تقرير استخباري يحذر فرنسا من سيناريو القاعد في اسبانيا 2004

تاريخ النشر: 09 فبراير 2007 - 06:19 GMT
البوابة
البوابة
حذر تقرير سري فرنسي من خطورة مخطط لتنظيم "القاعدة" يسعى لاستهداف فرنسا خلال حملة انتخابات الرئاسة، بغية التأثير في نتائج هذه الانتخابات، كما سبق وحدث في الانتخابات الاسبانية، عبر تفجيرات مدريد، في آذار 2004.

ويتألف هذا التقرير الذي رُفع مؤخرا إلى السلطات الحكومية من ثماني صفحات،ومشاركة مختلف أجهزة الاستخبارات والأمن المعنية بمكافحة الإرهاب في فرنسا.

ويحمل عنوان: "تقييم وضع حال التهديد الإسلامي الراديكالي في فرنسا". واستغرق إنجازه ثلاثة أشهر، ويشير التقرير إلى أن قرائن عدّة ترجّح وجود خطة لتكرار السيناريو الاسباني فرنسياً، ومن أبرزها: "رسائل تهديد تم تداولها على مواقع إنترنت مقربة من "القاعدة"، وتتضمّن صوراً للحملة الانتخابية الحالية في فرنسا". ويضيف التقرير: "ما يزيد من جدّية هذا التهديد أن قياديي "القاعدة" يحتاجون إلى التدليل على أنهم ما يزالون يمارسون تأثيرهم لا في الأراضي التقليدية لـ "الجهاد"، كالعراق وأفغانستان فحسب، بل أيضاً في أوروبا". وذلك وفقا للتقرير الإخباري الذي اعده رولان جاكار، وهوخبير فرنسي يرأس المرصد الدولي للإرهاب بالاشتراك مع الزميل عثمان تزغارت ونشرته صحيفة "الحياة" اللندنية

أما مصدر التهديد الثاني بحسب التقرير فهو "الشبكات الأفغانية ـ الباكستانية"، حيث يشير التقرير إلى أنه خلافاً للاعتقاد الذي كان سائداً بأن هذه الشبكات تم تحطيمها بالكامل، بعد هجمات 11 سبتمبر، فقد بدأت معسكرات التدريب تعاود الظهور في المناطق القبلية البشتونية، على طرفي الحدود الأفغانية - الباكستانية.

وحذر التقرير من أن متطوعين جهاديين من أصول أوروبية تم رصدهم في معسكرين اثنين، أحدهما يقع قرب "وانا"، في مقاطعة "وزيرستان" الباكستانية، ويشرف عليه قياديون من "طالبان"، والثاني يقع في "كونار" بأفغانستان، ويديره قائد من البشتون الأفغانيين يدعى "أمين الحق"، وهو من الحرّاس الشخصيين السابقين لأسامة بن لادن.

ويضيف التقرير أن هذه الشبكات تشكّل عامل قلق بارزاً لأجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية، خاصة بعد أن لوحظ أن كل الخلايا الإرهابية التي تخرّج أعضاؤها من هذه المعسكرات الأفغانية - الباكستانية الجديدة، والتي فُككت أخيراً في بريطانيا وبلجيكا واسبانيا والمغرب، وجد في حوزتها "دليل جهادي" من تأليف مصطفى ست مريم نصار (أبو مصعب السوري) يحض على مهاجمة فرنسا على أساس انها "هدف شرعي للجهاد".

ومن دوافع القلق الأخرى حيال هذه الشبكات، يذكُر التقرير معلومات توصلت لها أجهزة الاستخبارات البريطانية من نظيرتها الباكستانية، ومفادها أن خلايا انتحارية تم تدربيها في المعسكرات الآنفة الذكر، وتسرّبت أخيراً إلى دول أوروبية لتدبير هجمات، مع الإشارة إلى أنها تضم من ضمن عناصرها - للمرة الأولى - نساء جهاديات.

ويربط التقرير بين هذه المعلومة وبين تفصيل أثار انتباه واستغراب المحققين أثناء عمليات اعتقال خلايا إرهابية عدّة، خلال الأشهر الأخيرة، في بريطانيا والمغرب والسعودية، ويتمثل في العثور في مخابئ تلك الخلايا الإرهابية على ... باروكات نسوية!

ورصد التقرير مصدراً ثالثاً للتهديد اصطلح على تسميته بـ "الشبكات القوقازية"، ويشرف على إدارة هذه الشبكات مندوب "القاعدة" في آسيا الوسطى، الأوزبكي طاهر يورداشييف. ويقول التقرير إن هذه الشبكات تضم فسيفساء من المعسكرات والقواعد السرية التي تمتد من كشمير الباكستانية إلى غاية مقاطعة "غزين جيانغ" الصينية، مروراً بأوزبكستان وجورجيا والشيشان.

ويذكر التقرير، على سبيل المثال، أن معسكراً لتدريب الجهاديين الأوروبيين تم إنشاؤه خلال الصيف الماضي في منطقة تقع تحت سيطرة تنظيم "عسكر طيبة" في كشمير. وقد اعتُقل متطرفون تخرجوا من هذا المعسكر يحملون الجنسية البريطانية والهولندية. وفي فرنسا، اعتقل جهاز "دي. إس. تي." أخيراً، في مدينة "تور"، مجموعة من المتطوعين للجهاد، معتقداً أنهم كانوا يتأهبون للسفر إلى العراق. وتبين لاحقاً، في أثناء استنطاقهم، أنهم كانوا ينوون الالتحاق بالمعسكر آنف الذكر في كشمير.

أما مصدر التهديد الرابع والأخير الذي رصده التقرير، مشيراً إلى أنه يعد الأكثر خطورة، فيتمثل في الشبكات المغاربية التابعة لـ "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية، حيث يشير إلى أن "أمير" هذه الجماعة عبدالمالك دروكدال (أبو مصعب عبد الودود) قام، مرات عدّة، منذ خريف العام 2005، بالتهجم على فرنسا وتهديدها في شكل علني. ويذكّر التقرير بأن الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، قام في سبتمبر/ أيلول الماضي بتأكيد ومباركة التحالف الذي كانت "الجماعة السلفية" الجزائرية عقدته مع الزرقاوي، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. ويضيف التقرير أن الظواهري، بتأكيده شرعية هذا التحالف، جعل من "السلفية" الجزائرية رأس الحربة في نشاطات "القاعدة" في أوروبا والمغرب العربي. وأعلنت "الجماعة السلفية" الشهر الماضي أنها غيّرت اسمها الى "قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الإسلامي"، وان ذلك تم بعد الحصول على موافقة أسامة بن لادن.

ويختم التقرير بالقول: "إن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تشكّل حالياً مصدر التهديد الأكثر ثقلاً على فرنسا وعلى أوروبا كلها. فبفضل قوة تنظيمها، وقِدَم صلاتها مع "القاعدة"، وبالأخص مع أسامة بن لادن شخصياً، أصبحت "السلفية" بمثابة تيار الاستقطاب المركزي لـ "القاعدة" في أوروبا".

من جانبه، أكد مصدر أمني فرنسي أن ما تضمنه التقرير أخطر من مجرد الإشارة إلى صلات قديمة بين "السلفية" الجزائرية وبين أسامة بن لادن شخصياً، وأشار ذلك المصدر على سبيل المثال إلى خطاب موقّع بيد أسامة بن لادن وموجّه إلى قيادي في "السلفية" الجزائرية، يدعى "أبو القاسم"، كان قد كتب إليه مُستفتياً بخصوص جواز استهداف فرنسا على أراضيها. وجاء ردّ زعيم "القاعدة" بالإيجاب، وجاء فيه: "ومن جهتنا فقد أوعزنا بالاتصال بكم مع أخذ الحيطة للتفاهم حول الأهداف الأكثر إيلاماً للعدو في شرق بلده وجنوبه".