كشف تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، عن تورط "شبكة سرية" معقدة في تهريب النفط الإيراني والروسي والفنزويلي إلى الصين بين عامي 2019 و2024، بقيمة تقدر بنحو 9.6 مليار دولار.
وفي تفاصيل التقرير، فإن شركة إيرانية نجحت بتأمين أسطول يزيد على 30 ناقلة نفط باستخدام "الرهن البحري" القانونية التي تستخدم لإخفاء الملكية الحقيقية للسفن.
كما قال التقرير إن "شركات وهمية مسجلة بأسماء مديرين صينيين، تولّت إدارة الناقلات، بينما لعب وسطاء سويسريون دورًا في تمرير هذه الصفقات".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشبكة شكلت تحديا مباشرا للعقوبات الأميركية والأوروبية، وأنها أرست نمطا جديدا من التعاون بين الدول الخاضعة للعقوبات الغربية.
وعن كيفية تهريب النفط، قالت الصحيفة إن الناقلات استخدمت تكتيكات "الأسطول المظلم" مثل إيقاف أجهزة التتبع، وتغيير الهوية البحرية، وإجراء عمليات نقل من سفينة إلى أخرى في عرض البحر لإخفاء مصدر النفط.
وتشير البيانات إلى أن إجمالي ما تم نقله عبر هذه الشبكة بلغ نحو 130 مليون برميل، نصفها تقريبًا من إيران، و25% من روسيا، وأقل من 20% من فنزويلا. فيما انتهى نحو 93% من هذه الكميات في الصين، مما يجعلها المستفيد الأكبر من هذه العمليات.
اقتصاديًا، سمحت هذه الشحنات للصين بالحصول على إمدادات نفطية بأسعار أقل من السوق، كما كشفت عن بناء شبكات مالية وتجارية بديلة للنظام الغربي القائم على الدولار، وهو ما يقلق واشنطن بشدة.
سياسيًا، عمّقت هذه الشبكات من اعتماد موسكو وطهران على السوق الصينية بعد إغلاق الأسواق الأوروبية والأميركية أمامهما، كما أن استمرار تدفق هذه الكميات رغم العقوبات يضعف من مصداقية النظام العقابي الأميركي، ويعكس حدود القوة الغربية في التحكم بمسارات الطاقة العالمية.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على "أوشن غلوري" وعدد من السفن المرتبطة بها، إلا أن خبراء الطاقة، عدوا هذه الخطوة رد فعل متأخر أمام شبكة تعمل على نطاق واسع، متسائلين هل ستلجأ واشنطن إلى العقوبات الثانوية التي تستهدف الشركات والمرافئ الصينية مباشرة.
ووفق التقرير، فإن الأمر لا يتعلق بمجرد عمليات تهريب نفطي، بل بتشكيل تحالف غير معلن بين بكين وطهران وموسكو، يقوم على مبدأ "التضامن ضد العقوبات"، يعيد رسم موازين القوة في سوق الطاقة ويضع الغرب أمام تحدٍ استراتيجي، مفاده أن أدواته التقليدية في فرض الانضباط على الأسواق بدأت تفقد فعاليتها. وإذا استمرت الصين في المضي بهذا الاتجاه، فإن السنوات المقبلة قد تشهد ولادة سوق طاقة موازية خارج النظام الغربي، بما يحمله ذلك من انعكاسات سياسية واقتصادية عميقة على التوازن العالمي.
المصدر: وكالات