حركة النهضة تدعو سعيّد للتراجع عن قراراته “الانقلابية” واوروبا تطالب بعودة البرلمان

تاريخ النشر: 27 يوليو 2021 - 11:17 GMT
الرئيس التونسي قيس سعيد (يمين) وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي
الرئيس التونسي قيس سعيد (يمين) وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي

طالبت حركة النهضة التونسية الرئيس قيس سعيد بالتراجع عن قراراته التي اعتبرتها “انقلابا” على الدستور، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى احترام الحقوق الأساسية واستعادة الاستقرار واستئناف عمل البرلمان في تونس.

وأعلن سعيّد عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية الاحد، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤس النيابة العامة.

وبرر هذه القرارات بأن عديد المرافق العمومية تتهاوى وهناك عمليات حرق ونهب، وهناك من يستعد لدفع الأموال في بعض الأحياء للاقتتال الداخلي”، وهو ما دفع الطبقة السياسية التونسية لاتهامه بـ”الانقلاب” على الدستور والشرعية في البلاد.

واعتبرت حركة النهضة في بيان  صادر عن مكتبها التنفيذي الثلاثاء، أن هذه الإجراءات وتمثل انقلابا على الدستور والمؤسسات، خاصة ما تعلّق منها بتجميد النشاط النيابي واحتكار كل السلطات دون جهة رقابيّة دستوريّة".

ودعا البيان سعيد الى "التراجع عنها ومعالجة التحديات والصعوبات التي تعاني منها البلاد ضمن الإطار الدستوري والقانوني الذي يتماشى والخيار الديمقراطي الذي ارتضاه الشعب التونسي، مع ضرورة استئناف عمل مجلس نواب الشعب كسلطة أصلية منتخبة ديمقراطيا”.

من جانب آخر، أشادت الحركة بـ”المؤسسة العسكرية والأمنية الساهرة على أمن البلاد وسلامته ورمز وحدته وسيادته”، ودعت بالمقابل إلى ضرورة النأي بهما عن التجاذبات والمناكفات السياسية، مشيدة بجميع الأطراف “التي رفضت خرق الدستور والتعسف في تأويله وعبّرت عن مواقفها بشكل حضاري وسلمي”.

كما حذّرت من خطورة “خطابات العنف والتشفي والإقصاء على النسيج الاجتماعي الوطني وما يفتحه من ويلات البلاد في غنى عنها، وتندد بكل التجاوزات وتدعو إلى الملاحقة القضائية لمقترفيها، وتدعو كل التونسيين إلى مزيد التضامن والتآزر والوحدة والتصدي لكل دعاوي الفتنة والاحتراب الأهلي”.

وايضا عبّرت الحركة في البيان عن “تفهمها للاحتجاجات التي عرفتها البلاد في المدّة الأخيرة ومشروعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسيّة، إلى جانب الخطر الوبائي الكبير الجاثم على بلادنا، بما يجعل هذه القضايا أولوية مطلقة للبلاد تحتاج إلى إدارة حوار وطني ورسم خيارات جماعية قادرة على إخراج البلاد من جميع أزماتها”.

وجاءت قرارات سعيد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

وعارضت أغلب الكتل البرلمانية في تونس هذه القرارات؛ إذ عدتها حركة "النهضة" (53 نائبا من أصل 217) "انقلابا"، واعتبرتها كتلة "قلب تونس" (29 نائبا) "خرقا جسيما للدستور"، ورفضت "كتلة التيار الديمقراطي" (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة "ائتلاف الكرامة" (18 مقعدا)، بـ"الباطلة" فيما أيدتها حركة "الشعب" (15 نائبا) والحزب الدستوري الحر (16).

كما أدان البرلمان الذي يترأسه راشد الغنوشي زعيم "النهضة"، بشدة في بيان لاحق، قرارات سعيّد، وأعلن رفضه لها، لكن الرئيس التونسي شدد في كلمة متلفزة عقب اجتماع مع قيادات نقابية، الإثنين، على أن قراراته "دستورية، وتطبيق لما جاء في الفصل 80 من الدستور (..) ومن يدعي أن الأمر يتعلق بانقلاب فليراجع دروسه في القانون".

هدوء حذر

وعاد الهدوء الثلاثاء، إلى محيط البرلمان في مدينة باردو بالعاصمة تونس، وسط إجراءات أمنية مشددة؛ تحسّبا لتجدد الاشتباكات بين أنصار حركة النهضة والداعمين لإجراءات سعيّد.

وسجل محيط البرلمان انتشارا أمنيا مكثفا لمنع حدوث اشتباكات محتملة، على غرار التي جدّت يوم أمس الإثنين.

وأفادت مصادر من حركة النهضة، بعدم اعتزام أنصار الحركة التظاهر الثلاثاء، في محيط البرلمان، فيما لم يتوافد أي من أنصار حركة النهضة، أو من الداعمين للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد على باردو.

وكان نوّاب حركة النهضة قد انسحبوا، مساء أمس، من محيط البرلمان، بعد أن مكثوا لساعات أمام بوابته الرئيسية للمطالبة بفتح البرلمان، ودعوة رئيس الدولة قيس سعيّد إلى التراجع عن قراراته التي وصفوها بـ“الانقلابية“.

وحاول أنصار حركة النهضة اقتحام مقر البرلمان الاثنين، بعد اجتياز بعضهم للبوابة الرئيسية، لكنّ وحدات الجيش المتمركزة في محيط البرلمان تولت صدهم، فيما تدخلت السلطات الأمنية لمنع تراشق بالقوارير والحجارة في محيط البرلمان.

ردود فعل دولية وعربية

وفي الاثناء، توالت ردود الفعل الدولية والعربية على ما تشهده الحلبة السياسية في تونس، حيث دعا الاتحاد الأوروبي الثلاثاء، إلى احترام الحقوق الأساسية واستعادة الاستقرار واستئناف عمل البرلمان في تونس.

وأفاد بيان أصدره الاتحاد، أنه يتابع "باهتمام بالغ" التطورات الأخيرة التي أعقبت قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، المتعلقة بتجميد اختصاصات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه.

وأضاف البيان: "ندعو إلى استعادة الاستقرار المؤسسي في أسرع وقت ممكن، واستئناف النشاط البرلماني على وجه الخصوص، واحترام الحقوق الأساسية وتجنب العنف بكافة أشكاله".

وتابع: "سنواصل مراقبة تطورات الوضع عن كثب، والأولويات هي الحفاظ على الديمقراطية واستقرار البلاد".
 
عربيات، أكدت قطر، في بيان لوزارة خارجيتها الإثنين، أنها تتابع تطورات الأزمة السياسية في تونس الشقيقة، داعية كافة أطراف الأزمة إلى "إعلاء مصلحة الشعب التونسي وتغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد".

وأعربت الدوحة عن أملها في أن "تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة وتثبيت دعائم دولة المؤسسات وتكريس حكم القانون".

واعلن الأردن بدوره في تغريدة لوزير خارجيته أيمن الصفدي عبر "تويتر" أن المملكة تتابع التطورات في تونس، معربا عن أمله في أن "يتجاوز الأشقاء التونسيون هذه الأوضاع الصعبة، وبما يحفظ سلامة تونس وأمنها واستقرارها، ويحقق طموحات شعبها العزيز، ويحمي مصالحه، ومكتسباته ومسيرته ومنجزاته".

من جهتها، أكدت السعودية على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، الإثنين، "حرصها على أمن واستقرار وازدهار الجمهورية التونسية الشقيقة، ودعم كل ما من شأنه تحقيق ذلك".

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، مع بن فرحان "تطرق إلى آخر المستجدات وتطورات الأوضاع في الجمهورية التونسية"، وفق ما نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وفي البحرين، أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الاعتيادية الأسبوعية، الإثنين، أنه تابع باهتمام آخر التطورات بالجمهورية التونسية الشقيقة.

وأعرب المجلس في بيان نشرته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية عن "تمنياته لتونس الشقيقة بتحقيق الخير والتقدم ومزيد من الاستقرار والنماء".