شارك الآلاف من رجال شرطة مدينة نيويورك يوم الأحد في جنازة ضابط شرطة ثان قتل مع زميله الشهر الماضي لكن في علامة على استمرار التوترات مع رئيس البلدية بيل دي بلاسيو أدار بعضهم ظهره إلى شاشة عرضت لقطات له أثناء كلمة تأبين
وانتهز قلة منهم المناسبة لاظهار تحديهم من جديد لرئيس بلدية المدينة.
فقد ادار بضع عشرات من رجال الشرطة ظهورهم عمدا للشاشات التي تنقل المراسم عندما بدأ رئيس البلدية بيل دي بلاسيو القاء كلمته لتأبين الشرطي كما ظهر في لقطات تلفزيونية وفي صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي 27 كانون الاول/دسمبر الماضي ادار مئات من رجال الشرطة ظهورهم لشاشات العرض عند ظهور بلاسيو لالقاء كلمته في جنازة رافائيل راموس زميل وينجيان ليو الذي قتل معه..
وانضم سياسيون وقادة الشرطة ومشيعون آخرون إلى أفراد العائلة في سرادق في بروكلين لتأبين ون جيان ليو الذي قتل في كمين أثار اتهامات بأن رئيس البلدية ساهم في خلق اجواء مناهضة للشرطة.
وفي الخارج وقف آلاف من ضباط الشرطة بزيهم الازرق صامتين. وأدار بعضهم ظهورهم الى الشاشة التي عرضت لقطات دي بلاسيو حين بدأ في إلقاء كلمة تضمنت دعوة للمصالحة.
وكان مفوض الشرطة بيل براتون حث الضباط على التعبير عن الحزن فقط وليس الشكوى أثناء التأبين. وأصبحت ادارة الظهر تعبيرا رمزيا عن غضب كثير من الضباط من رئيس البلدية بسبب ما يعتبرونه فشلا من جانبه في دعمهم اثناء موجة من الاحتجاجات المناهضة للشرطة.
وقتل ليو (32 عاما) ورافائيل راموس (40 عاما) بالرصاص في كمين يوم 20 ديسمبر كانون الاول بيد قاتل قال إنه أراد الانتقام لمقتل اثنين من السود العزل الصيف الماضي في مواجهات مع ضباط بيض.
كان مقتل الرجلين في فيرغسون بولاية ميزوري وفي مدينة نيويورك وقرارات هيئتي محلفين في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول بعدم توجيه اتهام لضباط الشرطة المتورطين قد أثار احتجاجات على مدى أسابيع في المدينتين وفي أنحاء البلاد على معاملة الأمريكيين السود وغيرهم من الأقليات.
وقال دي بلاسيو أثناء جنازة ليو التي كانت من أكبر الجنازات في تاريخ شرطة نيويورك إن "نيويورك كانت منذ أيامها الأولى من أكثر المدن تسامحا... لكن مرت دائما أوقات كان فيها الانسجام موضع تحد."
واضاف "دعونا نعيد تكريس أنفسنا لتلك التقاليد العظيمة لنيويورك الخاصة بالتفاهم المتبادل والعيش في انسجام."
وبدا الحشد الذي شارك في جنازة ليو الذي يعتقد انه أول ضابط شرطة أمريكي من أصل صيني في إدارة شرطة نيويورك يقتل خلال تأدية عمله مساويا تقريبا للمشاركين في جنازة راموس والذين بلغ عددهم حوالي 25 ألفا.
وتحدثت زوجة ليو من خلال دموعها بكلمات تأبين له كزوج مخلص. وقالت بي شيا تشين "ون جيان هو بطلي." واضافت "يمكننا دائما الاعتماد عليه."
وفي وقت لاحق حمل نعش ليو ملفوفا بعلم شرطة نيويورك في حين وقفت حشود الشرطة في وضع انتباه في حين كانت طائرات هليكوبتر تحلق على ارتفاع منخفض فوق المشيعين في تشكيل يعرف باسم "تشكيل الرجل المفقود" وهو تقليد لشرطة نيويورك.
وبينما كان أغلب الضباط في الشارع خارج دار الجنازة تقف في مواجهة دي بلاسيو أثناء إلقائه كلمة تأبين وخصوصا في الصفوف الأمامية فقد شوهد العديد من الضباط في الجوار يديرون ظهورهم مثلما حصل في الأسبوع الماضي مع جنازة راموس.
وقال باتريك لينش رئيس أكبر نقابة للشرطة خارج مقر الجنازة عقب انتهاء إجراءاتها إن الضباط يمرون بفترة عصيبة وعاطفية.
"إنهم يشعرون أن البلدية أدارت ظهرها لهم ومن حقهم أن يكون رأيهم مسموعا. وهم فعلوا ذلك بصورة محترمة في الشارع وليس داخل الكنيسة." وقال زعيم النقابة بعد وقوع الحادث مباشرة بشأن ليو وراموس إن رئيس البلدية أسهم في المناخ الذي أدى لوفاتهما.
وعرض دي بلاسيو تقديم دعم نوعي للمحتجين الشهر الماضي بعد قرار هيئة محلفين كبرى بعدم توجيه اتهامات لضابط أبيض ضالع في خنق إريك جارنر حتى الموت في نيويورك أثناء محاولة اعتقاله. وقال رئيس البلدية إنه تحدث إلى ابنه دانتي بشأن مخاوفه من التعامل مع الشرطة.
وبدأت العلاقات بين الشرطة ودي بلاسيو في التوتر قبل ذلك. فخلال حملته للترشح لمنصبه عام 2013 انتقد رئيس البلدية الأساليب التي تنتهجها إدارة شرطة نيويورك بما في ذلك سياسة "قف للتفتيش" التي قال منتقدون إنها تستخدم لمضايقة الأمريكيين من أصل أفريقي وغيرهم من الأقليات العرقية.
وكان كثير من المعزين الذين قدر عددهم بعشرات الآلاف اكتظت بهم الأرصفة خارج قداس الأحد من الآسيويين.
وقال كاياو تشين (32 عاما) الذي انتقل من الصين إلى الولايات المتحدة عام 2000 إنه لم يكن يعرف الضابط القتيل ولكنه قال إنه حزين جدا لأن ليو كان الابن الوحيد لوالديه.
وأضاف "في التقاليد الصينية.. يحمل الابن دم الأسرة.. الأسرة منكسرة الآن.
واثارت جريمة القتل هذه صدمة عنيفة في نيويورك وجهاز شرطتها الذي يضم 35 الف رجل، وفاقم التوتر بينه وبين رئيس البلدية الذي اتهمه بعضهم بان يديه ملوثتان بالدماء معتبرين انه لم يدعمهم بشكل كاف وتساهل مع المتظاهرين في نيويورك الذين ادانوا لاسابيع مقتل مايك براون في فرغسون في ولاية ميزوري وايريك غارنر في نيويورك الصيف الماضي.
وعقد اجتماع الثلاثاء بين رئيس البلدية وخمس نقابات للشرطة لمحاولة تهدئة التوتر بين الجانبين لكنه لم يحقق اي تقدم.
وهكذا لم تلق دعوات رئيس الشرطة بيل براتون الى عدم استغلال الجنازة للتعبير عن غضبهم سوى استجابة جزئية.
وفي كلمته اشاد دي بلاسيو ب"شجاعة وتضحية" وينجيان ليو وقال ان "المدينة كلها محطمة الفؤاد".
واضاف "وينجيان ليو كان رجلا صالحا. لقد اتبع طريق الشجاعة، طريق التضحية وحسن الخلق. هذا ما كان عليه".
واعتبر رئيس بلدية نيويورك ان وينجيان، الذي هاجر من الصين وهو في الثانية عشرة من العمر، يجسد الحلم الاميركي.
وقال ان "قصة حياة المفتش ليو هي تعبير قوي عن تاريخ اميركا وهي القصة التقليدية لنيويورك".
وقد جرى تاخير جنازة ليو لاتاحة الوقت لعائلته حتى تتمكن من الحضور من الصين.