مع استمرار القصف الإسرائيلي لأهداف نشطاء فلسطينيين في قطاع غزة لليوم السادس على التوالي اضطر علي الأحمد إلى الخروج الى شوارع مدينة غزة بملابس النوم لشراء البيض والشيكولاتة لأبنائه الثلاثة.
وقال لرويترز "أمر مروع. هذا ما نشعر به."
ثم أضاف بارتياح "لكنهم على الجانب الآخر من الحدود مروعون كذلك."
وتابع "صراحة كنت أتصور أن حماس نسيت قتال إسرائيل لكنني كنت مخطئا."
سيسعد هذا الكلام الحركة الإسلامية التي تسيطر على القطاع المحاصر الذي يعيش فيه 1.7 مليون فلسطيني منذ 2007 عندما تولت حكومة حماس السلطة.
ففي اشتباك سابق في حرب الاسابيع الثلاثة بين عامي 2008 و2009 كان العديد من الفلسطينيين من فصائل متنافسة يلقون اللوم على زخة الصواريخ التي أطلقتها حماس في جلب الحملة العسكرية الشرسة على غزة.
وانتهت الحرب باستشهاد أكثر من 1400 فلسطيني والحاق دمار شديد بالاراضي من جراء القصف. وخسرت إسرائيل 13 قتيلا في المعركة غير المتكافئة وتركت حماس تلعق جراحها.
واختلف الأمر هذه المرة. فقد غير الربيع العربي الشرق الأوسط وأصبح لدى حماس أسلحة أقوى.
وتبدي العديد من صفحات الفيسبوك فرحا غير مستتر لرؤية الإسرائيليين يهرعون إلى المخابيء وسجل مغنيان من الضفة الغربية أغنية حققت نجاحا ساحقا على يوتيوب اسمها "اضرب اضرب تل أبيب" تشيد بحماس وغيرها لإطلاقها صواريخ هددت تل أبيب والقدس لأول مرة.
فقد سجلت حماس ضربة دبلوماسية بزيارتي تضامن قام بهما منذ أيام رئيس وزراء مصر ووزير خارجية تونس في وقت كانت فيه مواقعها تتعرض للهجوم.
وكان نظامان شموليان مواليان للغرب يحكمان مصر وتونس عندما تعرضت غزة للغزو في المرة السابقة لكن الانتفاضات الشعبية نحتهما جانبا ويهيمن إسلاميون الآن على السلطة في القاهرة وتونس ويمثلون حشودا ضخمة تساند حماس السنية مثلهم.
وقال طلال عوكل المعلق السياسي من غزة المنتقد عادة لحماس "اليوم نرفع قبعاتنا لحماس" وتابع انهم يبدون منظمين وعلى دراية بما يقومون به ومستعدين لدفع الثمن لتنفيذ جدول اعمالهم. الناس العاديون لا يملكون سوى تقديرهم اليوم.
وأضاف عوكل أن إسرائيل لم تعد قادرة على التنبوء بما يمكن أن يفعله الزعماء العرب إذا ما وقع هجوم بري وبخاصة ما يمكن ان يقوم به الرئيس المصري محمد مرسي تحت ضغط جماعة الاخوان المسلمين وأحزاب إسلامية ومدنية أخرى.
ومضى يقول إنه ربما لا تهتم إسرائيل كثيرا لكن حلفاءها الأميركيين والأوروبيين يهتمون. يهتمون بمصالحهم في الشرق لأوسط الشرق الأوسط الجديد.
ورغم ان الصواريخ بعيدة المدى التي أطلقت على تل أبيب لم تتسبب في خسائر أو أضرار كبيرة -بفضل نظام القبة الحديدية الدفاعي الذي يحمي إسرائيل من الصواريخ- تشعر حماس بالرضا لرؤية الإسرائيليين يهرعون إلى المخابيء في مدينة كانت من قبل محصنة ضد مثل هذه الهجمات.
وهم يزعمون انهم اسقطوا طائرة مقاتلة من طراز اف-16 ويسخرون من "قبة إسرائيل الورقية". والزعمان يستغربهما كثيرون لكنهما يدعمان وجهات نظر من يريدون تصديقهما.
ومازالت هذه الحرب غير متكافئة بقواعد ونتائج غير متماثلة. فمنذ اندلاعها يوم الأربعاء الماضي قتل ثلاثة إسرائيليين مقابل 85 فلسطينيا أغلبهم مدنيون. غير ان الإسلاميين يعتقدون انهم يكسبون أرضا مهمة في معركة الرأي العام.
وتقول إسرائيل إن هدفها هو تقويض قوة النشطاء بتدمير مخزوناتهم من الصواريخ. وهي تتهم حماس بالاحتماء بالمدنيين وتخبئة السلاح في المدارس والمباني السكنية.
حتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس -وهو شخص تنتقده حماس بشدة لاعترافه بإسرائيل ونبذه العنف- اتصل بقادة الحركة ليظهر تضامنه ويبدي استعداده لبذل ما في وسعه لإنهاء العمل العسكري الإسرائيلي.
وعباس هو زعيم الحركة الوطنية الفلسطينية وهو حتى الآن من يجسد طموح إقامة الدولة. لكن الأضواء انحسرت عنه واجتذبها العمل الذي تقوم به حماس في غزة.
وظلت المتاجر والمدارس مغلقة لكن القلة الموجودة في الشوارع تحتفل في كل مرة يسمع فيها الهدير المميز لصاروخ بعيد المدى يمكن أن يكون موجها إلى تل أبيب.
وقال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام ان هذه الجولة من المواجهة "لن تكون الاخيرة ضد العدو الصهيوني." وتابع أن مزاعم إسرائيل بانها دمرت القدرات القتالية لكتائب القسام محض أكاذيب.
وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حماس إن أعضاء الحركة فخورين بالمقاومة التي أبدتها وقدراتها العالية وبأداء اذهل العدو وضرب في العمق.
ولكن مازال التهديد قائما باجتياح إسرائيلي جديد مثل الذي حدث في أوائل كانون الثاني/يناير 2009. وليس لدى حماس مدرعات أو دبابات. لكن اصبح لديها الآن بعض الصواريخ الحديثة المضادة للدبابات وتقول انها ستفاجيء الجيش الإسرائيلي إذا دخل.
وحتى إذا وقع الهجوم البري يشعر الفلسطينيون إنه لن يحقق أي شيء دائم للإسرائيليين.
ويقول علي الأحمد "قد يقتل مئات المدنيين إذا اجتاح الإسرائيليون (غزة)... لكن عندما يرحلون ستتبعهم الصواريخ إلى ديارهم وسيفشلون."