يقول المصريون في المحافظات خارج العاصمة حيث لا تسمع هتافات المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة ضد المجلس الاعلى للقوات المسلحة ان محاسبة حكامهم يجب أن تكون من خلال صناديق الاقتراع وليس الشارع.
لكن لجان الانتخاب كانت يوم الخميس خاوية تقريبا وهو اليوم الثاني والاخير لجولة الاعادة من المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب التي بدأت يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني.
كما أن صورا لاعتداءات صادمة على ناشطات هذا الاسبوع عبأت ألوف النشطاء والناشطات ومواطنين عاديين للتظاهر في العاصمة يوم الثلاثاء. ويحشد النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لمظاهرات أكبر يوم الجمعة تحت اسم "جمعة رد الاعتبار للحرائر".
وقتل 17 ناشطا وأصيب نحو تسعمئة اخرون في اشتباكات مع الجيش والشرطة منذ يوم الجمعة الماضي حين فضت القوات احتجاجا في شارع مجلس الشعب الذي يقع فيه مقرا مجلس الشعب ومجلس الوزراء ثم حين حاولت أكثر من مرة فض اعتصام بدأ يوم 18 نوفمبر تشرين الثاني في ميدان التحرير.
وشاهد المصريون عبر البلاد لقطات مفزعة لقمع المحتجين لكن الاحساس بما يحدث من مواجهات في العاصمة أقل في الاقاليم.
وقال ناصر محمد (45 عاما) وهو يحرث أرضه في محافظة الشرقية الى الشمال الشرقي من القاهرة "الانتخابات أهم شيء. لا بد أن نحتار أحدا ثم بامكاننا بعد ذلك أن نحملهم المسؤولية وسيكونون خاضعين للحساب."
وأضاف "هذا ليس وقت الاحتجاجات. نحن مثل رجل مريض جدا قادر بالكاد على المشي لكنه مضطر لحمل صندوق ثقيل."
لكن الاعتصام دفع المجلس العسكري الى تحديد منتصف العام المقبل لتسليم السلطة للمدنيين وكذلك اقالة حكومة عصام شرف وتشكيل "حكومة انقاذ وطني" برئاسة كمال الجنزوري. ويقول المعتصمون انهم يريدون انهاء الادارة العسكرية لشؤون البلاد فورا.
وانقسم المصريون حول الاعتصام فطالب البعض باستمراره لحين انهاء الادارة العسكرية للبلاد في حين أيد اخرون محاولة تفريقهم بالقوة لاعادة الاستقرار الذي يقولون انه يلزم لوقف انهيار الاقتصاد.
وقال عبد المنعم عبد الوهاب وهو فلاح اخر في الشرقية "أريد الامن وأن يتحرك البلد للامام." وأضاف "يجب أن نطيع الحكومة. لا بد أن انتخب .. أليس كذلك؟"
وأغلقت لجان الانتخاب أبوابها في الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي (1700 بتوقيت جرينتش) وسط بضع شكاوى تقدم بها قضاة يشرفون على الانتخابات من تعديات عليهم بالسب من وكلاء مرشحين ومرشحين وكذلك شكاوي من مرشحين من مخالفات مستمرة لقواعد الدعاية الانتخابية.
وتجرى الانتخابات على ثلاث مراحل تنتهي يوم 13 يناير كانون الثاني.
ودعا رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي يوم الاربعاء لبدء دورة مجلس الشعب الجديد بعد الانتخابات بعشرة أيام.
وبالنسبة لمصريين كثيرين مثل عبد الوهاب يعتبر الجيش المؤسسة الوحيدة القادرة على تحقيق الاستقرار.
ويعتقد كثيرون أن مجلس الشعب المنتخب يمكن أن يعيد البلاد الى طريقها الصحيح ويصبح قوة معادلة لقوة المجلس العسكري.
ووفق تعديلات دستورية أقرها استفتاء عام يجب أن يختار الاعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشورى جمعية تأسيسية تضع الدستور الجديد للبلاد لكن عضوا واحدا على الاقل في المجلس العسكري قال ان مجلس الشعب لا يمثل مختلف القوى الاجتماعية وان النواب المنتخبين يجب أن يكونوا ضمن اخرين يضعون الدستور.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين ان الكتلة البرلمانية الاكبر يجب أن تشكل الحكومة لكن المجلس العسكري يقول ان البلاد لا تزال تعمل بالنظام الرئاسي وان البرلمان لا يحق له تشكيل أو اقالة الحكومة.
ويقول محللون ان المجلس العسكري قد لا يكون بامكانه التغاضي عن الوزن الذي يمثله برلمان جاء في انتخابات حرة تعد الاولى من نوعها منذ أطاح ضباط الجيش بالنظام الملكي عام 1952 ثم أدخلوا النظام الجمهوري في العام التالي.
وقالت امرأة طلبت ألا ينشر اسمها "أنا انتخب اليوم لاني أريد مستقبلا أفضل لاطفالي." وأضافت "أنا أؤيد الاحتجاجات في التحرير ما دامت بعيدة عن التخريب. أنا لا أريد أن أرى نساء وقد سحبت عنهن ملابسهن (في الشارع)."
وتشير الناخبة الى ناشطة شابة ضربها جنود في شارع يؤدي الى ميدان التحرير وجروها على الارض الى أن انكشفت ملابسها الداخلية هذا الاسبوع.
وفي الريف لا تنتشر بكثرة أجهزة الكمبيوتر التي تمكن سكان المدن من مشاهدة الانتهاكات على أشرطة فيديو. ويسمع الريفيون أعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة وهم يدافعون عن الجيش في وسائل اعلام رسمية وينفون عنه مثل هذه الاعمال وينسبونها الى طرف ثالث يقولون انهم يبحثون عنه لكن اخرين يقولون ان ما يقوله العسكريون مجرد ابعاد للتهم عنهم.
وقال حسني مصطفى (65 عاما) "أشاهد الاخبار في التلفزيون وسمعت أن المحتجين يتلقون أموالا."
وأضاف "الذين يطالبون بحقوقهم يجب أن يطالبوا بها في سلام. أنا حقوقي انتهكت في هذا البلد لكن هذا لا يعني أنني يمكن أن أذهب وأخرب الممتلكات العامة."
وحتى في القاهرة هناك من هم غاضبون على المحتجين خاصة أصحاب المتاجر القريبة من الميدان أو في شوارعه ويقولون ان المحتجين دعاة عنف.
وقال محمد صادق الذي يبلغ من العمر 21 عاما ويعمل في متجر قرب التحرير "لا ألوم القوات المسلحة على أي عنف في هذه الاوقات. الناس الذين حرقوا المجمع العلمي (على مشارف التحرير) ليسوا ثوارا. انهم بلطجية ويجب التصدي لهم."
ويقول المحتجون ان السلطات تتحمل المسؤولية عن حرق المبنى الذي يتكون من طابقين لان أشخاصا وقفوا فوقه ورشقوا المحتجين في الشارع بالحجارة والقنابل الحارقة ورد عليهم المحتجون بالمثل.
وتحدثت الصحف التي تملكها الدولة في عناوينها الرئيسية اليوم عن مؤامرة لتخريب وحرق منشات عامة يجري الترتيب لها في الذكرى الاولى للانتفاضة في 25 يناير القادم لكن نشطاء يقولون ان الحكومة تثير الفزع بين الشعب في محاولة لفضه عنهم.
وقال شهود عيان في محافظة المنوفية شمالي القاهرة ان اقبال الناخبين كان ضعيفا جدا يوم الخميس. وقالت شاهدة ان ناخبين أبطلوا أصواتهم لانهم لا يريدون انتخاب الاسلاميين الذين اقتصرت عليهم المنافسة في الاعادة.
وقال الشهود ان الاقبال على الاقتراع كان ضعيفا في أغلب اللجان في المحافظات. وقالت شاهدة في محافظة الشرقية "كان الاقبال ضعيفا جدا لوقت طويل في كثير من اللجان."
والى الان جاء حزب النور السلفي تاليا لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين في المكاسب.