مادور يعين احد اذرع حزب الله وزيرا للنفط

تاريخ النشر: 28 أبريل 2020 - 09:34 GMT
ساعد العيسمي وعائلته السورية الأصل في تسلل مقاتلي حزب الله إلى فنزويلا
ساعد العيسمي وعائلته السورية الأصل في تسلل مقاتلي حزب الله إلى فنزويلا

عيّن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو نائبه للشؤون الاقتصادية طارق العيسمي، المطلوب في الولايات المتحدة بتهم اتجار بالمخدّرات والذي يصف نفسه بـ"التشافي الراديكالي"، وزيراً للنفط، في محاولة لاستعادة السيطرة على هذا القطاع الحساس الذي يواجه صعوبات.

ووفقا لملف سري جمعه عملاء فنزويليون، فقد ساعد العيسمي وعائلته السورية الأصل في تسلل مقاتلي حزب الله إلى فنزويلا، وانخرطوا في العمل مع تجار مخدرات وقاموا بحماية 140 طنا من مواد كيميائية يعتقد أنها تستخدم لإنتاج الكوكايين، ما ساعد في تكوين امبراطورية ضخمة في وقت كانت فيه البلاد تعاني فيه من الفوضى والفقر ونقص كبير في الدواء والغذاء.

وبحسب مرسوم نشر في الجريدة الرسمية الاثنين، عهد مادورو إلى العيسمي، الرجل الذي يمنحه كامل ثقته والمولود في فنزويلا في 1974 لأب سوري، مهمّة "إعادة هيكلة وإعادة تنظيم" هذه الوزارة الأساسية في أكبر بلد في العالم من حيث الاحتياطي النفطي، في وقت تسجل فيه أسعار الخام أدنى مستوياتها.

كما عيّن مادورو أسدروبال تشافيز، ابن عم الرئيس الراحل هوغو تشافيز الذي حكم البلاد منذ 1999 وحتى وفاته في 2013، رئيساً للشركة الوطنية للنفط بموجب مرسوم آخر. وترأس تشافيز بين عامي 2017 و2018 شركة "سيتغو" وهي الفرع الأميركي من الشركة الوطنية الفنزويلية للنفط.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أمسك الجنرال مانويل كيفيدو برئاسة الشركة الوطنية للنفط ووزارة النفط معاً.

ويعدّ العيسمي الذي يعرّف عن نفسه بـ"التشافي الراديكالي" أحد أبرز شخصيات النظام السياسي الحاكم في فنزويلا.

الكثير من الاتهامات والإدانات ضد العيسمي وكثير من أفراد عائلته ترويها وثائق داخل ملف في حوزة وكالة الاستخبارات الفنزويلية، التي كان العيسمي يسيطر عليها ذات يوم بحكم منصبه، وهي نتاج تحريات ونتائج تحقيق ونصوص مقابلات مع تجار ومهربي مخدرات لأكثر من عقد من الزمان.

ويشير الاقتصادي المختص بالقطاع النفطي لويس أوليفيروس إلى أن العيسمي "كان رجلاً أساسياً بالنسبة لتشافيز ومادورو قبل العقوبات". ويوضح أن انفتاحه على القطاع الخاص سيشكل خطوة لإنعاش القطاع النفطي بعد "إدارة سيئة جداً" من جانب كيفيدو.

لكن العيسمي خاضع منذ 2017 لعقوبات أميركية، مع تجميد أصوله في الولايات المتحدة بتهمة "الاتجار بالمخدرات" خصوصاً. وفي آذار/مارس وجّه القضاء الأميركي إليه وإلى الرئيس مادورو تهماً تتعلّق بتمويل الإرهاب من تجارة المخدّرات.

وعرضت واشنطن 10 ملايين دولار مكافأة مقابل أي معلومة تؤدي إلى القبض على العيسمي، و15 مليون دولار مقابل معلومات تتيح القبض على الرئيس مادورو.

وشددت الإدارة الأميركية في الأشهر الأخيرة عقوباتها ضد مادورو لدفعه إلى التخلي عن رئاسة فنزويلا التي يتولاها منذ عام 2013.

وتعترف واشنطن ونحو 60 عاصمة أخرى بالمعارض خوان غوايدو رئيساً موقتاً لفنزويلا.

كيف وصل حزب الله إلى فنزويلا من خلال العيسمي؟

الملف الذي قدمه مسؤول مخابرات فنزويلي سابق رفيع المستوى لصحيفة "نيويورك تايمز"، وأكده آخر بشكل منفصل يروي شهادة مخبرين يتهمون العيسمي ووالده بتجنيد أعضاء من حزب الله للمساعدة في توسيع شبكات التجسس وتهريب المخدرات في المنطقة.

وتصنف الولايات المتحدة حزب الله الذي تدعمه إيران، منظمة إرهابية وتفرض عقوبات على أشخاص مرتبطين به في فنزويلا منذ فترة رئاسة جورج بوش الابن (ما بين يناير 2001 ويناير 2009).

وتعتبر السلطات الأميركية أن حزب الله استخدم أميركا اللاتينية كقاعدة لتمويل نشاطاته منذ سنوات عبر المخدرات وغسيل الأموال، فيما كانت العلاقات وثيقة بين رئيس فنزويلا السابق هيوغو تشافيز والإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

وقال المحلل السياسي حسن منيمنة في تصريحات صحفية  إن الولايات المتحدة لا تتعامل مع حزب الله على أنه "تنظيم سياسي بل منظمة إجرامية تسعى لتطويق أنشطته غير المشروعة الهادفة لخدمة المصالح الإيرانية، بما في ذلك تجارة السلاح والمخدرات والماس وغيرها من الأنشطة المخفية".

وفي 2008 فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الدبلوماسي الفنزويلي اللبناني غازي نصر الدين الذي شغل منصب القائم بأعمال سفير فنزويلا في دمشق بسوريا واتهم بجمع أموال لحزب الله.

أما والد العيسمي زيدان العيسمي، فهو مهاجر سوري، عمل مع حزب الله ودفع من أجل إحضار حزب الله إلى فنزويلا، حسب الوثائق التي أشارت إلى أنه كان ضالعا في خطة لتدريب عناصر حزب الله في فنزويلا، "بهدف توسيع شبكات التجسس في جميع أنحاء أميركا اللاتينية والعمل في الوقت نفسه على تهريب المخدرات".

وبحسب ملف العيسمي الابن في المخابرات، فإنه ساعد في تنفيذ الخطة باستخدام سلطته عن تصاريح الإقامة في إصدار وثائق رسمية لمقاتلي حزب الله، وصلت إلى نحو ألفي وثيقة منها جوازات سفر، مما مكنهم من البقاء في البلاد.

ولا يتناول الملف ما إذا كان حزب الله قد استطاع إنشاء شبكة المخابرات أو تهريب، لكنه يؤكد أن مقاتلي حزب الله استطاعوا تثبيت أركانهم في البلاد بمساعدة العيسمي.

صنع العيسمي عائلة قوية في فنزويلا من خلال أفراد من عائلته نشأوا في فنزويلا، وآخرين من أقربائه جاء بهم من سوريا.

وارتفع نجم العيسمي في الأوساط السياسية، بداية من كونه أحد المقربين من شقيق الرئيس هوغو تشافيز إلى مشرع عن الحزب الاشتراكي الحاكم، إلى وزير للداخلية في 2008.

والعيسمي الذي يعتبر نفسه قياديا متشددا في الحركة التشافية والذي تولى حقيبة الداخلية والعدل من 2008 إلى 2012، ولد في فنزويلا لأب متحدر من جبل الدروز في سورية وتقلد مناصب عديدة آخرها حاكم ولاية أراغوا (شمال وسط)، التي تعتبر إحدى أكثر ولايات البلاد عنفا.

وهو متزوج من فنزويلية أمها سورية الأصل وله ابنان.

ودخل العيسمي المعترك السياسي من بوابة الحركة الطلابية حيث كان قياديا ثم أصبح محاميا وخبيرا في العلوم الجنائية وهو يعتبر كذلك أحد أقوى أركان الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم منذ 1999.