شارك مئات الآلاف من الفلسطينيين في حشد جماهيري نادر نظمته حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في غزة يوم الجمعة في الوقت الذي هدأت فيه حدة التوتر مع منافسيها في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير القطاع منذ عام 2007.
وساهم التوقف الطويل لمحادثات السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في تضييق الخلافات الأيديولوجية بين الحركتين.
وزاد التقارب الحركتين بعد الهجوم الذي شنته إسرائيل على غزة في نوفمبر تشرين الثاني والذي أعلنت فيه حماس انتصارها على إسرائيل رغم الأضرار التي لحقت بها.
وحضر عدد من كبار مستشاري عباس مهرجان يوم الجمعة في غزة التي زينتها رايات فتح الصفراء بدلا من رايات حماس الخضراء التي كانت تطغى على المشهد في مثل تلك الأحداث منذ أن طردت الحركة الإسلامية أعضاء فتح من القطاع في عام 2007.
وقالت آمال حمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "رسالة اليوم هي أن فتح لا يمكن أن يلغيها أحد."
وأضافت "فتح موجودة وهي تسعى لإنهاء الانقسام."
وينظم هذا المهرجان الجماهيري إحياء للذكرى السنوية الثامنة والأربعين لتأسيس فتح. وكان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي تزعم الحركة لفترة طويلة وقع اتفاقية سلام مؤقتة عام 1993 منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا.
غير أن حركة حماس المتشددة التي لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود رفضت الاتفاقية لكنها فازت في انتخابات تشريعية فلسطينية أجريت عام 2006. وشكلت الحركة تحالفا غير مستقر مع فتح لحين انقسامهما من خلال العنف في العام التالي.
ورغم أن حماس منبوذة من الغرب إلا أنها تشعر بتعزيز موقفها بعد المكاسب الانتخابية التي حققها الإسلاميون في مصر ودول أخرى بالمنطقة وهي ثقة انعكست في السماح لفتح بتنظيم مهرجان يوم الجمعة.
وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس "نجاح المهرجان هو نجاح لفتح ولحماس أيضا... الأجواء الإيجابية هي خطوة على طريق استعادة الوحدة الوطنية."
وطالما حاولت مصر التوسط لتحقيق المصالحة بين فتح وحماس ولكن الجهود السابقة تعثرت بسبب مسائل متعلقة بتقاسم السلطة وحيازة الأسلحة ومدى قبول إسرائيل وقوى أخرى لحكومة فلسطينةي تشارك فيها حماس.
وقال مسؤول مصري لرويترز إن القاهرة تستعد لدعوة الحركتين إلى إجراء مفاوضات جديدة في غضون أسبوعين.
وتخشى إسرائيل من أن يؤدي الدعم الجماهيري لحماس في النهاية إلى الإطاحة بالسلطة الفلسطينية التي يترأسها عباس في الضفة الغربية.
ويقول الفلسطينيون إن البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة قوض مصداقية عباس كرجل دولة.
وقد تدفق مئات آلاف المواطنين من كافة مدن محافظات قطاع غزة، منذ فجر اليوم الجمعة، إلى ساحة السرايا في مدينة غزة، للمشاركة في مليونية إحياء الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.. 'مليونية الدولة والانتصار'.
وقالت وكالة وفا للانباء في غزة، الذي تجول في الميادين بغزة، بأن مئات الحافلات الكبيرة توقفت في مراكز المدن والطرق الرئيسية والفرعية والساحات العامة، بكافة مدن ومخيمات القطاع من رفح جنوباً وحتى بيت حانون شمالاً مرورا بالمحافظة الوسطى ومدينة غزة، لنقل الآلاف من مؤيدي ومناصري حركة فتح، للمشاركة في احتفال الانطلاقة المركزي في قلب مدينة غزة في ساحة الرئيس ياسر عرفات'ساحة السرايا'.
وأضافت أن الحافلات تمتلئ بالمواطنين، الذين يعتلون سطحها وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية، ورايات حركة فتح الصفراء المزينة بشعار العاصفة، ويرفعون صوراً للرئيس الشهيد ياسر عرفات ولرئيس دولة فلسطين، محمود عباس.
ويعلوا أصوات أبواق الحافلات والمركبات والشاحنات، التي تقل المواطنين إلى ساحة السرايا، فيما يسمع صوت الأغاني الوطنية، طوال فترة الطريق، وتزدحم شوارع غزة بكاملها بالمواطنين الذي تدفقوا إلى مكان المهرجان بأسر وعائلات بأكملها فرحاً بهذا العرس الوطني.
وأفادت وكالة وفا بأن أكثر من 50 قاربا بحريا خصصتهم حركة فتح لنقل المواطنين من محافظات جنوب قطاع غزة وخصوصا رفح وخانيونس باتجاه مدينة غزة عبر البحر.
وكان رئيس الهيئة العليا لحركة فتح في القطاع، يحيى رباح، أكد لـ'وفا' أن لجان العمل في الحركة أنجزت كافة مهامها لبدء المهرجان المركزي لانطلاقة الثورة المعاصرة، على الواحدة والنصف عقب صلاة الجمعة التي ستقام في ساحة السرايا.
من جهته، قال عاطف أبو سيف، مسؤول لجنة العلاقات الوطنية في الحركة، :'إن صلاة الجمعة اليوم في ساحة السرايا ستكون الأكبر في تاريخ شعبنا، وسيلقيها خطيب المسجد الأقصى وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق، الشيخ يوسف جمعة سلامة، حيث سيؤم المصلين في هذا الحدث الهام'.
وأكدت حركة 'فتح' في المحافظات الجنوبية 'قطاع غزة' اليوم، أنها قادت ثورة شعبنا الفلسطيني بثبات وعزم.
وأضاف الرئيس: إننا بعون الله، وبتصميم شعبنا وبدعم الأصدقاء والأشقاء والعالم الحر، سنحقق أهدافنا، وسنحتفل بذكرى قادمة لثورة انطلقت حتى تحقيق النصر، فالنصر قادم قادم قادم.
وأكد أن 'فتح' الأمس، هي'فتح' اليوم، انطلقت من أجل فلسطين، وظلت فلسطين هي بوصلتها، ملتزمة طيلة مسيرتها بمبدأ لم تحد عنه، وهو أن الولاء هو للقضية، وأن الوحدة الوطنية هي الأساس الذي يقوم عليه العمل الوطني الفلسطيني، وأن الحفاظ على الشخصية الوطنية له الأولوية.
وقال إننا نولي جلّ اهتمامنا لإنهاء الحصار عن غزة لتكون غزة حرة طليقة موصولة بباقي أجزاء الوطن