يعلن زعيم الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة عباسي مدني غدا مبادرة لحل الازمة في الجزائر والتي كان اعلن عنها في نهاية العام الماضي.
وقال مدني في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية ان الجزائر تقف الآن امام احتمالين لا ثالث لهما اما الصوملة بينما اطراف النظام في حالة تمزق او ان يجتمع الجزائريون حول مخرج تقدمه لهم المبادرة.
وأعلن انه سيتحدث عن مبادرته التي اعلن عنها في نهاية 2003 ولم يكشف مضمونها في مؤتمر صحافي في الدوحة حيث يقيم منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
واكد ان هذه المبادرة التي تقع في صفحتين تحفظ الجزائر والمنطقة من آفات سيصبح التحكم فيها مستحيلا مثل تفاقم ظاهرة الهجرة. وأضاف ان الازمة الجزائرية وصلت الى درجة من التعفن بحيث ان النظام الذي افرزها باخطائه على مدى اربعين عاما بات عاجزا عن حلها.
يذكر ان الجزائر تهزها ازمة حادة تواجهها جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد سابقا) التي جمد القضاء الجزائري نشاطاتها في 30 كانون الاول/ديسمبر الماضي.
وقد تصاعد النزاع بين الامين العام للحزب علي بن فليس المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة والرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يعلن حتى الان عزمه على الترشح لولاية ثانية.
وقال مدني لا ادعم ايا من الطرفين، معتبرا ان الانتخابات الرئاسية المقبلة ملهاة وتضييع للجهد والوقت وتزيد في تعفن الازمة، مؤكدا ان البديل سيكون في المبادرة التي سيعلنها الخميس في الدوحة.
وكان مدني قد اغتنم فرصة زيارته للخارج في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بداعي العلاج ليعلن لقناة الجزيرة القطرية وعدد من وسائل الاعلام "استعداده" للمشاركة في "تسوية الازمة" التي تشهدها البلاد منذ 1992 واسفرت عن سقوط ما لا يقل عن مئة الف قتيل حسب مصادر رسمية.
ومن دون ان يكشف عن فحوى هذه التسوية طالب مدني بالافراج والعفو عن كل المعتقلين المدانين في الاعتداءات المنسوبة للجماعات الاسلامية المسلحة وكذلك عن مساجين الحق العام الذين اعتبرهم "ضحايا النظام" واكد انه تلقى "ردا شفهيا ايجابيا" على اقتراحه من الجيش الجزائري.
وقضى عباسي مدني الذي حكم عليه بالسجن 12 عاما في تموز/يوليو 1992، خمسة اعوام في السجن العسكري بالبليدة قبل ان يودع قيد الاقامة الجبرية.
وقد وقع لدى الافراج عنه في تموز/يوليو محضرا يمنعه من ممارسة اي نشاط سياسي.
وكان الجيش الجزائري الواسع النفوذ قرر تعليق الانتخابات التشريعية التعددية الاولى التي شهدتها البلاد في كانون الاول/ديسمبر 1991 والتي فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ في جولتها الاولى.
وفي اذار/مارس 1992 صدر قرار بحظر هذا الحزب الذي كان يدعو الى قيام دولة اسلامية في الجزائر مما ادى الى اندلاع اعمال العنف.
ورغم تراجع حدة الاعتداءات منذ الصيف الماضي فان الجماعة الاسلامية المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال التي انشقت عنها في 1998 والمرتبطة بتنظيم القاعدة ترتكب العديد منها.
ونفت وزارة الدفاع الجزائرية التي نادرا ما ترد على الاخبار الصحافية، الاثنين بشدة اي اتصالات مع عباسي مدني بخصوص هذه المبادرة.
وقالت ان "المؤسسة العسكرية لم تتلق اي مبادرة من مسؤول في الجبهة الاسلامية للانقاذ -المنحلة كما انها لم تجر اي اتصالات بهذا الخصوص".
وتثير الطريقة التي ينتهجها الزعيم الاسلامي دهشة المراقبين في الجزائر حتى ان الصحف تتساءل عن "الهدف الحقيقي" الذي يكمن وراء اقتراحه وذهب بعض المعلقين الى التأكيد على انه يهدف الى "استمالة القاعدة الانتخابية الاسلامية".
وقالت الصحف انه في حال تم العفو على اخر المعتقلين الاسلاميين فان هؤلاء الناخبين قد يصوتون للرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة.
الا ان بوتفليقة لم يعلن بعد ما اذا كان يسعى الى ولاية ثانية لكنه بدأ منذ عدة اسابيع سلسلة من الزيارات لمناطق عدة من البلاد تدعو الى الاعتقاد بانه قد يترشح لولاية جديدة.
وبدأت بالفعل لجان دعم تتشكل في عدة مناطق.
والغريب ان عودة عباسي مدني الى الواجهة تتناقض تماما مع الصمت الذي يلتزمه ذراعه الايمن في الجبهة علي بلحاج الذي افرج عنه ايضا في تموز/يوليو بعد ان امضى 12 سنة في السجن بتهمة "المس بامن الدولة".
فبلحاج الذي يخضع لنفس القيود المفروضة على عباسي مدني لكنه رفض التوقيع على المحضر لدى خروجه من السجن يلتزم الصمت خلافا لطبيعته المتحمسة الحادة والتي جعلت المراقبين يتوقعون صعوبة السيطرة عليه—(البوابة)—(مصادر متعددة)