قتل اكثر من خمسين مدنيا صباح اليوم الاربعاء جراء العملية العسكرية التي تشنها القوات السورية على مدينة حمص، اكبر معاقل الاحتجاج، وذلك بعد ساعات على وعود اطلقها الرئيس السوري بشار الاسد بوقف اعمال العنف.
وقال المرصد في بيان تلقت وكالة "فرانس برس" نسخة منه "استشهد ما لا يقل عن خمسين مواطنا اثر القصف واطلاق النار الذي تتعرض له احياء عدة في حمص"، مشيرا الى ان "العدد مرشح للازدياد بسبب صعوبة الاتصال ووجود اشخاص تحت الانقاض".
واوضح المرصد ان القصف واطلاق النار يطال احياء بابا عمرو والخالدية والبياضة وكرم الزيتون وحي الرفاعي ووادي العرب.
واضاف ان: "بين الضحايا ثلاث عائلات في احياء السبيل والنازحين قتل افرادها على ايدي الشبيحة" الذين اقتحموا منازلهم.
وافاد الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال مع وكالة فرانس برس في بيروت ان "هناك احياء لا نتمكن من الدخول اليها بسبب النيران"، مشيرا الى "عدم ورود اي معلومات عن هذه الاحياء بسبب انقطاع وسائل الاتصالات عنها لكننا نسمع اصوات القصف عليها".
واكد الطبيب علي الحزوري (27 عاما) الذي كان يشرف على مشفى ميداني اغلق بعد تعرضه للقصف لوكالة "فرانس برس" وجود 500 جريح في بابا عمرو نصفهم من النساء والاطفال.
وناشد الطبيب "دخول الهلال الاحمر واجلاء الجرحى وتامين الطعام للمدنيين".
واكد الناشط عمر شاكر في اتصال عبر "سكايب" من حي بابا عمرو ان "القصف المركز والعنيف بدأ مساء، بعدما كان متقطعا في الليل".
واضاف: "ان البنية التحتية لبابا عمرو اصبحت تحت الصفر، اذ جرى استهداف خزانات المياه واعمدة الكهرباء (...) كما تضرر 40 بالمئة من منازل الحي نتيجة القصف فيما دمرت بعض المناطق فيها كليا".
وبث ناشطون مشاهد مباشرة من مدينة حمص صباح اليوم تظهر تعرض المدينة للقصف، فيما سمعت اصوات تكبير من المآذن.
في المقابل، اورد الاعلام الرسمي السوري رواية مختلفة لاحداث حمص.
وبث التلفزيون السوري صورا حية من بابا عمرو تسمع فيها اصوات اطلاق نار، وتظهر آثار فجوات في بعض المباني نسبها الى "مجموعات ارهابية مسلحة".
وقال التلفزيون ان هذه المجموعات استهدفت جامعة البعث في حمص، مشيرا الى ان الاضرار اقتصرت على الماديات.
وناشدت مواطنة في حي باب السباع عبر اتصال اجراه التلفزيون معها السلطات "الضرب بيد من حديد"، مضيفة "نريد حلا امنيا وحسما عسكريا" ضد "هؤلاء الذين يروعون المواطنين".
من جهة ثانية، ذكر التلفزيون الاربعاء في شريط عاجل ان "مجموعات ارهابية مسلحة تستهدف مصفاة حمص بعدد من قذائف الهاون ما أدى الى اشتعال النيران في خزاني وقود".
واكد مراسل التلفزيون السوري معين دغام انه "تمت السيطرة على النيران" من دون ان يشير الى وقوع ضحايا نتيجة هذا القصف.
وتاتي هذه التطورات غداة تاكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "التزام الرئيس السوري بشار الاسد وقف اعمال العنف ايا كان مصدرها" في بلاده بعد ان التقاه في دمشق.
وابدت الولايات المتحدة شكوكا في التعهدات التي قطعها الرئيس السوري. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند الثلاثاء "تدركون لماذا يشكك المجتمع الدولي باسره (في هذه التعهدات) عندما نرى ان الاسد يعيد المقترحات نفسها التي قدمها منذ اشهر واشهر واشهر بدلا من الاهتمام بوضع حد للعنف" في سورية.
واعلن لافروف غداة زيارته لدمشق ان مصير الرئيس السوري يجب ان يقرره "السوريون انفسهم" في مفاوضات بين السلطة والمعارضة.
كما اعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاربعاء ان تركيا تعمل على تنظيم مؤتمر دولي بمشاركة اطراف اقليمية ودولية حول الازمة السورية "في اقرب وقت ممكن".
وقال لشبكة "ان تي في" "نحن مصممون على تشكيل منتدى على اساس موسع من اجل توافق دولي بين الدول التي يقلقها" الوضع في سوريا المجاورة لتركيا.
وثمن المجلس الوطني السوري الاربعاء في بيان طلب دول مجلس التعاون الخليجي من السفراء السوريين المعتمدين لديها مغادرة اراضيها وسحب سفرائها من سورية، داعيا الى الاعتراف الرسمي بالمجلس "ممثلا لارادة الثورة والشعب في سوريا".
واعربت صحيفة سورية الاربعاء عن خيبتها لكون الموقف الروسي الداعم للنظام لا ينسحب على الموقف العربي "المقتدي" بالولايات المتحدة تجاه الازمة السورية.
وذكرت صحيفة "تشرين" الحكومية "كم كنا نتمنى لو ان الموقف الروسي الذي جدده أمس وزير الخارجية سيرغي لافروف هو موقف كل العرب قولا وفعلا انما للاسف ما حدث كان العكس تماما".
واضافت الصحيفة "بينما كان لافروف يؤكد حرص بلاده على استقرار سوريا واستقلالية قرارها ودعمها لمصالح الشعب السوري والاصلاحات الديمقراطية الجارية فيها، كانت أنظمة مشيخات الخليج تقتدي بالولايات المتحدة الأميركية".
كما ذكرت صحيفة "الوطن" السورية الاربعاء نقلا عن احد المراقبين الذي طلب عدم ذكر اسمه "ان البعثة ابلغت ظهر أمس (الثلاثاء) بقرار سحبها وإنهاء مهامها".
واشار المراقب الى ان "اي تفسير رسمي لم يعط لأعضاء البعثة الذين يقارب عددهم 65 عضوا".
وكان الامين العام للجامعة العربية قرر في 28 كانون الثاني(يناير) وقف عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا متهما الحكومة السورية ب"تصعيد الخيار الامني".
في هذا الوقت، يستمر العنف في مناطق سورية عدة حيث افاد المرصد "ان اليات عسكرية تضم دبابات اقتحمت مدينة اريحا التابعة لريف ادلب (شمال غرب) واطلقت النار من رشاشات ثقيلة ما ادى الى استشهاد مواطن وجرح اربعة اخرين".
وفي جنوب البلاد، تحدث المرصد عن "انشقاق 18 جنديا بينهم ضابط برتبة ملازم اول بعتادهم الكامل في قرية تسيل (ريف درعا) القريبة من الحدود الاردنية السورية".
وذكرت لجان التنسيق المحلية من جهتها ان منزلين تهدما بشكل كامل جراء "القصف العنيف الذي بدأ هذا الصباح على بلدة تسيل"، مشيرة الى "اقتحام المدينة بالدبابات".
واوقعت اعمال العنف المستمرة في سورية منذ منتصف اذار(مارس) اكثر من ستة الاف قتيل، بحسب ناشطين.