يبدا رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل الاحد زيارة رسمية للجزائر تستمر يومين بدعوة من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد التوتر الذي شاب لفترة طويلة العلاقات بين البلدين الجارين.
وأوضح بيان للرئاسة الجزائرية أن الزيارة "تدخل في إطار تعزيز سنن التشاور والتعاون بين البلدين والسبل الكفيلة بتطويرها وتدعيمها في مختلف المجالات بما يتماشى وتطلعات الشعبين الشقيقين".
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الانباء الجزائرية أن الزيارة "ستكون مناسبة للتشاور حول التطورات التي تشهدها المنطقة على ضوء الأحداث الأخيرة وما تفرضه من تحديات كما ستسمح هذه الزيارة للطرفين بتبادل الرؤى ووجهات النظر حول مختلف القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وكان وزير الخارجية الجزائري مراد المدلسي اعلن في كانون الاول/ديسمبر في باريس انه يتوقع قيام رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل بزيارة الى الجزائر "قريبا جدا، ربما قبل نهاية العام (2011)".
وساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمتمردين الليبيين السابقين منذ اندلاع الثورة الليبية ضد نظام العقيد معمر القذافي، فقد تاخرت الجزائر في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا حتى 22 ايلول/سبتمبر، وقبلها كانت ضد تدخل الحلف الاطلسي في الازمة الليبية، في المقابل اتهم المجلس الانتقالي الجزائر بدعم القذافي وارسال مرتزقة للقتال الى جانبه.
كما وفرت الجزائر الملاذ لعائشة القذافي ابنة الزعيم الليبي السابق التي دعت منها الى "الثورة على الحكم الجديد" في طرابلس، كما لجأ الى الجزائر كل من محمد وهانيبال القذافي وزوجة القذافي صفية وعدد من افراد اسرته وخاصة الاطفال.
ورد رئيس الحكومة الجزائرية بعد شهور على تلك الاتهامات بالقول "كان ممكنا ان نقع في فخ الغوغاء، يشتمك من هنا فترد من هناك، الا ان الجار يبقى جارا واليوم رجعت الامور في ليبيا الى مستوى معين من الاستقرار والعلاقات اليوم مع اشقائنا الليبيين بدأت تتحسن".
وعادت العلاقات الى طبيعتها تدريجيا عقب مقتل القذافي في 20 تشرين الاول/اكتوبر، من خلال تصريح الخارجية الجزائرية في اليوم التالي الذي جاء فيه "نامل ان يبدأ عهد جديد لليبيا يكرس المصالحة والوفاق بين الاشقاء الليبيين ويسمح بتحقيق كامل لتطلعاتهم المشروعة الى الديموقراطية ودولة القانون والازدهار".
والتقى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع عبد الجليل مرتين في حضور امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر في الدوحة.
وتبع ذلك رسالة بعث بها الرئيس الجزائري الى رئيس المجلس الانتقالي الليبي بمناسبة ذكرى استقلال ليبيا في 26 كانون الاول/ديسمبر.
وقال بوتفليقة في رسالته "أغتنم هذه المناسبة لاجدد لكم حرصي الدائم وعزمي الوطيد على تمتين وشائج القربى وحسن الجوار وعلى العمل معكم على الارتقاء بعلاقاتنا الثنائية نحو الافضل بما يخدم المصلحة المشتركة لبلدينا وشعبينا الشقيقين".
وكانت اول زيارة رسمية لمسؤول ليبي منذ سقوط العقيد معمر القذافي الى الجزائر تلك التي قام بها وزير الداخلية فوزي عبد العال في اذار/مارس، والتي نتج عنها اقتراح جزائري بانشاء لجنة حدودية مشتركة "لمراقبة وتأمين الحدود المشتركة من كل اختراق".
ومن الجانب الجزائري شارك وزير الداخلية دحو ولد قابلية في أعمال الندوة الوزارية الإقليمية لأمن الحدود التي جمعت الجزائر وليبيا والنيجر و التشاد والمغرب وتونس والسودان ومصر وشارك فيها كل من الإتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي كمراقبين.
كما زار وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي طرابلس واعلن ان الجزائر مستعدة لمساعدة ليبيا على تشكيل جيش وشرطة، بعدما التقى نظيره الليبي عاشور بن خيال.
ووصف ولد قابلية ذلك بالقول ان "الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تقدم مساعدة ملموسة للشعب الليبي".
وتربط الجزائر وليبيا اكثر من الف كيلومتر من الحدود الصحراوية، في منطقة تشهد انتشارا لعناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، الذين استفادوا من الازمة الليبية للحصول على الاسلحة.
وعلى المستوى الاقتصادي شهدت المبادلات التجارية بين البلدين رغم صغر حجمها إنخفاضا كبيرا خلال سنة 2011 بسبب الأحداث. ولم يتعد حجم المبادلات بين البلدين 19,2 مليون دولار خلال سنة 2011 مقابل 56,3 مليون دولار في سنة 2010.