قال مسؤولون السبت ان محادثات السلام الرامية لانهاء 21 عاما من الحرب الاهلية في جنوب السودان اصطدمت بعقبة تتعلق بخلاف حول فرض الشريعة الاسلامية في العاصمة الخرطوم. ومن ناحية اخرى بدأت الحكومة التحقيق في مزاعم حول انتهاكات حقوق الانسان في درافور.
وسبق ان توقع وسطاء في المحادثات بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة توقيع بروتوكول في مطلع الاسبوع الجاري يمهد الطريق امام توقيع اتفاق سلام تأخر طويلا لانهاء اطول حرب اهلية في افريقيا.
وقال وزير الخارجية السوداني مصطفي عثمان اسماعيل لرويترز "مشكلة العاصمة الوطنية والقوانين التي تحكمها هي العقبة الاخيرة الان" مضيفا "في تقديري ان الجلسة الحالية في مراحلها الاخيرة والمشكلة المهمة المتبقية تتعلق بالعاصمة."
وتعثرت المحادثات المستمرة منذ ستة اشهر في كينيا بين علي عثمان محمد طه النائب الاول للرئيس السوداني وزعيم المتمردين جون قرنق في الاسابيع الاخيرة بشان منطقة ابيي الغنية بالنفط ومشكلة اقتسام السلطة.
وقال المتمردون ان احدث عقبة هي ان الحكومة تريد تطبيق الشريعة في العاصمة في حين تريد الحركة الشعبية لتحرير السودان استثناء غير المسلمين من احكام الشريعة.
وقال سامسون كواجي المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان للصحفيين "القضية الرئيسية التي عرقلت المحادثات هي القوانين التي تحكم الخرطوم."
واضاف "تصر الحكومة على انه يتعين ان يكون الجميع خاضعين للشريعة. نحن على الجانب الاخر نطالب... بالشريعة للمسلمين وقوانين علمانية لغير المسلمين."
وتابع ان المتمردين كانوا يريدون عدم فرض الشريعة في العاصمة الا انهم وافقوا على تطبيق كلا القانونين.
وبدات الحرب عام 1983 في جنوب السودان الذي يغلب على سكانه الوثنيون والمسيحيون بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة الاسلامية ويتعقد الصراع بفعل قضايا النفط والعرق.
وفي محاولة لتكثيف الضغوط على كلا الجانبين اجتمع تشارلز سيندر نائب وزير الخارجية الامريكي بالانابة مع طه وقرنق اليوم الاربعاء الماضي في بلدة نيفاشا الواقعة في وادي ريفت بكينيا.
واثارت اسابيع من الركود في المحادثات قلقا دبلوماسيا من أنه كلما تباطأت العملية لوقت اطول كلما زاد احتمال انهيارها.
وقال كل من وزير الخارجية وكواجي ان الجانبين ضيقا بشكل مهم هوة خلافاتهما بشان معظم القضايا البارزة.
وقال اسماعيل لرويترز في نيالا خلال زيارة الى دارفور في غرب السودان التي يندلع فيها صراع منفصل منذ اكثر من عام "في اعتقادي انه اذا تم التوصل الى اتفاق بشان مشكلة عاصمة وطنية فان الامر سيكون عندئذ مسألة ايام للتوصل الى اتفاق نهائي وبدء مرحلة جديدة في تاريخ بلادنا"
ومن ناحية اخرى، قال الوزير السوداني يوم السبت ان السودان سيبدأ تحقيقا فوريا لمحاكمة المسؤولين عن حملة اعمال العنف في منطقة دارفور المضطربة.
وياتي القرار بعد ارسال الامم المتحدة هذا الاسبوع بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في الصراع وزيادة الضغط على الحكومة السودانية فيما يتعلق باعمال العنف في المنطقة الغربية من البلاد المتاخمة لتشاد والتي وصفها مسؤولو الامم المتحدة بانها عملية تطهير عرقي.
وبدات جماعتا تمرد هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في شباط/فبراير العام الماضي حملة عسكرية ضد القوات الحكومية في دارفور قائلتين ان الحكومة سلحت الميليشا التى تطارد الافارقة وانها تجاهلت المنطقة لسنوات طوال.
وخلال زيارة الى دارفور قال اسماعيل ان سلطات الدولة في المنطقة ستقود التحقيقات وحث جماعات الاغاثة على امداد السلطات باسماء كل من تعرض لهجمات.
وقال للصحفيين ان الخرطوم تحتاج لاجراء هذا التحقيق مضيفا ان بعض هؤلاء الناس فقدوا منازلهم وهناك حاجة لايوائهم.
وقال ان البعض فقد ممتلكاته وهناك حاجة لبحث كيفية تعويضهم في اطار العودة الى طريق التعايش السلمي.
واضاف انه لا يمكن لهؤلاء الاعتقاد انه يمكنهم التصرف على انهم يتمتعون بحصانة مشيرا الى ان هذا ينطبق على زعماء الميليشيات والمتمردين والعصابات وكل من ينتهك القانون.
وتقدر الامم المتحدة ان اكثر من مليون شخص تأثروا نتيجة الصراع وان نحو 110 الاف لاجئ فروا الى تشاد المجاورة حيث تجري محادثات سلام مع الثوار تمخضت عن التوصل يوم الخميس لاتفاق هدنة.
وفي الاسبوع الماضي حذر كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة من ان عمليات ابادة جماعية على غرار ما حدث في رواندا ربما تكون وشيكة الحدوث وقالت ان تدخل قوة عسكرية دولية ربما يكون ضروريا في دارفور لكن حكومة الخرطوم رفضت الاقتراح وقالت انه لا حاجة الى مثل هذا التدخل.
وقال اسماعيل انه من المهم ان يعلم من يمارس اعمال العنف في دارفور انه ليس فوق القانون.
واضاف ان هذا هو سبب البدء فورا في هذا التحقيق مشيرا الى ان الخرطوم تقول علنا ان اي شخص سينتهك القانون سيعاقب.
وتحدث شهود في الاونة الاخيرة عن عمليات اعدام وشنق علني وحملات اغتصاب جماعية في المنطقة.
وفي واقعة منفصلة قالت قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية القطرية يوم السبت ان احد مراسليها واسمه اسلام صالح صدر ضده حكم بالسجن لمدة شهر بتهمة نشر معلومات زائفة.
وكانت حكومة السودان اغلقت مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم في كانون الاول/ ديسمبر
متهمة اياها بالتحيز فيما قالت الجزيرة انه يتعلق بتغطيتها للقتال الدائر في دارفور.
وقال الطاهر المرضي مراسل الجزيرة لرويترز من الخرطوم ان محاميي قناة التلفزيون قدموا استئنافا وطلبا لوقف تنفيذ الحكم.
وقال علي محمد عثمان ياسين وزير العدل السوداني ان صالح له حق استئناف الحكم وعليه ان يفعل اذا كان يشعر انه تلقى معاملة غير عادلة—(البوابة)—(مصادر متعددة)