غزو أوكرانيا.. فشل الخطط

تاريخ النشر: 07 يونيو 2022 - 03:47 GMT
غزو أوكرانيا.. فشل الخطط

بعد فشل ما يمكن تسميته "الخطة ألف" بالسيطرة على أوكرانيا، لا يبدو أن "الخطة باء" أفضل حالا، وهي حتى الآن بعيدة عن تحقيق أهدافها، لكن ما بين الانتقال من خطة إلى أخرى، تظهر حقائق الفشل الاستراتيجي لموسكو وهزائمها الميدانية. 

فبعد الهزيمة على أبواب كييف والضربة القاسية التي تلقاها فلاديمير بوتين في الأسبوع الأول من غزو أوكرانيا أو ما يمكن تسميته بـ"الخطة ألف"، التي على الأغلب كانت تستهدف احتلال العاصمة كييف وإسقاط النظام السياسي في الأيام الأولى للغزو، يبدو أن عدوى الفشل انتقلت "للخطة باء"، التي أراد من خلالها الكرملين حفظ ماء الوجه والاكتفاء بعملية احتلال إقليم دونباس وربط جنوب شرق أوكرانيا مع شبه جزيرة القرم بريّاً، لكن حتى الآن هذه الخطة لم تحقق أهدافها.

فعليا وحتى الآن تمكنت المقاومة الأوكرانية في شرق البلاد من الصمود، وفي بعض المحاور انتقلت من الدفاع إلى الهجوم، وفي آخر المعارك تمكنت من استعادة كثير من الأراضي التي خسرتها في مدينة سيفيردونتسك، حيث أكد حاكم إقيلم لوغانسك، سيرغي غايداي، أن "القوات الروسية كانت تسيطر على حوالي 70 بالمية من المدينة لكنها أُجبرت على التراجع في اليومين الماضيين فيما المدينة الآن مقسمة إلى شطرين ويخشى الجنود الروس التنقل بحرية".  

يأتي هذا الفشل بعدما رمت موسكو بثقلها من أجل احتلال العاصمة الإدارية للجزء الأوكراني من منطقة لوغانسك، حيث سيطر انفصاليون تابعون لها على أجزاء منها، وهذا يعني فشلا جزئيا "للخطة باء"، حيث لم يستطع الجنرال الروسي ألكسندرد فورنيكوف الذي حدد العاشر من الشهر الحالي موعدا للسيطرة على العاصمة الإدارية سيفيرودنتسك إضافة إلى طريق "ليسيشاتسك - باخموت" الذي سيفتح الطريق إلى كراماتورسك عاصمة منطقة دونيتسك.

بالتزامن مع الوضع الميداني المعقد الذي يواجهه بوتين في شرق أوكرانيا، بدأت الولايات المتحدة تزويد الأوكران بأسلحة أكثر تطورا قادرة على ضرب العمق الروسي، إضافة إلى كميات كبيرة من الأسلحة المضادة للطائرات والدروع التي كانت أحد أهم العوامل في منع سقوط أي مدينة كبرى في يد الجيش الروسي، لكن ما أصبح واضحا أن الولايات المتحدة وحلف الناتو انتقلا أيضا إلى "الخطة باء" التي تعتمد على منع موسكو من تحقيق أهدافها في مناطق الشرق وخصوصا إقليم دونباس. 

لذلك تم تزويد المقاومة الأوكرانية بأسلحة رادعة ستتسبب بإستنزاف كبير للجيش الروسي وتُفشل خطط بوتين البديلة، وهذا الأمر سيضع الرئيس الروسي وفريقيه الأمني والعسكري أمام حرج كبير قد يدفعهم، من أجل الحفاظ على ما تبقى من هيبتهم في الداخل والخارج، لللجوء إلى خطوات غير مدروسة قد توسع نطاق النزاع خارج الحدود الأوكرانية، خصوصا أن لا ضمانات أن كييف لن تستخدم الصواريخ الأميركية (MLRS)  في العمق الروسي بالرغم من التطمينات الأميركية حول نطاق استخدامها. 

كما أن هذه الأسلحة ستُخل بموازين القوى، لذلك عاودت موسكو إلى قصف العمق الأوكراني حيث انهالت الصواريخ على العاصمة كييف وبعض المدن الأخرى، وعلى الأرجح أن هذا القصف أقرب إلى تحذير استباقي من أن الرد سيكون عنيفا وبلا حدود.

من كييف إلى دونباس ومن "الخطة ألف" إلى "الخطة باء"، وإذا فشلت سيبحث فلاديمير بوتين وجنرالاته عن خطط أخرى، وذلك تجنبا لإعلان الهزيمة، هذا ما يخدم أيضا خطط الغرب الذي يستفيد من إصرار بوتين على استمرار الحرب من أجل مزيد من الاستنزاف خصوصا أن هناك من يحاول إسقاط الهزيمة الأفغانية على الحرب الأوكرانية في المقارنة بين نتائج الحربين، إذ أن الهزيمة في الأولى كانت أحد أسباب تفكك الاتحاد السوفياتي والهزيمة الثانية قد تكون أحد أسباب تفكك الاتحاد الروسي والأخطر أن تستمر هذه الحرب لسنوات حتى تحقق أهدافها كما استمرت الحرب الأفغانية.

مصطفى فحص - الحره