طالب الابن الأكبر للصحافي السعودي جمال خاشقجي خطيبة ابيه التركية "خديجة جنكيز" بالصمت والكف عن الخوض في قضية والده الذي اختفى الاسبوع الماضي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول وسط تاكيدات مسؤولين اتراكا بانه تعرض هناك للقتل.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يتابع عن كثب قضية خاشقجي، بعدما قال مسؤولون أتراك إنهم يعتقدون أنه قُتل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.
وقال صلاح خاشقجي لقناة "العربية" المملوكة لسعوديين "لا أعرف هذه السيدة ولم أسمع بها من قبل سوى من خلال وسائل الإعلام ".
ودعا خديجة بالكف عن تناول قضية والده قائلا "نحن أسرته ونحن أولى بالسؤال والاستفسار عن ملابسات اختفائه وبالبحث عنه".
واستنكر صلاح جمال خاشقجي ما وصفه بمحاولات جهات خارجية تسييس قضية اختفاء والده، الأمر الذي اعتبره مرفوضاً جملة وتفصيلاً.
وقال " القضية أن مواطناً سعودياً مفقوداً، ونحن على تعاون مع السلطات السعودية للكشف عن ملابسات الأمر. مؤكدا تجاوب السلطات السعودية مع أسرته.
وأضاف "الموضوع بجملته هو قضية شخصية وبعيد كل البعد عن الإطار السياسي"، معرباً عن حاجة أسرته "لمعلومات ذات مصداقية".
وقال "آخر اتصال لي معه كان أثناء تواجده في واشنطن، ولم تكن لدي فكرة عن وجوده في تركيا ورحلته الأخيرة هذه".
وأكد صلاح خاشقجي أن كافة أفراد أسرته يدعمون التحقيقات الرسمية السعودية وهو فقط الذي "سيوصلنا إلى نتائج إيجابية وكشف الحقيقة".
متابعة عن كثب
وقال أردوغان للصحفيين إن السلطات تفحص جميع تسجيلات كاميرات المراقبة وسجلات المطار في إطار تحقيقها في اختفاء خاشقجي الأسبوع الماضي، والذي كان ينتقد حكام السعودية على نحو متزايد.
وسبق أن عمل خاشقجي رئيس تحرير لصحيفة الوطن في السعودية ومستشارا للرئيس السابق للمخابرات السعودية. وقد غادر المملكة العام الماضي قائلا إنه يخشى الانتقام منه بسبب انتقاده لسياسة السعودية في حرب اليمن وحملتها على المعارضة.
ودخل خاشقجي القنصلية السعودية في اسطنبول يوم الثلاثاء للحصول على وثائق من أجل زواجه المقبل. ويقول مسؤولون سعوديون إنه غادر القنصلية بعد فترة وجيزة لكن خطيبته التي كانت تنتظره في الخارج قالت إنه لم يخرج قط.
وأبلغ مصدران تركيان رويترز أن السلطات التركية تعتقد أن خاشقجي قُتل داخل القنصلية، وهو ما يتوافق مع ما قاله ياسين أقطاي مستشار أردوغان وأحد أصدقاء الصحفي السعودي.
وقال أقطاي ”إحساسي أنه قتل... في القنصلية“.
وأشار أردوغان إلى أنه يتابع القضية بنفسه، دون أن يكشف عن تقديراته لما حدث لخاشقجي.
وأضاف ”مداخل ومخارج السفارة ومناطق الترانزيت في المطار وجميع تسجيلات كاميرات المراقبة يجري فحصها ومتابعتها. نريد الحصول على نتائج سريعا“، مضيفا ”توقعاتي ما زالت إيجابية“ دون أن يوضح مقصده.
ونفى مصدر سعودي في القنصلية مقتل خاشقجي داخل القنصلية، وقال في بيان إن الاتهامات لا أساس لها. ونفت القنصلية أيضا اختطاف خاشقجي.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تسعى للحصول على مزيد من المعلومات. وأضاف المسؤول ”لسنا في وضع يتيح لنا تأكيد هذه التقارير ولكننا نتابعها عن كثب“.
ولم يتسن الاتصال بخطيبة خاشقجي لكنها قالت في تغريدة على تويتر إنه لا يوجد أي تأكيد رسمي لتعليقات المصادر التركية. وقالت خديجة جنكيز ”جمال لم يُقتل ولا أصدق أنه قد قُتل“.
وقال مصدر أمني تركي لرويترز إن مجموعة مؤلفة من 15 سعوديا، من بينهم بعض المسؤولين، وصلت إلى اسطنبول في طائرتين ودخلت القنصلية في نفس يوم وجود خاشقجي هناك ثم غادرت تركيا فيما بعد.
وأضاف المصدر أن المسؤولين الأتراك يحاولون تحديد هوية هؤلاء الأشخاص. وذكرت وكالة الأناضول التركية للأنباء أيضا أن المجموعة السعودية دخلت القنصلية لفترة وجيزة.
* تفاقم الخلافات
خاشقجي وجه مألوف في البرامج الحوارية السياسية على القنوات الفضائية العربية وكان في وقت من الأوقات مستشارا للأمير تركي الفيصل الرئيس السابق للمخابرات السعودية وسفير المملكة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا سابقا.
وعلى مدى العام الأخير كتب خاشقجي مقالات رأي منها ما نشر في صحيفة واشنطن بوست ينتقد فيها السياسات السعودية حيال قطر وكندا والحرب في اليمن والحملة على المعارضة في الداخل التي شهدت احتجاز العشرات.
وفي سبتمبر أيلول 2017 كتب خاشقجي يقول ”لقد تركت بيتي وعائلتي وعملي لأرفع صوتي عاليا“. وأضاف ”لأنني لو فعلت خلاف ذلك سأخون أولئك الذين يقبعون في السجون، إني أستطيع أن أتحدث في حين لا يستطيع كثيرون ذلك“.
وبعد شهرين كتب عن اعتقال عشرات من أفراد العائلة الحاكمة السعودية وكبار المسؤولين ورجال الأعمال الذين اتهموا بالفساد وقال إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يطبق ”عدالة انتقائية“ وإن السعودية لا تتحمل أي نقد حتى لو معتدل لولي العهد.
ومن المرجح أن يؤدي اختفاء خاشقجي إلى تفاقم الخلافات بين تركيا والسعودية. وتوترت العلاقات بين البلدين بشكل كبير بعد أن أرسلت تركيا قوات إلى قطر العام الماضي إظهارا لدعمها بعد أن فرض جيران قطر الخليجيون ومن بينهم السعودية حظرا على الدوحة.
ودعم أيضا أردوغان الحكومة في مصر عندما كانت تقودها جماعة الإخوان المسلمين التي تضعها السعودية على قائمة المنظمات الإرهابية.
وقال أقطاي مستشار أردوغان لرويترز إن السلطات التركية تعتقد أن مجموعة من 15 سعوديا ”ضالعة على نحو شبه مؤكد“ في اختفاء خاشقجي.
وتابع قائلا ”السعوديون يقولون إننا يمكننا أن نأتي للتحقيق لكنهم بالطبع تخلصوا من الجثة“. وأضاف أنه يعتقد أن حديث السعودية عن عدم وجود تسجيلات لكاميرات المراقبة غير صادق.
وقال القنصل العام السعودي محمد العتيبي لرويترز يوم السبت إن كاميرات القنصلية الأمنية تقوم بالتصوير المباشر لكنها لا تسجل ولذا لا يمكن تقديم أدلة على تحركات خاشقجي.
وقالت لجنة حماية الصحفيين إنها تشعر بالقلق إزاء تقارير عن أن خاشقجي ربما يكون قتل في القنصلية.
وأضافت اللجنة في بيان ”يتعين على السلطات السعودية تقديم رواية كاملة ويعتد بها بشأن ما حدث لخاشقجي داخل مقر بعثتها الدبلوماسية“.