تتجه كل من سوريا وتركيا الى اعادة ترميم العلاقات وبناء ما هدمته الحرب وتنافر المواقف بينهما منذ 2011 ، وسط دعم روسي لخطوة البلدين والتأكيد على ما فيه من مصلحة ثنائية وللمنطقة بشكل عام.
المؤكد ان عودة العلاقات التركية السورية مهمة، وتصب في صالح البلدين بالدرجة الاولى، وكما هي مهمة بالنسبة للرئيس رجب طيب اردوغان الذي يواجه معركة كسر عظم مع المعارضة قبيل الانتخابات العامة في البلاد، فانها بذات الاهمية ايضا بالنسبة للرئيس السوري بشار الاسد، الذي بدوره يسعى الى فك الطوق والعزله عن نظامه بعد قطيعة دامت لعقد واكثـر.
تتمثل مصالح البلدين بالدرجة الاولى بخروج القوات الاميركية من المنطقة، بالاضافة الى الحفاظ على وحدة سورية ومنع تقسيمها بعد تحريض الاكراد من الغرب للانفصال، على الرغم من عدم اعلانهم للوصول الى تلك المرحلة، بالاضافة الى ضمان عودة اللاجئين السوريين الى ديارهم وبلداتهم ومدنهم.
كان من الضروري التوصل الى اجتماعات مباشرة بين الاطراف المعنية، وهو ما حصل في موسكو ودمشق وانقره، على مستويات رفيعة وفاعلة، سيما بعد تعثر مسارات استانا وجنيف، وتدخل قوي من دول غربية لافشال اي مصالحة او هدوء على الساحة السورية وهو ما ينعكس سلبا على انقرة والامن القومي التركي .
المؤكد ان نقاط الالتقاء والمصالح بين دمشق وانقرة اكثر من نقاط الخلاف والخصام، خاصة بعد التفاهم في موسكو بين القيادات الامنية على رفض حزب العمال الكردستاني واعتباره تهديدا ارهابيا للجميع، علما ان هذا الحزب بات منبوذ من الحاضنة الشعبية في الشمال السوري، بالاضافة الى ضرورة تامين الحدود عن طريق الجيش النظامي السوري، الذي سيضمن تدفق التبادل التجاري الى سابق عهدة قبل الثورة السورية وهو ما اغنى الملايين من الاهالي على طول الحدود المشتركة، وهذه النقطة ستتيح للرئيس السوري السيطرة على مساحات اوسع من اراضيه التي فقدها بفعل الانتشار الاجنبي في بلاده، والاهم انه ينهي القوات التي تحاربه المدعومة من المخابرات التركية .
ما يجري على خط دمشق – انقرة، سرا وعلانية، يعد تحولا استراتيجيا في غاية الأهمية، من الصضروري ان يشجع الدول العربية التي تحجم عن التواصل مع النظام السوري لمراجعة موقفها، والحذو حذو دولة الامارات العربية المتحدة التي ارادت تغيير بعض الوقائع من الداخل بالتفاهم والحوار مع النظام السوري بعد ان فشلت عدة دول خاصة في الخليج العربي باسقاط النظام على الرغم من ضخ مئات المليارات من الدولارات على مدار نحو 12 عاما من الثورة السورية.
في نهاية المطاف، وعلى الرغم من بطء المفاوضات والمسار، الا انه من المؤكد ان النجاح سيكون حليف المفاوضات بين دمشق وانقرة ، ومن الافضل للدول العربية المشاركة في هذا التحول الاستراتيجي في المنطقة وان تكون جزءا رئيسيا ومفصليا منه، وليس طرفا عابرا او ملحقا قد لا يجد له مكان في التقسيم الجديد للمنطقة.