"نريد نزع فتيل التوتر" مع ايران.. واشنطن تغير نبرتها بعد تراجع ترامب عن الضربة العسكرية

تاريخ النشر: 21 يونيو 2019 - 11:37 GMT
الرئيس الاميركي دونالد ترامب

تخلت واشنطن الجمعة، عن نبرتها التصعيدية التي انتهجتها حيال طهران ضمن سياسة "الضغط المطلق" وعبرت عن رغبتها في "نزع فتيل" التوتر معها، وذلك بعد ساعات من تراجع الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن توجيه ضربة عسكرية لإيران ردا على اسقاطها طائرة التجسس الاميركية الخميس.

وتجلى التغير في النبرة عبر تصريحات للمبعوث الأمريكي الخاص بشأن إيران براين هوك، والذي اعتبر إن من المهم ”أن نبذل أقصى ما في وسعنا“ لنزع فتيل التوتر مع إيران.

وقال خلال مؤتمر صحفي في الرياض ”مساعينا الدبلوماسية لا تمنح إيران حق الرد بالقوة العسكرية، وعلى إيران أن ترد على جهودنا الدبلوماسية بالدبلوماسية وليس بالقوة العسكرية... من المهم أن نبذل أقصى ما في وسعنا لنزع فتيل (التوتر)“.

وشدّدت إيران الجمعة على أنها ستدافع عن أراضيها بمواجهة أي اعتداء من الولايات المتحدة بعد أن أسقطت طائرة التجسس الأميركية، غداة كشف صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن ترامب وافق على تنفيذ ضربات ضد أهداف إيرانية الليلة الماضية قبل أن يتراجع عن ذلك.

وفيما يخشى من أن تؤدي المواجهة بين البلدين العدوين إلى نزاع مفتوح، أكدت "نيويورك تايمز" أن ترامب وافق في البداية على شن ضربات "ضد مجموعة اهداف إيرانية، مثل رادارات وبطاريات صواريخ"، رداً على إسقاط الطائرة المسيرة، قبل أن يتراجع عن ذلك.

وتابعت الصحيفة نقلاً عن مسؤول كبير في الحكومة أن "المرحلة الأولى من العملية ألغيت فور انطلاقها"، موضحاً "الطيارات كانت في الأجواء والزوارق اتخذت مواقعها لكن لم يطلق أي صاروخ حينما أعطي الأمر بالتوقف".

ورفض البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية التعليق على هذه المعلومات.

ويبدو أن هذا التصعيد الجديد يأتي نتيجة سياسة "الضغط المطلق" التي يطبقها ترامب على إيران، الذي يريد أن يدفع إيران إلى الحد من طموحاتها النووية ونفوذها الإقليمي.

وأسقطت إيران الخميس طائرة أميركية مسيرة قالت إنها كانت تحلق في الأجواء الإيرانية. وتؤكد الولايات المتحدة من جهتها أن طائرتها أسقطت في الأجواء الدولية.

لكن الخارجية الإيرانية كررت موقفها الجمعة مع تأكيدها على أن إيران تمتلك "أدلة لا يمكن إنكارها" على أن طائرة "غلوبال هوك" الأميركية المسيرة التي أسقطت الخميس "كانت في المجال الجوي الإيراني".

وبثّ التلفزيون الإيراني الجمعة صوراً لما قال إنها "حطام" الطائرة المسيرة الأميركية.

وفي اتصال هاتفي طارئ، أبلغ مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي الولايات المتحدة رسالةً عبر سفير سويسرا التي تتولى رعاية المصالح الأميركية في إيران منذ عام 1980.

وقال عراقجي إن "الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تدعو إلى الحرب والاشتباك" في المنطقة، محذرا في الوقت نفسه من "أية خطوة غير مدروسة من جانب القوات الأميركية".

وأكد أن "الجمهورية الاسلامية الايرانية تعمل بحزم في الدفاع عن مجالها الجوي ومياهها وترابها ولن تتردد في ذلك لحظة واحدة"، بحسب بيان للخارجية.

- حظر الرحلات التجارية-

اعتبر ترامب في البداية أن ضرب إيران للطائرة المسيرة "خطأ جسيم". وأضاف "هذا البلد لن يقبل بذلك الأمر، استطيع أن اؤكد لكم ذلك".

لكن قلل ترامب من خطورة الحدث لاحقاً، في محاولة على ما يبدو لخفض التوتر، معتبراً أنه ربما يكون خطأ من الجانب الإيراني ارتكبه شخص "أحمق". وأضاف "أواجه صعوبة في تصديق أنه كان متعمداً".

وفي تدبير احترازي، منعت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية شركات الطيران المدني الأميركية من التحليق في الأجواء التي تسيطر عليها طهران في الخليج وفي خليج عمان "حتى إشعار آخر".

وقالت في بيان إنّ هذه القيود ناجمة عن "ازدياد الأنشطة العسكرية وتزايد التوترات السياسية في المنطقة، مما يشكّل خطراً غير مقصود على عمليات الطيران المدني الأميركي واحتمال حصول سوء تقدير أو سوء تعريف".

وأعلنت شركة طيران أوروبية وآسيوية واسترالية أن طائراتها لن تحلق بعد الآن فوق مضيق هرمز الذي يشكّل نقطة مرور استراتيجية لإمدادات النفط العالمية من منطقة الخليج.

وعلى الرغم من التأكيدات الأميركية والإيرانية المتكررة من أنهما لا تريدان حرباً، إلا أن التصعيد وتكرار الحوادث في المنطقة يهدد باندلاع نزاع مفتوح بين واشنطن وطهران.

وحذرت روسيا من احتمال لجوء الولايات المتحدة إلى القوة ضد إيران، معتبرةً أن ذلك سيشكل "كارثة".

في المقابل، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المجتمع الدولي إلى دعم الولايات المتحدة بمواجهة طهران.

- معركة تحديد الموقع -

يواصل التوتر تصاعده بين الطرفين منذ انسحاب الولايات المتحدة في أيار/مايو 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني، وفرضها بعد ذلك عقوبات مشددة على إيران تحرمها من منافع اقتصادية تستحقها بموجب الاتفاق.

وتكثّف التوتر بفعل هجمات على ناقلات نفط في منطقة الخليج في أيار/مايو وحزيران/يونيو، تنسبها واشطن إلى طهران التي تنفي هذا الاتهام.

وعززت الولايات المتحدة مؤخراً حضورها العسكري في الشرق الأوسط، فيما يمكن توقع حصول احتكاكات إضافية مع إعلان إيران أن احتياطاتها من اليورانيوم المخصب ستتخطى بعد 27 حزيران/يونيو الحدّ المنصوص عليه في الاتفاق.

وفي الساعات الأربع والعشرين الماضية، دخلت طهران وواشنطن في نزاع تحديد الموقع المحدد لطائرة البحرية الأميركية المسيرة لحظة إسقاطها.

وأكدت إيران أنها عثرت في مياهها الإقليمية على حطام الطائرة التي أكدت أنها أسقطت بصاروخ أطلقه الحرس الثوري الإيراني.

وبحسب القيادة المركزية للقوات الأميركية، أسقطت الطائرة المسيرة بصاروخ أرض جو فوق مضيق هرمز. وأكد البنتاغون أن الطائرة لم تخترق "في أي وقت من الأوقات" المجال الجوي الإيراني.
 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن