عصابات عمان: حيث العشيرة اقوى من الدولة

تاريخ النشر: 26 أغسطس 2012 - 01:15 GMT
من احدى المشاجرات في مدينة معان جنوب الاردن/ارشيف
من احدى المشاجرات في مدينة معان جنوب الاردن/ارشيف

البوابة (خاص)_عمان من هيلين بروكس وعلوان بدر

جبل النصر ليس مكانا من العاصمة الأردنية حيث يذهب السياح لزيارتها، انه ابعد قليلا عن وسط البلد. منظقة مكتظة بالمتاجر الصغيرة والاعمال التقليدية .

وقد كانت "جبل النصر" قبل ايام مسرحا لاشتباكات مسلحة استخدمت فيها قنابل المولوتوف والاسلحة الاتوماتيكية، واحرقت عدة مبان ومتاجر.

 وقد تسأل - أين الشرطة؟

عندما قمنا بزيارة  المنطقة، كان هناك دورية شرطة واحدة لمنطقة تمتد على عدة اميال مربعة وداخلها رجل شرطة يغفو على المقعد الامامي للدورية .

كانت السوق هادئة عندما زرنا المنطقة، ولكن سكانها يرون قصصا حول الايام العصيبة التي عاشوها قبل ان يعم هذا الهدوء. حيث شهدت معارك عنيفة بين رجال قبيلتي الحراحشة وابو رميلة استخدمت فيها اسلحة الكلاشينكوف والعوزي.  هذه ليست قصة ضغينة بين قبيلتن فقط بل حكاية عصابات قوية مدججة بالاسلحة.

وجبل النصر ليست استثناءً أيضا، ففي الشهر الماضي قتل ضابط شرطة في الثانية والعشرين من عمره، كان لا يزال حديث التخرج مع كلية الشرطة عندما اقدم مسلحون قبليون باطلاق الرصاص على المركز الامني حيث كان الضابط القتيل في بلدة الموقر شمال غرب المملكة.

وقد اقدم المئات من عشيرة الخريشة المدججين بالسلاح باطلاق اكثر من 500 عيار ناري خلال الهجوم الذي جاء ردا على اقدام الشرطة بمهاجمة عصابة في غرب عمان كان احد اعضائها من هذه القبيلة. وحتى الان لم تعتقل الشرطة أي من مطلقي النار او ممن قتلوا الضابط .ويعتقد كثيرون هنا ان الدولة صارت اضعف من القبيلة.

في جبل النصر نتحدث إلى رأفت، صاحب متجر ملابس في الشارع الرئيسي للحي, وقد طلب منا عدم ذكر اسم عائلته خوفا من هجمات انتقامية.

يقول رأفت ان "مساومة" على سعر قميص قد تتسبب في حرب شاملة بين القبائل.

ويضيف "أعرف صاحب متجر حاول الشكوى للمركز الامني الا ان اعضاء القبيلة اوقفوا سيارة الشرطة التي كانت تقله ومنعتها من المرور واجبرتهم على انزال المشتكي".

وقام افراد من قبيلة الحراحشة بالاعتداء عليه بالسكاكين، وفقا لرواية رأفت، وهذا مؤشر او حادث واحد على مدى ما وصلت له القبيلة من تغول وقوة تجاوزت قوة الدولة.

الا ان الامر لم ينتهي عند هذا الحد فقد قام اعضاء القبيلة باحراق متجرين لاقارب المعتدى عليه.

خلال حديثنا مع رأفت تجمع حشد صغير من الناس مؤكدين روايته عن الحادث.العديد من سكان هذه المنطقة غاضبون من أن الشرطة لا تفعل أي شيء في مواجهة هذا العنف.

وقد أحرق متجرا اخر في اليوم التالي لزيارة قائد شرطة المنطقة الذي قال لسكان الحي:" ان الوضع تحت السيطرة"، لكن السكان في شك من هذا.

يقول رأفت "اذا اتوا عليّ (العشائريون) وتسببوا لي باذى فلن اذهب للشرطة للشكوى كي اتجنب مزيدا من الاذى".

حمودة الذي يملك محلا لبيع الاحذية على الطريق يوافق رأفت الرأي، ويقول لنا انه خسر 75% من تجارته بسبب انعدام الامن في المنطقة.

اصحاب المحال التجارية في السوق حاولوا ان يأخذوا زمام المبادرة في بداية شهر تموز /يوليو الماضي وقاموا بحملة توقيع على عريضة تطالب الشرطة العمل على اعادة الامن للمنطقة لكن شيئا من هذا لم يحدث، ولم تحرك الشرطة ساكنا ردا على العريضة.

ليست قبيلة الحراحشة وحدها التي تتسبب المشاجرات العنيفة فهناك عشيرة ابو رميلة المنافسة، التي كانت طرفا المشاجرة. وقد زرنا رأس هذه العشيرة، عادل ابو رميلة في متجره القريب.

يلقي ابو رميلة باللوم على الحكومة في احراق المحال التجارية والحروب القبلية، ويقول :" انه واجب الحكومة حماية الناس".

من الواضح أن العلاقة بين الشرطة والقبائل أقرب مما ينبغي. لعادل شقيق يدعي معتز يقول ان الشرطة قيدوه واقتادوه إلى منزل العشيرة المنافسة، حيث عذبوه. وقد غطت وجهه ندوبا احدثتها فيه سكين قطع، وقد عرض علينا صورا له بعد الحاث مباشرة حيث لوجه المدمى وقد كانت وحشية بما فيه الكفاية.

ويتهم عادل الشرطة بمحابة قبيلة الحراحشة التي تعود اصولها الى الاردن فيما تعود اصول عشيرة ابو رميلة الى الخليل في الضفة الغربية، أي انهم اردنيون من اصل فلسطيني.

ويقول عادل ان هذا ما يجعل لقبيلة الحراحشة نفوذا اوسع لدى الشرطة اكثر مما لدى عائلته.

ويضيف "ان الشرطة تمارس سيطرتها على الضعفاء وليس على القبائل، واذا فشلت الدولة في حمايتي وكان علي ان ادافع عن عائلتي ليكن، فانا مستعد".

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن