صحيفة بريطانية: الجيش السوري الحر يحتشد على الحدود مع لبنان

تاريخ النشر: 19 نوفمبر 2011 - 12:46 GMT
سوريون يعبرون الحدود بإتجاه لبنان في منطقة وادي خالد القريبة من حمص
سوريون يعبرون الحدود بإتجاه لبنان في منطقة وادي خالد القريبة من حمص

يقول مراسل صحيفة "ذي غارديان" البريطانية في تقرير بعث به من منطقة حدود لبنان مع سوريا ونشرته الصحيفة اليوم السبت ان ما يسمى الجيش السوري الحر المكون من منشقين عن الجيش السوري يحتشد الآن على الحدود السورية-اللبنانية وان افراده يقولون ان الصراع بات الآن امراً لا مفر منه. وهنا نص التقرير:

"في مكان ما على طول الحافة المرتفعة ذات اللون الاخضر الزمردي الى الامام، يحرس جنود سوريون الحدود المضطربة مع لبنان. ووراءهم توجد اكوام من الاتربة البرتقالية اللون المحفورة حديثاً حيث زرعت الغام في الفترة الاخيرة. وامامهم، في الجانب الآخر من واد عميق مبلل بالمياه يمتد الى داخل لبنان، يقوم المنشقون الذين كانوا في وقت من الاوقات رفاقهم في السلاح بالاعداد للحرب.

ويتنقل المنشقون في الجيش السوري الحر الذين وجدوا ملجأً في منطقة الحدود المضطربة هذه بحريَة على دراجات نارية تقع بالتأكيد ضمن مدى نيران القناصة السوريين الموالين. لكنهم يقولون انهم ما عادوا يخافون زملاءهم السابقين في الجيش الموجودين على تلال قريبة. وبدلاً من ذلك فإنهم يتطلعون الى تلقي المساعدة منهم.

قال عضو سابق في وحدة استخبارات فر من مدينة حماة المحاصرة في آب (اغسطس) الماضي ويوجد الآن في قرية نسوب اللبنانية: "يوجد مائة منهم في الوادي، ولكن اول من امس انا شخصياً جلبت 30 منهم الى هنا". وعن الجنود الذين ما زالوا يخدمون في الجيش السوري قال: "لقد ساعدوا".

امر كبار القادة العسكريين رجالهم باقفال الحدود، لكن الارتفاع الحاد في عدد الفارين الذين اجتازوا الحدود الى شمال لبنان في الاسبوع الماضي يوحي بان جنوداً كثيرين يحتفظون لانفسهم بخط الرجعة.

ويبدو ان عزلة سوريا المتزايدة ترفع ايضاً من معنويات المنشقين المنفيين الذين استقبلوا هذا الاسبوع نحو 70 رجلاً ارسلوا الى منطقة آمنة في غضون يوم من اجتيازهم الحدود.

يقول رجل آخر لبناني الاصل عاش في سوريا 25 عاماً لكنه هرب عندما بدأت الانتفاضة في آذار (مارس): "اننا نتحث اليهم (الجنود الموجودين على مقربة) منذ اشهر كثيرة. هناك كثيرون ينتظرون ليروا ما سيحدث قبل اتخاذ خطوتهم".

ولا تتظاهر المجموعة المهلهلة بان لها قائداً يصدر لها الاوامر. ويبدو المنشقون الموجودون في شمال لبنان، مثلهم مثل بقية الجيش السوري الحر الناشىء، كقوة فضفاضة التشكيل من دون توجيه من اي قيادة مركزية.

لكن احداً ما في شمالي لبنان يساعدهم في تنسيق الهجرة والتخطيط لتصعيدٍ يقولون كلهم انه صار الآن امراً لا مفر منه.

قال الرجل اللبناني العائد حديثاً: "معظم الجنود (الفارين) غير موزعين في الاماكن التي يعيشون فيها. لذا فانهم عندما يدخلون (الى لبنان)، فإنهم يجري ارسالهم ليجتازوا الحدود (عائدين الى سوريا) في المنطقة الاقرب الى ديارهم".

ويعتقد ان بعض افراد مجموعة الـ30 الذين وصلوا الاربعاء قد ارسلوا الى تركيا حيث سيوزعون على مناطق متاخمة للحدود قرب قراهم.

وبمجرد ان يدخل الرجال الى سوريا فإنهم سينضمون الى مجموعة المنشقين المتنامية التي شنت سلسلة هجمات على قوات النظام بلغت ذروتها هذا الاسبوع بأكثر عملياتهم جرأة حتى الآن وهي الهجوم على مقر استخبارات البحرية على مشارف دمشق.

ويقول الرجال انهم لا يعرفون من مول رحلاتهم. وقال جندي فار: "كل ما اعرفه هو انني اتصل بأعضاء لجنة التنسيق. وهم يأتون ويأخذونهم ولا اراهم بعد ذلك. ومن المؤكد ان العدد اكبر الآن مما كان في السابق".

يقول اؤلئك الذين فروا إن الوضع في سوريا تجاوز الآن نقطة اللاعودة.

عنما بدأت الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الاسد في وقت سابق من هذه السنة لم يكن هنالك عداء ظاهر بين غالبية اهل سكان البلاد السنة والاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد ويستمد منها معظم الدعم الموالي. ولكن بعد ثمانية شهور من القمع الوحشي، صارت التوترات الطائفية اسوأ.

قال الرجل اللبناني: "ان كل من يغادر يعتبر ارهابياً، وغالبية من يغادرون هم من السنة لأنهم يواجهون الاضطهاد".

وقال الفار الذي خدم في وحدة استخبارات للجيش في حماة، حيث قتل عشرات الآلاف في العام 1982 في عهد حافظ الاسد، والد الرئيس الحالي، ان الرجال السنة يعذبون بمجرد انهم ملتحون. ليس هناك كهرباء او ماء او اي شىء. المعاملة سيئة جداً".

ويبدو الوضع المتدهور داخل سوريا بمثابة نبوءة تحقق ذاتها اذ ان الانقسام الطائفي الذي لم يكن موجودا في آذار (مارس) الماضي صار الآن صدعاً خطيراً في كثير من مناطق البلاد. وقال الجندي السابق: "انهم يقتلون بعضهم بعضاً الآن. السنة يقتلون علويين، والعكس العكس. انا شخصيا رأيت علويا يقتل (سنيين) امامي".

وقال القروي السوري: "لقد قالوا مرات كثيرة ان الناس يعتقدون الآن ان السنة هم من يثيرون المتاعب. هذا كله كذب".

وقال الرجل اللبناني: "احد الضباط اخبرنا بعد رمضان انه كان لديه انطباع خاطيء عنا. قال انه ابلغ بأننا ارهابيون واناس سيؤون. ثم اخِذ واستجوب وعذب لمدة شهر لا لشيء سوى انه كان على علاقة طيبة معنا. الآن جاء الضباط العلويون واختلفت الامور".

وما زال الضباط العلويون وجنودهم السنة في مكان ما في الوادي الذي هو ممر نشط للتهريب. ووراءهم السماقية، وهي قرية كانت سنية ويقول السوريون المنفيون انها تشكل القاعدة الاخيرة لنظام الحكم. ويقول الرجال الخمسة كلهم ان معظم السنة ارغموا على الفرار منها وان انصار نظام الحكم، وجميعهم من الطائفة العلوية، انتقلوا الى القرية. ووراء السماقية هناك قرية علوية ثم قطاع مسيحي، واذا اتجهت الى اليسار نحو حمص فإن هذا الوضع يستمر لثلاثين ميلاً. والطريق الموصلة الى حماة مماثلة. ولكن هذا التداخل بين الطوائف، اي الاماكن التي يقطنها موالون ومنشقون، اخذ يتفكك بسرعة. وسألت الرجال الخمسة ما اذا كانت الحرب قد صارت امراً لا مفر منه، فرد الجميع بالإيجاب.