال بوضوح وصراحة".
وبعدما اتهم السعودية بـ"اجبار" الحريري على تقديم استقالته، قال نصرالله "الأخطر هو تحرض اسرائيل على ضرب لبنان".
من جهة أخرى، قال نصرالله ان لديه "معلومات" مفادها ان "السعودية طلبت من اسرائيل ضرب لبنان"، معتبرا ان "السعودية جاهزة لتقديم المليارات لإسرائيل لضرب لبنان".
وأكد استعداد حزبه للمواجهة، مضيفا "نحن اليوم أشد وأقوى عودا، وأقسى عودا وأقوى وقودا، ونحذرهم من أي خطأ في الحسابات والتقدير، ومن أي خطوة ناقصة".
وأعلن الحريري الأسبوع الماضي من الرياض استقالته من رئاسة الحكومة في خطاب نقلته قناة العربية السعودية وحدها، وهاجم فيه بشدة حزب الله اللبناني وايران.
ولم يقبل رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن استقالة الحريري، على اعتبار أنه ينتظر عودته لاستيضاح الأسباب، ويبني بالتالي "على الشيء مقتضاه".
وقال نصرالله "حالياً، نحن نعتبر الاستقالة المعلنة غير دستورية وغير شرعية، ولا قيمة لها على الاطلاق، لأنها أتت تحت الاكراه".
ولم تمنع لقاءات عدة قام بها الحريري في السعودية، وفق بيانات صادرة عن مكتبه، التساؤلات حول حرية حركته.
وعمت التساؤلات والشائعات الشارع اللبناني حول مصيره. ونقلت صحف روايات حول كيفية احتجازه وإجباره على قراءة بيان الاستقالة.
وعبر محللون عن خشيتهم من أن تؤجج استقالة الحريري الوضع الداخلي اللبناني المعقد والهش اصلاً، أو من مواجهة إقليمية على أراضيه او من حرب جديدة ضد حزب الله.
وأجمعت القوى السياسية اللبنانية على الدعوة إلى التهدئة على الساحة الداخلية.
وطالب الرئيس اللبناني الجمعة خلال لقاء مع القائم بالاعمال السعودي في لبنان وليد البخاري بعودة سعد الحريري إلى لبنان، كما أبلغه أن الطريقة التي حصلت فيها استقالته من الرياض "غير مقبولة".
كما التقى عددا كبيرا من سفراء الدول العربية للبحث في المسألة ذاتها.
واعرب عون خلال لقاء مع مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تشكلت في العام 2013 وتضم الامم المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وايطاليا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، "عن قلقه لما يتردد عن الظروف التي تحيط بوضع الرئيس الحريري وضرورة جلائها"، وفق بيان صادر عن المكتب الاعلامي للرئاسة.
وقال البيان ان عون ذكّر "أعضاء المجموعة بالاتفاقات الدولية التي ترعى العلاقات مع الدول والحصانات التي توفرها لأركانها".
وأصدرت المجموعة إثر اللقاء بياناً عبّر فيه أعضاؤها عن "قلقهم المستمر حول الوضع والغموض السائد في لبنان. وناشدوا إبقاء لبنان محمياً من التوترات في المنطقة".
- لا "لنزاع بالوكالة" -
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الاميركي في بيان إن "الولايات المتحدة تحذر من أن يقوم أي طرف، من داخل أو خارج لبنان، باستخدام لبنان مكاناً لنزاعات بالوكالة، أو باي صورة تساهم في زعزعة استقرار هذا البلد".
وقال تيلرسون في بيان نشرته وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة ”لا يوجد مكان أو دور شرعي في لبنان لأي قوات أجنبية أو فصائل أو عناصر مسلحة غير قوات الأمن الشرعية في الدولة اللبنانية“.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية يوم الجمعة إنها تريد أن يكون الحريري حرا في تحركاته وقادرا بشكل كامل على القيام بدوره الحيوي في لبنان.
وقال ألكسندر جورجيني نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية ”سفيرنا في السعودية زار سعد الحريري في منزله لدى عودته من جولة قام بها إلى الإمارات العربية المتحدة والتي أشار إليها وزير (الخارجية جان إيف لو دوريان) هذا الصباح“.
وأضاف ”كما قال الوزير، نتمنى أن يحصل سعد الحريري على كامل حريته في التحرك ويكون قادرا بشكل كامل على القيام بدوره الحيوي في لبنان“.
وتختلف تصريحات المتحدث بعض الشيء عما قاله وزير الخارجية لراديو أوروبا1 صباح الجمعة حين أوضح أن ما تفهمه فرنسا هو أن الحريري حر في تحركاته وأن من المهم أن يتخذ خياراته بنفسه.
وأعرب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الجمعة عن "قلقه الكبير" حيال الازمة السياسية في لبنان، مؤكدا انه يكثف "الاتصالات" للحؤول دون "تصعيد تنجم عنه عواقب مأساوية".
وشهدت الاسابيع الاخيرة تصعيداً كلامياً كبيراً بين الرياض وطهران على خلفية نزاعات المنطقة التي يدعمان فيها اطرافاً متناقضة، من اليمن الى البحرين وسوريا.
في لبنان، يتلقى حزب الله دعماً سياسياً وعسكرياً كبيراً من إيران، وهما يساندان النظام السوري في الحرب الدائرة على أرضه. ورفض الحريري على الدوام مشاركة حزب الله عسكريا في الحرب السورية.
ويُعد الحريري حليفاً للرياض التي كانت تضخ أموالاً ومساعدات على نطاق واسع للبنان لدعم موقف حلفائها. وحصل فتور خلال الفترة الأخيرة بين الحريري والسعودية التي أخذت عليه خضوعه لإرادة حزب الله.