أدى تنازع القوانين والثغرات في بعضها إلى صعوبة التعرف على ضحايا الإتجار بالبشر ومن وقع عليه انتهاكات جسيمة لحقوقه العمالية من العمال المهاجرين وغيرهم من الفئات المستضعفة، مما أدى إلى ضعف في حماية حقوق هذه الفئة ، وإفلات الجناة من العقاب، كما أدت الثغرات في التشريعات إلى صعوبة تنفيذها، وبالتالي صعوبة الوصول للعدالة، مما أدى إلى التعامل مع العديد من حالات الإتجار بالبشر أوالعمل الجبري كقضايا عمالية. إذ لم يعرف قانون الإتجار بالبشر الجريمة بشكل واضح، كما لم ينص بوضوح على حقوق الضحايا ولا يفصلها ولا ينص على كيفية الحماية، كما تخلو التشريعات عامة من أي نص على منح الضحايا إقامة مؤقتة. وهناك العديد من الأمثلة على الثغرات التشريعية .
أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من كونها تناقش موضوعا ذي أهمية خاصة على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الدولي في آن واحد ، فالاردن ملتزم بمقتضى مواثيق دولية بمكافحة الاتجار بالبشر وكفالة حقوق العمالة المهاجرة وحظر العمل القسري، وأن اي إخلال بهذه الالتزامات او تقصير في تنفيذها من خلال التشريعات الوطنية قد ينعكس سلبا على صورة الاردن امام الجهات والهيئات الدولية المعنية بمتابعة جهود الدول في مكافحة الاتجار بالبشر ومنها منظمة العمل الدولية، مجلس حقوق الإنسان، تقارير اللجان الاتفاقية، والمقررين الخواص الذين قاموا بزيارة الأردن.
مشكلة الدراسة
بالرغم من قيام الاردن بتنفيذ التزامته الدولية بشأن تجريم الاتجار بالبشر واصدار التشريعات اللازمة، الا ان الممارسات العملية والنصوص التشريعية في كثير من الاحيان لا تزال بعيدة عن تحقيق متطلبات المعايير الدولية، مما يجعل موقف الاردن من هذه المسألة محل نقد في كثير من الاحيان من جهات وهيئات دولية معنية بذلك.
اهداف الدراسة
• بيان مدى وفاء الاردن بالتزامته الدولية بخصوص تجريم ومكافحة الاتجار بالبشر
• تحديد مدى توافق التشريعات الاردنية مع المعايير الدولية بخصوص تجريم الاتجار بالبشر بكافة صوره واشكاله
• تحديد حقوق ضحية الاتجار بالبشر في التشريعات الاردنية مقارنة بالمعايير الدولية
النتائج
1. لم توقع الأردن حتى تاريخ إعداد هذه الدراسة على مجموعة من الاتفاقيات الهامة، نذكر منها رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحريات النقابية وحماية حق التنظيم و اتفاقية رقم (98) حول حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، واتفاقية رقم 154 لسنة 1981 المتعلقة بتشجيع المفاوضة الجماعية، الاتفاقية الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجور، وهي في النهاية من الأدوات الدولية المهمة لمكافحة العمل القسري و الاتجار بالبشر. يجب التعامل مع قانون العمل الدولي كوحدة واحدة غير قابلة للتجزئة.
2. استخدم المشرع الأردني العبارات نفسها الواردة في البرتوكول في تعريف جريمة الاتجار بالبشر، بالرغم من ان هذه العبارات لها معاني ومدلولات محددة ومعينة في القانون الدولي العام، وغير موجودة على الصعيد الوطني لذلك أصبح تعريف الجريمة في القانون الوطني يتصف بالعمومية والغموض ويفتقر إلى الدقة بسبب غياب إيضاحات للعبارات المستخدمة. واعتمادا على ما تقدم، يمكن القول ان البيئة التشريعة في الأردن لا تتناسب مع تعريف البرتوكول، و بالتالي نقل التعريف من الاتفاقية الدولية إلى القانون الوطني دون تطويعه وتشكيله سيسبب إشكاليات عديدة في التفسير و التطبيق معا.
3. هناك عبارات أغفلها المشرع الأردني من مثل الممارسات الشبيهة بالرق التي نجد تعريفاً لها في الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق لسنة 1956 التي جاء فيها على الدول على الدول اتخاذ التدابير التشريعية وغير التشريعية القابلة للتنفيذ العملي والضرورية للوصول تدريجيا وبالسرعة الممكنة إلي إبطال الأعراف والممارسات المحددة في هذه الاتفاقية، حيثما استمر وجودها، وسواء شملها أم لم يشملها تعريف الرق .
4. بعض الأفعال الواردة في التعريف تشكل جرائم مستقلة بموجب قانون العقوبات من مثل الخطف، الاحتيال وإجبار المرأة على ممارسة البغاء، الأمر الذي يشجع القضاء على تكييف شكوى الاتجار ضمن أوصاف قانونية أخرى قد تكون أكثر وضوحا مثل الإيذاء، هتك العرض، الحرمان من الحرية، أو غيرها من الجرائم .
5. لم يشر قانون منع الاتجار بالبشر الاردني الى حق ضحايا الاتجار بالبشر في ان يتم التعرف عليهم بسرعة ودقّة، بطرق منها الإجراءات المناسبة والتدريب الملائم لموظفي الدولة والتعاون بين السلطات المختصة والمنظمات غير الحكومية كما تطلبت المعايير الدولية وانما ترك ذلك للقواعد العامة في قانون اصول المحاكمات الجزائية وكأي جريمة اخرى .
6. تبقى علانية المحاكمة في قضايا الاتجار بالبشر وفقا للاصول العامة في القانون الاردني غير متوافقة مع المعايير الدولية لنظر قضايا الاتجار بالبشر وكان من الاجدر بالمشرع ان ينص على سرية المحاكمة في قضايا الاتجار بالبشر ولا يترك ذلك لتقدير المحكمة اذا ما رأت في ذلك اخلالا بالنظام العام او الاخلاق، علما بأن التطبيق العملي يؤكد ان المحاكمة في مثل هذه الجرائم تتم علانية .
7. لم يتطرق القانون الاردني الى التزام السلطات العامة بأن توفر لضحايا الاتجار بالبشر، عند الضرورة، معلومات عن الإجراءات القضائية والإدارية ذات الصلة، كما تطلب البروتوكول والمبادئ الاساسية.
8. لم يقم المشرع الاردني التأكيد على ابقاء هوية الضحية الطفل سرية ، كما فعل البروتوكول الدولي .
9. على الرغم من وجود فقرة في القانون الوطني مطابقة للبروتوكول تنص على ضرورة انشاء دار ايواء لضحايا الاتجار بالبشر لللمساعدة على تأهيلهم نفسيا واجتماعيا، وصدور نظلم بهذا الخصوص، فان التحويل الى الدار يحتاج الى قرار من المدعي العام وليس لمجرد اخذ وصف ضحية محتملة للاتجار بالبشر. يقتضي تعديل نظام دور إيواء المجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر لسنة 2012 المطبق على دار الوفاق التي تستقبل حالات اتجار بالبشر، بحيث يسمح بتحويل الضحايا إليها بدون اشتراط موافقة المدعي العام، علاوة على محدودية قدرة دار الوفاق .
10. لم يتطرق القانون الوطني للمساعدة القضائية لضحايا الاتجار بالبشر ، لاسيما وأن اغلب ضحايا الاتجار بالبشر هم من المعوزين الذين لا يملكون كلفة التقاضي واتعاب المحاماة ، كما أن النصوص الواردة في قانون نقابة المحامين لا تفي بالغرض ، كما أن ضحية الاتجار بالبشر لا يمكن ان يستفيد من المساعدة القانونية التي تنظمها المادة ( 208 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم ( 9 ) لسنة 1961 وتعديلاته إذ أن المساعدة القضائية المتمثلة بتوكيل محام تتحمل خزينة الحكومة اتعابه لا تكون الا للمتهم في الجرائم المعاقب عليها بالاعدام والاشغال الشاقة المؤبدة والاعتقال المؤبد ، ولا تشمل بأي حال من الاحوال المجني عليه او الضحية ، ومن هنا لا يمكن لضحية الاتجار بالبشر الاستفادة من هذا النص حتى وإن كانت اوضاعه المادية لا تسمح له بتوكيل محام .
11. لا توجد نصوص خاصة في القانون الوطني تمكن الضحية من الاطلاع والمشاركة في الاجراءات القضائية وفقا لما امرت المبادئ الاساسية لحق ضحايا الاتجار بالبشر، خاصة وان اغلب ضحايا الاتجار بالبشر بحسب ما يرد في التقارير الدولية والوطنية هم اجانب لا يتقنون اللغة العربية .
12. لم يحدد القانون الوطني اي وضع خاص للضحايا الاطفال وانما شملهم بوضع البالغين في هذا القانون ، ولم يأخذ بعين الاعتبار سنهم وجنسهم واحتياجاتهم الخاصة ، كما فعل البروتوكول والمبادئ الاساسية ، على الرغم من انه جعلها ضمن العناصر الاختيارية لحقوق الضحية، الا انه كان من الافضل لو اخذ بها المشرع الوطني ، لما لهذه الجريمة من اثار بالغة على الاطفال .
13. لم يضمن القانون الاردني للضحية الحق في التعويض ، كما فعل البروتوكول او المبادئ الاساسية ، فلم ينص على اي نوع من انواع التعويض للضحية بما يلائم واقع القضية وامكانية الحصول على التعويضات ، الامر الذي يجعل هذا الموضوع خاضع للقواعد العامة للتعويض بحسب ما تناوله القانون الاردني اذ يدخل التعويض ضمن اطار ما يسمى الادعاء بالحق الشخصي والية الحصول على تعويض بسبب الجرائم من مرتكب الجريمة ، حيث للمتضرر المطالبة بالتعويض من خلال الادعاء بالحق الشخصي ، امام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية .
14. لم يتطرق القانون الى تعريف كل من الضحية والمتضرر في قانون منع الاتجار بالبشر على الرغم من اهمية ذلك في تطبيق هذا القانون .
15. أن بعض الجرائم قد ترتكب ولكن القصد الجرمي غير متوافر من مثل حجز جواز السفر وعدم إعطاء الإجازة الأسبوعية وعدم السماح بالخروج من المنزل، حيث أن هذه الجرائم لا ترتكب بقصد الاستغلال أو التهديد وإنما يتم استخدامها للحفاظ على الحقوق المالية لصاحب العمل والمحافظة على أسرته وعلى صورته الإجتماعية.
16. ان الابعاد والتسفير وغياب الترجمة وبطء اجراءات التقاضي في ظل وجود نصوص تجعل مدة تقادم الحقوق العمالية سنتين والضرر ثلاث سنوات تضيع على ضحايا الاتجار بالبشر الحصول على انصاف قضائي يوصلهم لحقوقهم .
17. أن قانون الاقامة و شؤون الاجانب الاردني رقم ( 24 ) لسنة 1973 لا يتضمن اي نص يقدم تسهيلات أو إعفاءات للأجنبي الذي وقع ضحية الاتجار، و بالتالي يعامل معاملة الأجنبي العادي المخالف لقانون الإقامة ، وقد عددت المادة (29) من قانون الإقامة مجموعة من الفئات لا تسري أحكام القانون في مواجهتهم، ومن ضمن هذه الفئات ما نصت عليه الفقرة (ح)، التي جاء فيها ومن يرى وزير الداخلية إعفاءه لاعتبارات المجاملة الدولية أو الإنسانية أو حق اللجوء السياسي أو مراعاة لمبدأ المعاملة بالمثل. وليس من ضمن هذه الفئات ضحايا الاتجار بالبشر.
18. الحق بطلب اللجوء من الاضطهاد هو من الحقوق الأساسية للإنسان، و يتوجب على السلطات المعنية تمكين ضحية الاتجار من الاتصال بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إذا رغب بذلك لغياب تشريعات وطنية بهذا الخصوص.
19. أن من صلاحيات وزير الداخلية إعفاء الأجنبي من أحكام هذا القانون، وأنه يتمتع بسلطة تقديرية فيما يتعلق بهذا الخصوص، أي أن كون الأجنبي ضحية الاتجار لا يعني بالضرورة إعفاءه من أحكام قانون الإقامة. ويجب ان يكون هناك نص صريح بمنح اقامة لضحية الاتجار، حتى لا يستخدم رب العمل عنصر مخالفته لقانون الاقامة كوسيلة لابتزازه .
20. ان الغرامات التي تترب على العامل الاجنبي بموجب قانون الاقامة تمنع عودته إلى بلده، ويلتزم الأجنبي بدفع مبلغ دينار ونصف عن كل يوم يقيم فيه في الأردن بدون إقامة، ويمكن لوزير الداخلية، بناء على تنسيب الأمين العام، إعفاء الأجنبي من هذه الغرامات إذا لم تتجاوز مبلغ 250 دينار أردني. وفي حالة تجاوز المبلغ السابق، فيتم الإعفاء بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير . واستنادا للواقع العملي، يتبين انه في حالة العامل المهاجر يلتزم رب العمل الأردني بإصدار إذن الإقامة و تصريح العمل، إلا انه إذا أهمل بهذا الخصوص أو امتنع عن القيام بهذه الالتزامات فان العامل المهاجر هو من تترتب عليه الغرامات، وبالتالي فإن إعفاء العامل من الغرامات ينصب في صالح رب العمل المُقصّر في تنفيذ التزاماته القانونية. وعليه لا بد من وجود نص صريح يعفي ضحية الاتجار من الغرامات و يسهل عودته إلى بلده ، فالقانون الاردني نص على هذا الموضوع في المادة ( 5 / ج ) من قانون منع الاتجار بالبشر باعتباره من مهام اللجنة، وهذا لا يكفي لا بد من نص قانوني صريح بهذا الخصوص .
21. لم يتطرق القانون الوطني لحق الضحية بالتعويضات المعنوية او الترضيات كما امرت المبادئ الاساسية لحق ضحايا الاتجار بالبشر، باستثناء فرض عقوبات على الاشخاص المسؤولين عن الانتهاكات بمقتضى قانون منع الجرائم .
22. وبما أن الأردن طرف في اتفاقية 1930 و غيرها من الاتفاقيات التي حظرت العمل القسري، فان من أهم ما يتوجب عليه القيام به هو:أولاً: سن التشريعات المناسبة واتخاذ الإجراءات الإدارية الملائمة للقضاء على هذه الممارسة ومعاقبة مرتكبيها على اعتبار ان العمل القسري جريمة من الجرائم التي تقع على الأشخاص. ثانياً: اتخاذ الإجراءات المناسبة للوقاية من العمل القسري خاصة بالنسبة للضحايا المحتملين لمثل هذه الجريمة. ثالثاً: الالتزام بالتحقيق عند وجود شكوك معقولة بأن الشخص قد يكون ضحية هذه الجريمة.
23. لا يوجد نص في قانون العقوبات الأردني او القوانين الجزائية الأخرى يجرم العمل القسري بالرغم من ان الدستور حظر ذلك ولا بد من وجود نص يجرم هذا الفعل مع فرض العقوبة المناسبة عند ارتكابه. كما ان اتفاقية 1930 أوجبت على الدولة الطرف اعتبار العمل القسري جريمة و ليس مخالفة عمالية كغيرها من المخالفات .
24. ان قانون منع الجرائم يستخدم من قبل البعض من أرباب العمل لإجبار العمال الأجانب على العمل لديهم و بالتالي استخدامه كوسيلة للتهديد بنوع ما من انواع العقاب الأمر الذي نهت عنه اتفاقية 1930، أي بعبارة أخرى ان قانون منع الجرائم يعزز ممارسة العمل القسري من خلال الصلاحيات الممنوحة للحاكم الإداري التي تندرج ضمن مفهوم الضبط الإداري المتمثل بقيود و ضوابط ترد على نشاط الأفراد وحرياتهم بهدف حماية النظام العام .
25. لا يوجد في نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبساتيينها ومن في حكمهم رقم (90) لسنة 2009 ما يضمن حق العامل الاحتفاظ بجواز سفره . ولتلافي أية إشكاليات قانونية وعملية لابد من وجود نص صريح يعاقب رب العمل على حجز جواز سفر العامل لحسم أي اختلاف في الاجتهاد و وتبني آلية فعالة لتسليم جواز سفر العامل الذي حُجز أو أُخذ بطريقة غير مشروعة.
26. منع نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبساتيينها ومن في حكمهم العامل من مغادرة المنزل دون إذن أو موافقة رب العمل من خلال المادة ( 5 )، إلا انه هذه المادة تم تعديلها في العام 2011 لتصبح "اعلام صاحب المنزل قبل ترك المنزل او مغادرته او التغيب عنه"، بالرغم من هذا التعديل يعتبر خطوة ايجابية إلا ان الخروج من المنزل دون إذن أو موافقة رب العمل يعد إخلال بالتزام من التزاماته العمالية. كما نصت المادة 12 من ذات النظام على قيام وزير العمل باصدار التعليمات اللازمة لتنفيذ احكام هذا النظام بما في ذلك الاحكام والشروط التي يتضمنها انموذج عقد العمل، إلا أن هذه التعليمات لم تصدر لغاية الآن.
27. يفهم من نص المادة ( 10 ) من نظام تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الاردنيين العاملين في المنازل لسنة 2009 أنه بمجرد ترك العامل للعمل، يستحق صاحب العمل تعويض عن المبالغ التي دفعها دون التحري من الأسباب التي أدت بالعامل إلى ترك عمله. وهذا يتناقض مع ما جاء بنظام العاملين في المنازل؛ إذ بحسب المادة 11 من نظام العاملين في المنازل تقوم وزارة العمل بالتحري في أي شكوى تتعلق بانتهاك التزامات رب العمل و العمال و اتخاذ الاجراء المناسب وفقا لقانون العمل.
28. سندا لأحكام المادة 3 من قانون العمل فان العامل في مجال الزراعة يخضع لأحكام قانون العمل و يتوجب صدور نظام يحدد الأحكام التي يخضعون إليها، إلا أنه لغاية الآن لم يصدر هذا النظام الأمر الذي يجعلنا أمام فراغ قانوني يترك المجال مفتوحا لرب العمل من أجل استغلال العامل الزراعي، إضافة إلى تعدد الاجتهادات القانونية فيما إذا كان قانون العمل ينطبق عليهم أم لا .
29. التعميم الأمن ونظام الكفالة لا يرسخ فقط العمل القسري، بل يساعد على وجوده و ينتهك الحقوق الأساسية للعامل الذي تحول إلى مطلوب أمني بسبب نزاع عمالي أو اختلاف مع رب العمل. الممارسة لا تسند إلى أساس قانوني وتقوض مبدأ سيادة القانون ومن مصلحة جميع الأطراف المعنية العمل على إلغائها.
التوصيات
1. العمل على توقيع الأردن للاتفاقيات ذوات الارقام رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحريات النقابية وحماية حق التنظيم و اتفاقية رقم (98) حول حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، واتفاقية رقم 154 لسنة 1981 المتعلقة بتشجيع المفاوضة الجماعية، الاتفاقية الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجور.
2. اعادة تعريف جريمة الاتجار بالبشر بشكل اكثر دقة ووضوح وبما يراعي البيئة التشريعة في الأردن التي لا تتناسب مع تعريف البرتوكول، وبما يحد صعوبات تطبيق هذا القانون بسبب التعريف .
3. ضرورة النص على العبارات التي أغفلها المشرع الأردني في تعريف الجريمة من مثل الممارسات الشبيهة بالرق التي نجد تعريفاً لها في الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق لسنة 1956 .
4. العمل على التنسيق التشريعي بين قانون منع الاتجار بالبشر وقانون العقوبات اذ ان بعض الأفعال الواردة في التعريف الوارد في قانون منع الاتجار بالبشر تشكل جرائم مستقلة بموجب قانون العقوبات من مثل الخطف، الاحتيال وإجبار المرأة على ممارسة البغاء، الأمر الذي يشجع القضاء على تكييف شكوى الاتجار ضمن أوصاف قانونية أخرى قد تكون أكثر وضوحا مثل الإيذاء، هتك العرض، الحرمان من الحرية، أو غيرها من الجرائم .
5. النص في قانون منع الاتجار بالبشر الاردني على حق ضحايا الاتجار بالبشر في ان يتم التعرف عليهم بسرعة ودقّة، بطرق منها الإجراءات المناسبة والتدريب الملائم لموظفي الدولة والتعاون بين السلطات المختصة والمنظمات غير الحكومية كما تطلبت المعايير الدولية .
6. من الاجدر بالمشرع ان ينص على سرية المحاكمة في قضايا الاتجار بالبشر ولا يترك ذلك لتقدير المحكمة اذا ما رأت في ذلك اخلالا بالنظام العام او الاخلاق .
7. ضرورة النص على التزام السلطات العامة بأن توفر لضحايا الاتجار بالبشر، عند الضرورة، معلومات عن الإجراءات القضائية والإدارية ذات الصلة باللعغة التي يفهمونها، كما تطلب البروتوكول والمبادئ الاساسية .
8. على المشرع الاردني أن يقوم بالتأكيد بشكل صريح على ضرورة تحديد هوية ضحية الاتجار بالبشر والحفاظ على سرية هذه الهوية ان امكن ذلك ، والتأكيد على ابقاء هوية الضحية الطفل سرية ، كما فعل البروتوكول الدولي .
9. العمل على تعديل نظام دور إيواء المجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر لسنة 2012 المطبق على دار الوفاق التي تستقبل حالات اتجار بالبشر، بحيث يسمح بتحويل الضحايا إليها بدون اشتراط موافقة المدعي العام بالاضافة الى العمل على رفع قدرة دار الوفاق لاستيعاب عدد اكبر من ضحايا الاتجار بالبشر.
10. ضرورة النص بشكل صريح في قانون منع الاتجار بالبشر على تقديم المساعدة القضائية لضحايا الاتجار بالبشر ، لاسيما وأن اغلب ضحايا الاتجار بالبشر هم من المعوزين الذين لا يملكون كلفة التقاضي واتعاب المحاماة .
11. العمل على وضع نصوص قانونية تمكن الضحية من الاطلاع والمشاركة في الاجراءات القضائية باللغة التي يفهمها وفقا لما امرت به المبادئ الاساسية لحق ضحايا الاتجار بالبشر، خاصة وان اغلب ضحايا الاتجار بالبشر بحسب ما يرد في التقارير الدولية والوطنية هم اجانب لا يتقنون اللغة العربية .
12. ضرورة النص في قانون منع الاتجار بالبشر على وضع خاص للضحايا الاطفال وعدم شمولهم بوضع البالغين في هذا القانون .
13. النص في قانون منع الاتجار بالبشر بشكل صريح بأن للضحية الحق في التعويض ، كما فعل البروتوكول او المبادئ الاساسية ، وعدم ترك ذلك للقواعد العامة في النظام القانوني الاردني .
14. ضرورة الاشارة الى تعريف كل من الضحية والمتضرر في قانون منع الاتجار بالبشر لما لذلك من اهمية في تطبيق هذا القانون .
15. النص بشكل خاص على تجريم حجز جواز السفر العامل وعدم إعطائه الإجازة الأسبوعية وعدم السماح له بالخروج من المنزل، ذلك ان هذه الافعال لا تعد جرائم وفقا للقواعد العامة .
16. البحث عن حلول قانونية تحول دون الابعاد والتسفير للعامل، وتأمين الترجمة والحد من بطء اجراءات التقاضي في ظل وجود نصوص تجعل مدة تقادم الحقوق العمالية سنتين والضرر ثلاث سنوات تضيع على ضحايا الاتجار بالبشر الحصول على انصاف قضائي يوصلهم لحقوقهم .
17. تعديل قانون الاقامة و شؤون الاجانب الاردني رقم ( 24 ) لسنة 1973 بحيث ينص على تقديم تسهيلات أو إعفاءات للأجنبي الذي وقع ضحية الاتجار، لا ان يعامل معاملة الأجنبي العادي المخالف لقانون الإقامة ، وشموله بالفئات التي عددتها المادة (29) من قانون الإقامة التي لا تسري أحكام القانون في مواجهتهم .
18. النص بشكل صريح على منح اقامة دائمة او مؤقتة لضحية الاتجار، حتى لا يستخدم رب العمل عنصر مخالفته لقانون الاقامة كوسيلة لابتزازه .
19. لا بد من وجود نص صريح يعفي ضحية الاتجار من الغرامات المترتبة بموجب قانون الاقامة و يسهل عودته إلى بلده ، فالقانون الاردني نص على هذا الموضوع في المادة ( 5 / ج ) من قانون منع الاتجار بالبشر باعتباره من مهام اللجنة، وهذا لا يكفي فلا بد من نص قانوني صريح بهذا الخصوص .
20. النص بشكل صريح في القانون على حق الضحية بالتعويضات المعنوية او الترضيات كما امرت المبادئ الاساسية لحق ضحايا الاتجار بالبشر .
21. تبني آلية فعالة من قبل السلطات المعنية لتمكين ضحايا الاتجار الأجانب بالاتصال مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في حال التعبير عن رغبتهم بتقديم طلب اللجوء.
22. بما أن الأردن طرف في اتفاقية 1930 و غيرها من الاتفاقيات التي حظرت العمل القسري، فان من أهم ما يتوجب عليه القيام به هو:أولاً: سن التشريعات المناسبة واتخاذ الإجراءات الإدارية الملائمة للقضاء على هذه الممارسة ومعاقبة مرتكبيها على اعتبار ان العمل القسري جريمة من الجرائم التي تقع على الأشخاص. ثانياً: اتخاذ الإجراءات المناسبة للوقاية من العمل القسري خاصة بالنسبة للضحايا المحتملين لمثل هذه الجريمة. ثالثاً: الالتزام بالتحقيق عند وجود شكوك معقولة بأن الشخص قد يكون ضحية هذه الجريمة.
23. النص في قانون العقوبات الأردني او القوانين الجزائية الأخرى بشكل صريح على تجريم العمل القسري الذي حظره الدستور مع فرض العقوبة المناسبة عند ارتكابه. إذ ان اتفاقية 1930 أوجبت على الدولة الطرف اعتبار العمل القسري جريمة و ليس مخالفة عمالية كغيرها من المخالفات .
24. العمل على تعديل قانون منع الجرائم بحيث لا يستخدم من قبل البعض من أرباب العمل لإجبار العمال الأجانب على العمل لديهم و بالتالي استخدامه كوسيلة للتهديد بنوع ما من انواع العقاب الأمر الذي نهت عنه اتفاقية 1930، أي ان لايعزز قانون منع الجرائم ممارسة العمل القسري من خلال الصلاحيات الممنوحة للحاكم الإداري التي تندرج ضمن مفهوم الضبط الإداري المتمثل بقيود و ضوابط ترد على نشاط الأفراد وحرياتهم بهدف حماية النظام العام .
25. النص في نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبساتيينها ومن في حكمهم رقم (90) لسنة 2009 على ما يضمن حق العامل الاحتفاظ بجواز سفره . وكذلك لابد من وجود نص صريح يعاقب رب العمل على حجز جواز سفر العامل لحسم أي اختلاف في الاجتهاد و وتبني آلية فعالة لتسليم جواز سفر العامل الذي حُجز أو أُخذ بطريقة غير مشروعة.
26. العمل على إصدار التعليمات اللازمة لتنفيذ احكام نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبساتيينها ومن في حكمهم بما في ذلك الاحكام والشروط التي يتضمنها انموذج عقد العمل .
27. العمل على ازالة التناقض بين نص المادة ( 10 ) من نظام تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الاردنيين العاملين في المنازل لسنة 2009 والذي يقضي بأنه بمجرد ترك العامل للعمل، يستحق صاحب العمل تعويض عن المبالغ التي دفعها دون التحري من الأسباب التي أدت بالعامل إلى ترك عمله. وبين نص المادة 11 من نظام العاملين في المنازل التي تقضي بأن تقوم وزارة العمل بالتحري في أي شكوى تتعلق بانتهاك التزامات رب العمل و العمال و اتخاذ الاجراء المناسب وفقا لقانون العمل.
28. ضرورة إصدار نظام العاملين في الزراعة سندا لأحكام المادة 3 من قانون العمل لسد فراغ قانوني يترك المجال مفتوحا لرب العمل من أجل استغلال العامل الزراعي، إضافة إلى تعدد الاجتهادات القانونية فيما إذا كان قانون العمل ينطبق عليهم أم لا .
29. الغاء التعميم الأمن ونظام الكفالة الذي يرسخ العمل القسري، ويساعد على وجوده و ينتهك الحقوق الأساسية للعامل الذي تحول إلى مطلوب أمني بسبب نزاع عمالي أو اختلاف مع رب العمل فهذه الممارسة لا تسند إلى أساس قانوني وتقوض مبدأ سيادة القانون ومن مصلحة جميع الأطراف المعنية العمل على إلغائها.
دراسة صادرة عن مركز تمكين