رويترز: "جبال العلويين" في طرّطوس حصن "الأسد" الأخير

تاريخ النشر: 26 يوليو 2012 - 07:29 GMT
مصادر من المعارضة تقول إن الأسد انتقل إلى مدينة اللاذقية الساحلية
مصادر من المعارضة تقول إن الأسد انتقل إلى مدينة اللاذقية الساحلية

منذ قرن بدأت الأقلية العلوية رحلة طويلة من الفقر في المناطق الريفية في الجبال المطلة على شرق البحر المتوسط إلى مقعد السلطة السورية في دمشق.

والآن ومع مواجهة الرئيس بشار الأسد تهديد ثورة مسلحة فان تلك الجبال يمكن أن تقدم ملاذاً أخيراً لطائفته العلوية إذا اجتاح المعارضون السنة العاصمة، حسبما أشارت وكالة (رويترز) للأنباء.

وانتقل مئات الآلاف من العلويين بالفعل إلى أمان نسبى في محافظة طرطوس، وهى المحافظة الجنوبية من محافظتين ساحليتين تسكنهما أغلبية علوية وتقع فيهما سلسلة الجبال التي تمتد من الشمال إلى الجنوب بالقرب من البحر.

وأدى انتقال العلويين إلى ظهور تكهنات بأن الأسد نفسه ودائرته الضيقة ربما يعودون مرة أخرى إلى الحصن الجبلي للأجداد إذا شعروا بأن السلطة تفلت من بين أيديهم.

واشتدت هذه التكهنات عندما قالت مصادر معارضة إن الأسد انتقل إلى مدينة اللاذقية الساحلية الأسبوع الماضي بعد الهجوم المذهل الذي قتل أربعة من كبار مسئوليه.

ولم تتأكد هذه التقارير، وقالت إسرائيل في وقت لاحق إن الأسد الذي شن هجوماً مضاداً ضد مقاتلي المعارضة في دمشق مازال في العاصمة مع عائلته، لكن كثيرين يشكون في أنها ما تزال خيار الأسد كملاذ أخير.

وقال شاشانك جوشى من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية في لندن "لن يكون مثيراً للدهشة إذا كانت هناك بعض خطط الطوارئ - منزل آمن وتحصين قصر الرئاسة في اللاذقية ونقل مدفعية إلى الجبال".

ولم يصدر عن الأسد أي مؤشر على أنه قد يبحث مثل هذا الإجراء وسيكون أي تلميح علني بأنه يبحث الانسحاب من العاصمة اعترافاً واضحاً بالهزيمة في حرب هو مصمم فيما يبدو على كسبها بأي ثمن.

وقال جوشي "لم نشاهد أي تحريك لمدفعية ثقيلة كبيرة أو وحدات مدرعة كبيرة (إلى المناطق العلوية)".

وتابع "رغم إنه سيكون خياراً معقولا فإنهم مازالوا يشعرون أن بإمكانهم الدفاع عن دمشق قاعدة الحكم في المدى القصير على الأقل".

وفى المدى البعيد من الصعب أن ترى الأسد يستعيد السلطة كاملة على البلاد. قواته فقدت السيطرة على عدة مواقع حدودية وانشق عدة آلاف من الجنود ووصل التمرد إلى المدينتين الرئيسيتين في سوريا.

وبينما مازال الموالون الأساسيون من قواته المسلحة يتمتعون بمميزات كاسحة في قوة النيران فإنهم غير قادرين على مواجهة كل المعارضين في ذات الوقت رغم أنهم متناثرون وأسلحتهم خفيفة وتنسيقهم ضعيف لكن عددهم يتزايد، حسبما ذكرت صحيفة "اليوم السابع".

وقال دبلوماسي غربي في بيروت "يجب أن تكون يائساً تماماً لكي تغادر دمشق لكن السيناريو الكامل لتقهقر إلى المعاقل (احتمال) قوى".

وتابع "توجد تقارير عن تسليح إيراني لجبال العلويين"، مضيفاً أن سحق المعارضين بشراسة في مدينة حمص التي تقع على مسافة 80 كيلومتراً إلى الشرق من طرطوس ربما كانت جزءاً من خطة للدفاع عن المنطقة العلوية.

والجبال التي تطوق الحافة الشرقية للبحر المتوسط قدمت تاريخيا ملاذا لأقليات أخرى في الشام، وإلى الجنوب كانت ملاذا للأقليات المارونية والدرزية في لبنان.

ومنذ نحو 100 عام شيدت القوى الاستعمارية الفرنسية التي اقتطعت أجزاء من الإمبراطورية العثمانية سابقا دولة للعلويين هناك لكنها لم تستمر طويلاً مما أدى إلى تلميحات بأن الأسد ربما يفكر ويحاول تكرار التجربة.

وقال اندرو تابلر الخبير في الشؤون السورية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "السبب في أنني أهتم بذلك هو أنني لا أتوقع أن يسقط نظام الأسد مثل الزعماء في القاهرة أو تونس أو يجرى تغييره مثلما حدث في اليمن" في إشارة إلى حكام عرب شموليين أطيح بهم في انتفاضات الربيع العربي.

وقال تابلر "سيتقلص، ربما أولا نحو دمشق ثم ربما إلى الساحل"، وأضاف "وما يتبقى ربما لن يكون دولة، ربما يكون مجرد منطقة نظام".

وتابع "كثير من الطوائف في الشام ستفعل ما يتعين عليها عمله من أجل البقاء، خاصة الطوائف التي لديها مخزونات من الأسلحة الكيماوية".

وحتى إذا أراد فان قلة يعتقدون أن الأسد المهزوم سيكون قادرًا على اقتطاع دولة لها مقومات البقاء فى الأراضي العلوية التي هي أيضاً موطن لكثير من السنة.

ومن الناحية الاقتصادية لن يكتب لها الاستمرار إذا كانت - كما هو مرجح - تحت حصار القوى السنية التي تسيطر على بقية البلاد، فليس لديها صناعة ولا تحتوى على أي من احتياطيات النفط المتواضعة في سوريا التي تقع في الشرق ولن يكون لها حليف يذكر في الخارج.

وستكون القوى الإقليمية التي تتصارع هي نفسها مع الأقليات التي لديها كارهة لإقرار قيام كيان انفصالي.

وقال جوشي "تركيا ستعارض بشدة إقامة دولة علوية، إنها قلقة بشأن شكاوى العلويين على أراضيها".

وروسيا التي لديها منشأة صيانة بحرية في ميناء طرطوس دعمت الأسد حتى الآن لكنها سترى أن أي شراكة مع العلويين تمثل عبئاً أكثر منه شيئا نافعاً إذا لم تعد لهم السيطرة على دمشق، وإيران وحزب الله اللبناني سيعيدان التفكير في علاقتهما بالعلويين.

وتساءل انتوني سكينر الخبير بمؤسسة ميبلكروفت لاستشارات المخاطر السياسية، قائلاً "ما هو الدافع الذي سيكون لدى الروس والإيرانيين وحزب الله لدعم ما سيكون في تلك المرحلة حركة مقاومة علوية تركز على البقاء والهجمات الانتقامية؟".

المعارضون السنة الذين شنوا حملة دامية للإطاحة بالأسد لن يسمحوا لجلادهم بتعزيز قوته في قطاع صغير من البلاد.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن