أجواء رمضانية تحياها المدن الفرنسية

تاريخ النشر: 24 يونيو 2015 - 09:21 GMT
البوابة
البوابة

تعيش بعض أحياء مدينة مرسيليا في جنوب فرنسا، والتي يقطنها عدد كبير من الجاليات العربية المسلمة أجواء خاصة في الايام المباركة لشهر رمضان الذي يعتبره المسلمون فرصةٌ لـ "لم الشمل"، وتجديد التواصل والدفء الانساني بين الجيران والأصدقاء والعائلة، وتذكر هذه الأجواء المعاشة في مرسيليا بأجواء المدن العربية مثل الجزائر وفاس ومكناس وتونس والقيروان. فشهر رمضان هو شهر التلاقي والتواصل بين المسلمين في فرنسا ، حيث يقومون بالتضامن مع المحتاجين والوقوف إلى جانبهم ، فتقام موائد الرحمن داخل مساجد فرنسا، وفي مقدمتها، أو أكبرها على الإطلاق، مائدة مسجد باريس الكبير؛

ومسجد ليون ومارسيليا وغيرها من مساجد كبرى حيث تفتح أبوابها أمام الجميع من المصلين قبل ساعات قليلة من موعد الآذان.

ويقضي المسلمون في فرنسا أوقاتهم بين الصيام، وتبادل الزيارات، والتضامن مع الفقراء والمحتاجين، وحضور اللقاءات الدينية والفكرية التي تُقام في العديد من

الأماكن والأحياء التي يقطنها غالبيةٌ من المسلمين، كما تقوم المساجد الكبرى باريس بتقديم وجباتٍ غذائيةٍ طوال شهر رمضان المبارك للفقراء والمحتاجين خصوصا منها مسجد باريس الكبير.

الحنين الى الوطن في رمضان

صديقتي الجزائرية فريدة أصرت أن تسافر إلى مسقط رأسها، وهران، في أوائل رمضان عبر رحلة في سفينة سياحية تمخر المتوسط، حيث يعتبر ميناء مرسيليا في الجنوب الفرنسي الأنشط خلال الشهور الثلاث من فترة الصيف، وتقوم السفن التجارية والسياحية برحلات أسبوعية لنقل المهاجرين وهداياهم ومتاعهم إلى أوطانهم الاصلية، لتعبرالسفن البحر الابيض المتوسط الى الضفة الأخرى.

وفريدة ككل عام تبكر في اجازتها السنوية لتقضيها مع الأهل في أغلى الشهور الى قلبها، فهي تفضل لمة الأهل والأحباب وحضن الام الدافئ الحنون الذي يشظيه الم البعاد عن كل مغريات العاصمة الفرنسية باريس. وهي تجد ان إجازتها تمنحها متعة التواصل العائلي الذي افتقدته في غربتها، و تضحك قائلة لي: "اشتقت إلى طبخ أمي والى مائدة الاهل العامرة بأطايب الكسكي والشوربة والطواجن الجزائرية والحلويات الوهرانية اللذيذة، وقبل كل شي اشتقت الى الاغتراف من عواطف الحب والألفة والدفء الانساني المفتقد في غربتنا."

صورة مشرفة

تحت اسم كسكسي الصداقة وشوربة للجميع، او كما يسمونها بالفرنسية شوربة بور توس، يوزع مسجد ليون الكبير الشوربة والكسكسى مجانا للصائمين بمعدل ألف وجبة يومية، ويتناول الإفطار في المسجد يوميا حوالي ستمائة صائم ومبادرة من المسجد فتحت اسم ( كسكسي الصداقة توزع (250 ) وجبة إفطار لصالح الطبقات الفقيرة من المسلمين (بساحة لي تيرو) بمدينة ليون، حيث يقوم الشباب والشابات المتطوعات بتوزيع الطعام وتقديم صورة مشرفة ولائقة للمسلمين أمام الغرب.

وفي مدينة ليون الفرنسية تتشبث الأسر المسلمة، من الجاليات المغاربية بإحياء طقوس شهر رمضان، كما هو الحال في مدنهم وبلدانهم الأصلية، دينية واجتماعية، حيث يتفننون بتنويع المأكولات التي تعدها الأسر لهذه المناسبة التي ينتظرها المسلمون بكل فرح رغم ساعات الصيام الطويلة خصوصا وان المائدة الرمضانية عادة تجمع الاسر والأصدقاء والأقرباء حيث يتناوبون على دعوات بعضهم بعضا كنوع من التآخي الاجتماعي والإنساني في هذا الشهر الكريم.

ويفضل العديد من المسلمين قضاء إجازتهم مبكرا في بلدانهم الأصلية بين أهلهم وذويهم وبعض منهم يضطر للمكوث في باريس لان العديد من المدارس الفرنسية لن تبدأ بالعطلة الصيفية قبل الخامس من شهر يونيو .

افطار جماعي

ويتميز شهر رمضان في فرنسا كما هو الشأن في البلدان العربية بتنظيم الإفطار الجماعي للفقراء والمحتاجين والعمال الذين يداومون في المساء في مختلف المدن الفرنسية التي يوجد بها عدد كبير من الجاليات الإسلامية، مثل غرونبل ومارسيليا وليون وبوردو. والمعروف أن كثيرا من أبناء الجالية الميسورين يحملون الى المساجد كميات من التمور والألبان والمياه ومختلف الحلوى والمآكل كنوع من الصدقة والإحسان في الشهر، كما ان أصحاب البقاليات والمتاجر والجزارين يتبرعون باللحم الحلال والخضار والفاكهة والألبان والتمور للمساجد والجمعيات الخيرية التي تقيم خيم رمضانية للفقراء والمحتاجين، كما تقوم جمعية الإغاثة الاسلامية بجمع التبرعات لصالح اللاجئين ضحايا الحروب والتهجير عبر إعلانات تبثها عبر الإذاعات العربية في باريس.

ويحاول المسلمون في شهر رمضان المبارك في مجتمع الهجرة ان يقدموا صورة مشرفة ولائقة عن الاسلام والمسلمين عبر سلوكهم الايجابي الحميد الذي يتسم بروح التسامح والمحبة والتواصل مع الاخر. بعد ان عزز السلفيون والتكفيريون والارهابيون ممن يحملون اسم الاسلام في السنوات الاخيرة الصورة السلبية والمخيفة عن الاسلام والتى خلقت ما يسمى بفوبيا الاسلام في المجتمع الغربي والعالمي.

 اقرأ أيضاً: